آثار ومصرياتأخبار عاجلةالمنطقة الحرةسلايدر

“الدكتور محمد عبد اللطيف” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” سلسلة مقالات بعنوان” منارات إسلامية فى البلاد العربية” : “ المسجد الحرام بمكـة المكرمـة ”

في يوم 11 أبريل، 2022 | بتوقيت 2:00 مساءً

يعد المسجد الحرام أول مسجد وضع للناس على وجه الأرض حيث قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم   (إن أول بيت وضع للناس الذى ببكة مباركاً وهدى للعالمين) صدق الله العظيم (سورة آل عمران الآية 96) ،

ولقد ذكر الله عز وجل المسجد الحرام فى القرآن الكريم فى خمسة عشر موضعاً ، وذلك تكريماً من الله سبحانه وتعالى لأن هذا المسجد هو أعظم مسجد فى الإسلام ويقع فى قلب مدينة مكة المكرمة فى غرب المملكة العربية السعودية وتتوسطه الكعبة المشرفة التى هى أيضاً أول بناء وضع على وجه الأرض وهذه هى أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض عند المسلمين ،

والمسجد الحرام هو قبلة المسلمين فى صلاتهم ، وقد سمى بالمسجد الحرام لحرمة القتال فيه منذ دخول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم منتصراً بفتح مكة الذى تم فى شهر رمضان من العام الثامن للهجرة الذى وافق شهر يناير من عام 630 م.  

وعقب الفتح مباشرة أمر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم  بتطهير الكعبة مما فيها من تماثيل وأصنام كما أمر بكسوتها وتطيبها بالعطور ، إلا أن المسجد الحرام فى عهد الرسول لم يكن له حدود وإنما كانت تحيط به الشوارع والمنازل الخاصة بأهل مكة وظل هكذا طوال عهد أبو بكر الصديق رضى الله عنه .

ولكن فى عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه زاد عدد المسلمين بشكل كبير بعد انتشار الفتوحات الإسلامية وزاد معه بالطبع عدد الحجاج من البلاد الإسلامية فقرر عمر بن الخطاب إجراء أول توسعة فى المسجد الحرام فقام بشراء عدد كبير من المنازل المجاورة وأحاطه بجدران تحميه .

كما أنه قام بتحريك مقام سيدنا إبراهيم وأعاده قليلاً إلى الخلف حيث كان ملاصقاً لجدران الكعبة وذلك للتسهيل على المسلمين الطواف حول الكعبة وكذلك لحماية مقام إبراهيم عليه السلام ، وكذلك قام سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه فى عام 26 هـ/ 646م بعمل توسعة أخرى للمسجد الحرام وبنى به أروقة ويعتبر عثمان بن عفان أول من بنى للمسجد الحرام أروقة به.

كما قام عبد الله بن الزبير عام 65 هـ/ 684م بعمل توسعة وزيادة كبيرة للمسجد الحرام ، وعمره بعد ذلك عبد الملك بن مروان ولم يزد فيه ولكنه رفع جدار المسجد وأحضر إليه أعمدة قوية من الرخام والحجارة وذلك من مصر وبلاد الشام .

ويرتبط عصر عبد الملك بن مروان بأن بدأت فيه الصلاة فى المسجد الحرام بشكل دائرى حول الكعبة وقد كان المصلون من قبل يقفون خلف الإمام فى مواجهة الكعبة ولكن تغير ذلك بناءاً على أوامر من خالد بن عبد الله العشرى الذى كان والياً لمكة فى عصر عبد الملك بن مروان واستمر ذلك حتى الآن.

واستمرت أعمال الإصلاح والزيادة فى عمران المسجد الحرام على مختلف العصور لإدراك المسلمين وحكامهم لما فى ذلك من قيمة دينية وروحية فى نفـوس المسلمـين ، ومن بين هذه الأعمال ما قام به السلطان المملوكى الناصر محمـد بـن قـلاوون عام 736 هـ/ 1335م الذى قام بتعمير الأساطين حول المسجد الحرام ووضع بين كل أسطـوانـين عـارضـة مـن الخشـب لتعـلـق فيها القناديل للإضاءة ،

أما فى عام 882 هـ/ 1477م فقد رمم السلطان قايتباى بعض أجزاء المسجد الحرام وأضاف إليه مئذنة وباباً وأقام بجواره مدرسة كبيرة لتدريس علوم الدين ، كما أنه كان للسلاطين والخلفاء العثمانين دور كبير فى تعمير المسجد الحرام ومن أبرزهم السلطان سليمان عام 972 هـ/ 1564م والسلطان مراد الثالث عام 989 هـ/ 1581م وللمسجد الحرام حالياً تسع منارات يبلغ ارتفاعها 89 مترا كما أنه له تسع وسبعون باباً ، وعلى أية حال فإن ملوك المملكة العربية السعودية كان لهم دور بارز فى تعمير المسجد الحرام وإن أعظم هذه التوسعات هى التى تمت فى عام 1409 هـ/ 1988م فى عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز والتى أصبحت فى عهده مساحة المسجد تصل إلى (328000 متراً) وتتسع لحوالى مليون مسلم.

الأستاذ الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف
الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف، عميد كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة

بقلم

الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف

عميد كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة

أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بجامعة المنصورة

مساعد وزير الآثار السابق

رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية الأسبق

بالمجلس الأعلى للآثار

   

مقالات ذات صلة