أخباربأقلامهمسياحة وسفر

“سعيد جمال الدين ” يكتب : جمعيات “السياحة”.. شعارات” طنّانة” وواقع “نائم في الذرة”! ..”المنقذ المنتظر” الذي لم يأتِ قط!

في يوم 19 أبريل، 2025 | بتوقيت 3:30 مساءً

في كل مرة يُعلن فيها عن تأسيس جمعية أهلية جديدة تحمل اسم “سياحة” ضمن عنوانها الرسمي، تُزف إلينا الوعود الكبيرة: خطط استراتيجية شاملة، رؤى تنموية ثاقبة، برامج للتوعية والارتقاء، وتحقيق نهضة شاملة للقطاع السياحي الذي يعاني منذ سنوات. وبمجرد سماع تلك التصريحات الرنانة، تتفتح الأسارير ونصدق – كأننا نسمع بيان إعلان النصر – أن الحل قد اقترب، وأن هذه الجمعية ستكون طوق النجاة لصناعة السياحة المصرية!

لكن، ويا للأسف، لا يلبث هذا الحلم أن يتحول إلى سراب.

واقع مرير.. جمعيات السياحة بين الاسم الرنان والغائب الحاضر

جمعية الحفاظ على السياحة الثقافية، على سبيل المثال، بدأت ببريق واعد؛ عنوانها يشير إلى أسمى الأهداف: حماية الهوية، وصون التراث، ودمج السياحة الثقافية في صلب التنمية. لكن، أين هي من الصراعات التي تشهدها مواقعنا الأثرية؟ من محاولات التشويه البصري، ومن التعديات، ومن الإهمال؟ لم نرَ لها موقفاً أو بياناً أو حتى ندوة توعوية تُذكر.

جمعيات الاستثمار السياحي كذلك، يفترض بها أن تكون داعمة للقطاع من خلال جذب استثمارات جديدة، ودعم المشروعات السياحية، والتنسيق مع الجهات الرسمية لتذليل العقبات أمام المستثمرين. لكنها في واقع الأمر، لم تقدّم دراسة حقيقية واحدة تشرح أين الفرص وكيف يمكن تطوير المناطق الواعدة مثل الواحات أو الساحل الجنوبي للبحر الأحمر. وكأنها تعيش في كوكب آخر.

أما جمعيات دعم السياحة المصرية، فهي العنوان الأجمل بين الجميع. كيف لا، وهي “تدعم” السياحة؟ لكنها، وللمفارقة، لم نرها حاضرة في أزمات حقيقية كحملة الإساءة للسياحة المصرية في الإعلام الأجنبي، أو حين وُجِّهت اتهامات بالتقصير في استقبال الوفود، أو حتى في أبسط الأمور كالدفاع عن سمعة العاملين بالقطاع.

جميعهم “رؤساء” ولا أحد يعمل!

الأمر المضحك المبكي أن تشكيلات هذه الجمعيات تغصّ بالمناصب: هذا رئيس مجلس إدارة، وذاك النائب الأول، وذاك أمين عام، وهناك مدير تنفيذي، وأمين صندوق.. مناصب ومظاهر، لكنها بلا مضمون أو نتيجة. لا ورش عمل، لا ندوات حقيقية، لا مشروعات مدروسة، ولا حتى محاولات جادة للمشاركة في إصلاح ملف سياحي واحد!

أين كانت هذه الجمعيات حين كانت السياحة تحتضر؟

لقد شهدنا خلال السنوات الأخيرة أزمات متتالية في قطاع السياحة: من جائحة كورونا، إلى تراجع معدلات السياحة الثقافية، إلى أزمات التسويق وسوء الخدمة وغياب التدريب.

فأين كانت هذه الجمعيات؟ ولماذا لم تتحرك؟ وأين نتائج الخطط المزعومة؟ وماذا أنجزت “على الأرض” غير الكروت الشخصية والمناصب الفخرية؟

فلنسمِّ الأشياء بمسمياتها.. كفاكم تنظيراً!

القطاع السياحي المصري لا يحتاج إلى جمعيات “منظّرة” تكتفي بالتصريحات الصحفية والظهور في الندوات والاحتفالات، بل يحتاج إلى كيانات مدنية حقيقية، تعمل على الأرض، وتربط بين المهنيين وصناع القرار، وتقدم حلولاً عملية تستند إلى واقع القطاع وتحدياته.

لانريد أعباء جديد على قطاع مرهق

نحن لا نرفض وجود جمعيات المجتمع المدني في المجال السياحي، بل على العكس، نرحب بها ونأمل منها الكثير.

ولكن نرفض بشدة أن تتحول إلى عبء جديد على قطاع مرهق أصلاً.

نريد جمعيات تفكر وتخطط وتنفذ.. لا جمعيات تكتب “السياحة” في اسمها وتُعلق المناصب على الجدران وتكتفي بالتصوير في المناسبات.

كفاكم تنظيراً.. وارحمونا من هذه الكيانات الورقية!

إن أريد الإصلاح ما أستطعت .. ما توفيقى إلا بالله العلى العظيم .. عليه توكلت وإليه أنيب  ..وعلى الله العلى القدير قصد السبيل 

سعيد جمال الدين

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير لبوابة ” المحروسة نيوز “

عضو الجمعية المصرية للكتاب السياحيين 

رئيس شعبة الصحافة السياحية بنقابة الصحفيين