أخباربأقلامهممقالات الخبير الدولى علاء خليفة

الخبير الدولى ” علاء خليفة ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” ويطرح فكره : إنشاء وحدة الإستماع الإجتماعي ” Social Listening ” بهيئة التنشيط لتكون درع الدفاع الأول عن سمعه السياحة المصرية

في يوم 27 أبريل، 2025 | بتوقيت 2:00 مساءً

في زمن تتسارع فيه الأحداث، وتتضاعف فيه تأثيرات منشور على فيس بوك و تارة علي “تيك توك” وتاره علي يوتيوب أو تغريدة موجعه على “إكس”، لم تعد السياحة  الان مجرد زياره معابد وأهرامات و التواجد علي شواطئ. بل أصبحت تجربة متكاملة تبدأ من “الانطباع الرقمي”، وتمر بـ “رأي الجمهور”، وتنتهي عند قرار الحجز أو الإلغاء!

وبينما تستثمر الدولة المصرية، والقطاع الخاص، ملايين الجنيهات في حملات الترويج السياحي عالميًا، وتخوض معركة منافسة على جذب السائح بين عشرات الدول، يظهر لنا عامل حاسم في المعادلة لا يُمكن تجاهله: وهو الاستماع الاجتماعي (Social Listening).

حيث أصبح من الضروري أن تسبق هيئة تنشيط السياحة المصرية الأحداث والأزمات المحتملة من خلال تأسيس وحدة متخصصة في ” الاستماع الاجتماعي ” (Social Listening Unit)، تكون بمثابة الرادار الرقمي الذكي لرصد كل ما يُقال عن مصر كمقصد سياحي، وتحليل اتجاهات الرأي العام والتفاعل معها في الوقت المناسب.

 الرؤية والهدف من المقترح:

تحقيق تفاعل استباقي، ذكي، وفعّال مع المحتوى الرقمي العالمي المرتبط بالسياحة المصرية، بما يضمن حماية السمعة، ودعم حملات الترويج، وتحسين صورة المقصد السياحي عالميًا.

ما هو الاستماع الاجتماعي او ما يعرف ب Social listening؟

الاستماع الاجتماعي وعملية مراقبة وتحليل كل ما يُقال عن مصر كمقصد سياحي على الإنترنت، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي، أو مواقع التقييم السياحي، أو المقالات الصحفية العالمية. لا يقتصر فقط على الرصد، بل يتضمن التفاعل، والتفسير، والتصحيح، وصياغة ردود فعل استراتيجية فورية.

وحدة الإستماع الإجتماعى

ما هو الاستماع الاجتماعي (Social Listening) في ترويج السياحة؟

هو العملية التي تقوم من خلالها الجهات المعنية – مثل وزارة السياحة، أو شركات السياحة، أو هيئات تنشيط السياحة – بمراقبة وتحليل كل ما يُقال عن الوجهة السياحية (مثل مصر) على الإنترنت، بهدف:

  • رصد الانطباعات العامة
  • فهم تجارب الزوار
  • كشف الشكاوى أو التعليقات السلبية
  • التفاعل المباشر
  • معالجة الأزمات
  • تحسين استراتيجيات التسويق والتطوير

الفرق بين “الاستماع الاجتماعي” و”رصد وسائل التواصل” (Social Monitoring)

المفهوم  Social Listening الاستماع الاجتماعي     Social Monitoringالرصد الاجتماعي
الوظيفة فهم وتحليل المعنى وراء ما يُقال تتبع الإشارات والكلمات المفتاحية فقط
النطاق أعمق – يشمل التحليل والتفسير والاستجابة سطحي – مجرد مراقبة للمحتوى
الهدف تحسين القرارات، تطوير الخدمات، حماية السمعة معرفة ما يُقال وأين فقط
النتيجة تدخل استراتيجي وتفاعل ذكي تقرير إحصائي أو تنبيهات

كيف نستخدم الاستماع الاجتماعي في  ترويج السياحة؟

  1. رصد ما يُقال عن مصر:
  • هل يتحدث الناس بإيجابية عن زيارتهم لمصر؟
  • هل هناك شكاوى عن الخدمات، الأمن، أو الأسعار؟
  • ما هو الانطباع العام لدى السياح من مختلف الدول؟
  1. تحليل الاتجاهات والتوجهات:

مثلاً: إذا زادت المنشورات حول الإزعاج في منطقة معينة أو كثافة الباعة الجائلين عند الأهرامات، فهذا مؤشر يستدعي التدخل الفوري من الجهات المسؤولة.

  1. متابعة التقييمات على مواقع مثل:
  • TripAdvisor
  • Google Reviews
  • Booking
  • Instagram / TikTok / Facebook / X (Twitter)
وحدة الإستماع الإجتماعى

لماذا أصبح Social Listening ضرورة وطنية؟

  1. لأن السياحة لا تنتظر احد:

في عصر الانتشار الرقمي الواسع، قد تتحول تجربة فردية سلبية إلى أزمة سياحية حقيقية، إذا لم تُدار بالشكل الصحيح. ففي مقال شاهده الملايين على موقع “ديلي ميل” البريطاني، وصف أحد السائحين زيارته لأحد أبرز معالم مصر السياحية بأنها “الأسوأ على الإطلاق على وجه الأرض”. ورغم أن التصريح يعبّر عن رأي فردي، إلا أن انتشاره عبر منصات التواصل مثل فيسبوك، تويتر، ويوتيوب قد يُحدث ضررًا بالغًا بصورة الوجهة السياحية.

  1. هنا تبرز أهمية الاستماع الاجتماعي (Social Listening) كأداة استراتيجية ضرورية لرصد ما يُقال فورًا، وتحليل السياق، والتدخل السريع بتوضيحات رسمية ومعلومات دقيقة، مما يمنع التضخيم والتهويل.
  2. خذ على سبيل المثال ما حدث اليوم من غرق غواصة سياحية في الغردقة ومصرع ستة سياح. مثل هذا الحدث سرعان ما تنتشر بشأنه روايات متضاربة، تتضخم في غياب بيانات دقيقة وسريعة من الجهات المعنية، ما يفتح الباب لتفسيرات مغلوطة قد تؤثر فعليًا على قرارات السفر لدى مئات الآلاف من السياح المحتملين.
  3. من خلال الاستماع الاجتماعي، يمكن للجهات السياحية أن تتفاعل في الوقت الفعلي، وتصحح المعلومات، وتقدّم ردودًا سريعة مدروسة، مما يحدّ من الأثر السلبي ويعزز الثقة في الوجهة.
  4. . لأن ما يُبنى في شهور قد يُهدم في لحظات:

الجهود الجبارة التي تبذلها وزارة السياحة والآثار، ومعها هيئة تنشيط السياحة، ومكاتب مصر في الخارج، تُعرض يوميًا محتوى ترويجيًا احترافيًا، وتطلق حملات تحت مثل “Experience Egypt”.  وغيرها كل ذلك يمكن أن يتأثر بمنشور واحد يُعاد تداوله دون رد رسمي أو تفسير فوري.

  1. لأن Social Listening هو جزء من إدارة الأزمات:

في عالم السياحة، تُعد إدارة الأزمات من أهم عناصر الاستراتيجية. الأزمات قد تكون أمنية، أو بيئية، أو إعلامية – لكن جميعها تبدأ من انطباع أو رسالة تصل للناس بسرعة، وتنتشر أكثر من الحقيقة نفسها.

الاستماع الاجتماعي يُمثل “الرادار” الذي يرصد الشرارة الأولى لأي أزمة، ويُعطي المسؤولين إشعارًا مبكرًا للتدخل. سواء عبر إصدار بيان توضيحي، أو تقديم رد رسمي، أو حتى الاعتذار أو التحقيق إذا لزم الأمر.

وحدة الإستماع الإجتماعى

لماذا نحتاج الاستماع الاجتماعي في مصر الآن؟

  1. لأن السياحة أصبحت رقمية:
    أغلب السائحين يقررون وجهتهم بناءً على المحتوى الذي يشاهدونه على يوتيوب أو يقرأونه في تعليقات فيسبوك.
  2. لأن الصورة الذهنية تتشكل رقميًا أولًا:
    تجربة سائح واحد تنتشر عالميًا، سواء كانت إيجابية أو سلبية.
  3. لأننا في منافسة قوية مع وجهات مثل تركيا، المغرب، دبي، اليونان:
    هذه الدول تطبق Social Listening باحترافية منذ سنوات وتستثمر فيه لأنه يحمي سمعتها السياحية.
  4. لأن الاستماع الاجتماعي هو أداة حماية استباقية:
    يكشف عن المشاكل قبل أن تتحول إلى أزمات كبيرة، ويساعد على تحويل الشكاوى إلى فرص للتحسين.

 كيف يمكن تطبيق Social Listening بفعالية في مصر؟

  • إنشاء وحدة وطنية متخصصة

وحدة تعمل 24/7 داخل هيئه تنشيط السياحة او وزارة السياحة والآثار، هذه الوحدة ترصد كل ما يُنشر عن السياحة المصرية في  البلاد المختلفة وباللغات المختلفة.

  • استخدام أدوات ذكية عالمية:

مثل أدوات: Brandwatch، Meltwater، Mention، Sprinklr، Google Alerts Pro – لرصد الكلمات المفتاحية المرتبطة بمصر.

  • بناء فرق متخصصة للرد الفوري

تتكون من خبراء في السياحة، الإعلام، واللغات. يمكنهم الرد على التعليقات، أو إصدار توضيحات محترفة، أو حتى التواصل مع المنصات الصحفية الكبرى لتعديل المحتوى أو نشر وجهة النظر الرسمية.

  • الربط بين Social Listening واستراتيجيات الترويج

يجب أن يتم تحليل نتائج الرصد بشكل دوري لاستخلاص المؤشرات، والتوجهات، والانطباعات العامة، ثم استخدامها في الحملات الإعلانية وتطوير الرسائل الترويجية بما يتناسب مع احتياجات واهتمامات الجمهور العالمي.

وحدة الإستماع الإجتماعى

أمثلة ناجحة من دول سبقتنا في تطبيق Social Listening في السياحة

  1. مثال دبي – الإمارات العربية المتحدة:

حكومة دبي طورت نموذجًا متقدمًا في الرصد اللحظي للمحتوى الرقمي من خلال “دائرة الاقتصاد والسياحة”، حيث تتابع باستمرار جميع المنشورات والتقييمات المتعلقة بتجربة السائح في دبي، بما في ذلك مواقع مثل TripAdvisor، Instagram، TikTok، وحتى Reddit.
ما يميز دبي هو الرد المباشر والسريع، أحيانًا خلال دقائق، إضافةً إلى تقديم اعتذار رسمي أو تعويض عند الضرورة.
النتيجة: تصدرت دبي مؤشرات الأمان والرفاهية والرضا السياحي عالميًا، وأصبحت وجهة مفضلة للعائلات والمسافرين المنفردين.

  1. مثال اليونان:

خلال جائحة كورونا، تبنّت وزارة السياحة اليونانية استراتيجية ذكية تعتمد على تحليل محتوى السائحين من أكثر من 15 دولة ناطقة بلغات مختلفة، لرصد مدى استيعابهم للإجراءات الوقائية وتعليمات السفر.
النتيجة: تم إنتاج محتوى توعوي دقيق ومترجم، مما قلل من الشكاوى، وزاد من ثقة السائحين، وجعل اليونان واحدة من الدول القليلة التي تعافت سياحيًا مبكرًا بعد كورونا.

  1. تايلاند:

تُعد تايلاند من أكثر الدول دقة في تطبيق Social Listening، حيث تقوم الهيئة العامة للسياحة في تايلاند (TAT) بمراقبة أكثر من 400 كلمة مفتاحية يوميًا، تشمل أسماء الجزر، الفنادق، المطارات، الخدمات، وحتى الطقس والمواسم.
تُصدر تقارير تحليلية أسبوعية تُعرض على وزارة السياحة والخارجية، وتُستخدم لتعديل الحملات الإعلانية بما يتماشى مع توقعات السياح.
كما أن هناك تعاون وثيق بين وحدة الاستماع وبين الخط الساخن لخدمة الزوار لتسهيل حل المشاكل بسرعة.

  1. إسبانيا – (مقاطعة كتالونيا)

أنشأت كتالونيا وحدة استماع رقمية متخصصة برصد المحتوى المنشور عن برشلونة والوجهات الشاطئية والريفية.
لا تكتفي بتحليل المحتوى السلبي، بل تعتمد كذلك على تحليل المشاعر (Sentiment Analysis) لفهم التوجهات الإيجابية وتكرارها، وتضخيمها عبر حملاتها الدعائية.
النتيجة: زيادة عدد التفاعلات الإيجابية بنسبة 35% خلال صيف 2023 بعد تعديل لغة الإعلانات بما يتوافق مع انطباعات الزوار الرقميين.

  1. سنغافورة:

تعتمد هيئة السياحة في سنغافورة على دمج الذكاء الاصطناعي في نظام Social Listening لتحليل ملايين البيانات أسبوعيًا.
من خلال النظام، يتم تصنيف الشكاوى والملاحظات حسب الأهمية، وتُرسل تنبيهات مباشرة للفنادق أو الجهات المسؤولة لمعالجة الخلل.
مثال واقعي: تم اكتشاف شكاوى متكررة عن خدمة التاكسي الذكي، وتم تعديل سياسات شركات النقل بناءً على هذا الرصد.

  1. اليابان –مدينه كيوتو تحديدًا

استخدمت مدينة كيوتو الاستماع الاجتماعي لاكتشاف شكاوى الزوار الأجانب بشأن ازدحام المعابد، وسلوك بعض الزوار المحليين غير المرحب بهم أحيانًا.
أطلقت بعدها حملة “Be Respectful in Kyoto”، والتي نُفذت بـ 6 لغات، وتضمنت فيديوهات توعوية قصيرة نُشرت على TikTok وInstagram، واستهدفت السائحين من كوريا الجنوبية والصين وأوروبا.
النتيجة: تحسنت تقييمات الزوار بنسبة 22% على مواقع الحجز خلال 6 أشهر فقط.

الاستماع الاجتماعي هو جزء لا يتجزأ من منظومة تنشيط السياحة:

لم يعد الاستماع الاجتماعي مجرد أداة تقنية، بل أصبح خط الدفاع الأول لحماية سمعة السياحة المصرية، بل ورافدًا مباشرًا لاستراتيجية التنشيط.

هو ليس فقط لرصد المشاكل، بل لتحديد الفرص – من تعليقات السياح يمكننا معرفة ما يُعجبهم، وما يحتاجونه، وما يُدهشهم، لنبني عليه محتوى أكثر فاعلية.

وأخيرا، الاستماع الاجتماعي ليس رفاهية، بل هو ضرورة استراتيجية:

  • هو “أذن مصر الذكية” على العالم الرقمي.
  • هو درع لحماية سمعة السياحة المصرية.
  • وهو آلية ذكية لدعم حملات الترويج ومجهودات الدولة في تنشيط السياحة.
وحدة الإستماع الإجتماعى

دعم مباشر وفوري لمجهودات الدولة:

فكما نبني المتاحف والطرق، يجب أن نبني أدوات رقمية تراقب وتحلل وتحمي صورة مصر عالميًا

في الوقت الذي تُبذل فيه جهود عظيمة من الدولة المصرية لإعادة السياحة إلى ريادتها العالمية، لا يمكن أن نسمح لأخبار فردية أو محتوى سلبي على وسائل الإعلام أن يُهدر تلك المجهودات.

لذا، فإن دمج Social Listening في استراتيجية الدولة السياحية للتسويق لا يُعد رفاهية، بل هو ضرورة وطنية. هو دعم مباشر، سريع، وذكي لحماية صورة مصر، والدفاع عن تراثها، وضمان أن تكون تجربة السائح إيجابية ليس فقط على الأرض، ولكن أيضًا على كافة المنصات الرقمية وغيرها.

إن إنشاء قسم الاستماع الاجتماعي داخل هيئة تنشيط السياحة ليس مجرد أداة تكميلية، بل هو ضرورة وطنية واستراتيجية عاجلة لضمان حماية سمعة السياحة المصرية، ودعم استثمارات الدولة في الترويج السياحي، والتعامل السريع مع الأزمات، وتحويلها إلى فرص.

وانا على استعداد كامل لتقديم خطة تنفيذ تفصيلية كامله وشامله، وتدريب الفريق، وتقديم الدعم الفني والتقني لإنجاح هذا القسم من اليوم الأول.

كاتب المقال
علاء خليفة
الخبير السياحي الدولي في مجال التسويق السياحي والفندقي.
محاضر في التحول الرقمي في قطاع السياحة والفنادق.
عضو المجلس السياحي المصري وعضو جمعية السياحة الثقافية.
ورئيس مجلس إدارة شركة خبراء الديجتال لادراه العمليات التسويقية الدولية بمصر والامارات.
رئيس مجلس اداره شركة EGY Trace العالميه
وعلى مدار أكثر من 35 عامًا، تدرج علاء خليفه في العديد من المناصب فى قطاع السياحة والتسويق وتنمية الأعمال في القطاع السياحي والفندقي ، وبفضل هذه الخبرة الطويلة والدراسة المتخصصة يضع خطط تسويقية وحلول استراتيجية لتسويق المقاصد العربيه والدولية و تحسين التجربة السياحية وتنفيذ حملات التسويق المشتركه والعلاقات العامة.

للتعرف وللمزيد من المقالات للكاتب  أدخل على الرابط التالى

الرئيسية

https://elmahrousanews.com/?s=%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%A1+%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%81%D8%A9+