أخباربأقلامهمسياحة وسفر

“سعيد جمال الدين” يكتب : هيئة تنشيط السياحة.. جهاز بلا روح و”أداة تنفيذية” بلا صلاحيات!

في يوم 20 أبريل، 2025 | بتوقيت 2:00 مساءً

رغم ما تمتلكه مصر من كنوز لا تضاهى، وآثار فريدة في التاريخ الإنساني، وشواطئ ومقومات بيئية وطبيعية لا تتوفر في دول سياحية منافسة مثل تركيا أو المغرب أو حتى دبي، إلا أن هيئة تنشيط السياحة – المعنية رسميًا بتسويق المقصد المصري عالميًا – باتت تمثل نقطة ضعف خطيرة في بنية القطاع السياحي، وتتحمل نصيبًا كبيرًا من أسباب تراجع مصر في المنافسة الدولية على حركة السياحة.

تفريغ الهيئة من الخبرات.. وغياب أهل الكفاءة

أولى أزمات الهيئة تتجسد في تفريغها ممن تربّوا داخل أروقتها لعقود، واكتسبوا خبرات نوعية في الترويج والتسويق وعلاقات قوية بأسواق الخارج.

هؤلاء تم تهميشهم أو دفعتهم الإحباطات إلى الاستقالة أو الحصول على إجازات مفتوحة بلا أجر، لينتقلوا إلى القطاع الخاص الذي احتفى بخبراتهم واستثمر علاقاتهم، خاصة ممن عملوا كمستشارين أو ملحقين سياحيين في مكاتب الهيئة بالخارج.

وفي المقابل، أصبح الاختيار قائمًا على “أهل الثقة” لا “أهل الخبرة، وتراجع الإعتماد على الكفاءات الحقيقية، ما أفرغ الهيئة من مضمونها المهني، وحوّلها إلى هيكل إداري لا طعم له ولا لون، تنقصه الرؤية وينقصه الفعل.

هيكلة أفقدت الهيئة صلاحياتها.. والرئيس التنفيذي بلا صلاحيات!

تغييرات هيكلية قادت إلى نزع الاختصاصات الفعلية من الرئيس التنفيذي للهيئة، الذي كان في الماضي صاحب القرار وصانع السياسات والاستراتيجيات، ليصبح في ظل الهيكلة الجديدة مجرد منفّذ لتوجيهات الوزير، ما أفقد الموقع القيادي روحه وأهميته.

ولا دليل أقوى من استقالة عمرو القاضي، الرئيس التنفيذي للهيئة، بعدما أدرك أن دوره اقتصر على تنفيذ التوجيهات فقط، دون قدرة حقيقية على اتخاذ قرارات تدعم أداء الهيئة، وهو ما وصفه مقربون بأنه “كان يعمل بلا أدوات.. في كيان بلا هوية“.

حملات تسويقية باهظة.. بنتائج هزيلة

لم يكن أداء الهيئة في الحملات الترويجية أفضل حالًا..فبالرغم من إنفاق ملايين الدولارات في حملات ترويجية على مدار السنوات الماضية، سواء في الأسواق الأوروبية أو العربية، إلا أن العائد كان ضئيلًا ولا يوازي ما تم إنفاقه.

ففي برامج التعاون مع منظمى الرحلات ووكالات السياحة بالخارج، والتي تقوم على دعم الكتالوجات الدعائية للمقصد المصري، تم استغلال الدعم الممنوح من الهيئة من قِبل تلك الوكالات لصالح ترويج وجهات سياحية منافسة، في حين ظهر المقصد المصري في الهوامش أو في صفحات باهتة، بلا محتوى جذاب أو مؤثر.

وهكذا، تحوّل الدعم المصري إلى دعم غير مباشر لمنافسين إقليميين، استفادوا من ضعف المتابعة، وغياب أدوات التقييم، وسوء التفاوض، وغياب الرؤية.

غياب الحضور الدولي الحقيقي

بينما تستعرض دول مثل تركيا والإمارات والمغرب حضورها القوي في المعارض والمحافل الدولية، عبر أجنحة متكاملة وفِرق مدربة واستراتيجيات مدروسة بعناية، تفتقد مصر ذلك الظهور الفاعل، حيث تكتفي الهيئة بمشاركة تقليدية تعتمد على الحضور الشكلي لا التفاعل، وعلى الكم لا الكيف.

النتيجة؟ غياب التأثير، وضعف التواجد في أذهان صُنّاع القرار السياحي بالخارج، وتراجع فرص مصر في كعكة حركة السياحة العالمية.

أخيرًا.. هل من أمل؟!!

إذا أرادت الدولة المصرية أن تستعيد دورها الريادي كوجهة أولى على خريطة السياحة العالمية، فعليها أن تبدأ بإعادة النظر جذريًا في دور وهيكلة هيئة تنشيط السياحة، وتكف يد التدخل الوزاري التنفيذي عن جهاز من المفترض أن يعمل بعقلية السوق والخبرة والديناميكية.

القطاع السياحي لا يحتمل العمل الروتيني، ولا القرارات البيروقراطية، ولا الاختيارات العشوائية، بل يحتاج إدارة مؤمنة بالخبرة، محكومة بالنتائج، وتحاسب على الأداء.

إن أريد الإصلاح ما أستطعت وماتوفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وعلى الله العلى القدير قصد السبيل

سعيد جمال الدين