ونحن نحتفل هذه الأيام بذكرى مرور عشر سنوات على قيام الشعب المصري بثورته للتخلص من حكم الإخوان يوم 30 يونيو لتصبح أقوى ثورة شعبية منذ 1919 في تاريخ مصر، والتي استشعر فيها شعب مصر بخطورة حكم الإخوان على مصر في الفترة القادمة،
وفور تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد حكم البلاد كانت أحد أهدافه الرئيسية إعادة تطوير الجيش المصري نظرا للأخطار التي بدأت البلاد تتعرض لها في هذا التوقيت من تاريخ مصر.
وفي البداية، اسمحوا لي أن أعرض اننا نتعلم نتعلم من التاريخ، وبالذات تاريخ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، عندما كان يحكم كوبا حاكم اسمه باتيستيا. وقامت ثورة ضده بقيادة فيديل كاسترو ذات الميول الشيوعية. وفور توليه حكم البلاد، أقام على الفور علاقات صادقة وتعاون مع الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت وبالطبع كوبا هي دولة ملاصقة تماما للولايات المتحدة الأمريكية. وتعتبر ضمن دائرة الأمن القومي المباشر لأمريكا، وفجأة وجدت الولايات المتحدة أن الاتحاد السوفيتي قد اقام الصواريخ السوفيتية الباليستية بعيدة المدى على أرض كوبا الملاصقة لأمريكا.
هذا الأمر اعتبرته الولايات المتحدة تهديدا مباشرا لأمنها القومي. وكاد الرئيس الأمريكي جون كينيدي ان يستخدم القوة النووية الأمريكية لإزالة كوبا من الوجود بما عليها من صواريخ سوفيتية. واستمرت هذه الأزمة 14 يوما والتي تعرف باسم أزمة الصواريخ الكوبية، او ازمة خليج الخنازير وانتهت بسحب الاتحاد السوفيتي. صواريخه من كوبا.
هذا الحدث أعطى مثالا للجميع أن أي دولة لن تسمح بوجود تهديد أمني مباشر لها من جيرانها. وأعتقد أن ذلك ما حدث عندما قامت روسيا بالهجوم على أوكرانيا يوم 24 فبراير 2022، عندما أعلنت أوكرانيا أنها ستنضم لحلف الناتو، وبذلك سيصبح على حدود روسيا قوات من 30 دولة من حلف الناتو، ومن هذا المنطلق أصبح معروفا الجميع أن أي دولة يجب أن تكون لها القدرة بألا تسمح أن تهدد حدودها المباشرة بتهديد أجنبي.
وحاليا فإن مصر لأول مرة في تاريخ تجد أن اتجاهاتها الاستراتيجية الأربعة مهددة في وقت واحد. هناك الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي، أو كما يطلق عليه الاتجاه السيناوي. فهذا الاتجاه كان معبر كل التهديدات لمصر عبر التاريخ منذ عهد الهكسوس من 4000 سنة. وبعدها التتار، والحملة الصليبية وغيرهم، حتى إسرائيل في حرب 1956 و1967، ثم احداث الإرهاب وأخيرا جاء التوتر بعد احداث حماس مع إسرائيل بعملية طوفان الأقصى
ثم يأتي الاتجاه الاستراتيجي الغربي، ويقصد به حدودنا مع ليبيا الشقيقة، هذا الاتجاه لم يكن في يوم من الأيام تهديدا لأمن مصر القومي، والآن نجد بعد رحيل الرئيس القذافي أنه أصبح مصدرا للتهديد المباشر للأمن مصر بوجود المرتزقة من شمال سوريا وقوات تركيا. والعناصر الإرهابية في داخل ليبيا.
كذلك، فإن عدم الاستقرار في ليبيا، التي لم تستطع حتى الآن انتخاب رئيس للدولة وبرلمان ليعود لها الاستقرار. وفي الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي، نجد السودان وحوض نهر النيل، لم يكن من قبل يوجه أي تهديد لمصر من هذا الاتجاه، بل كانت في يوم من أيام مصر والسودان دولة واحدة.
والآن، تدهور الموقف في السودان الذي دخل في نفق مظلم. كما أن حوض نهر النيل، وبالذات أثيوبيا، التي تصل إلينا. حوالي 85% نهر النيل أصبح مصدرا لتهديد مصر، وهو الأمن المائي بعد بناء أثيوبيا سد النهضة وترفض التوقيع على اتفاقية تنظيم تدفق مياه نهر النيل طبقا لقوانين الأمم المتحدة والأحقية التاريخية لمصر في مياه نهر النيل،
ثم يجي أيضا أمن البحر الأحمر الذي أصبح مهددا بعد استيلاء الحوثيين على اليمن، وبالتالي مضيق باب المندب الذي يتحكم في مدخل قناة السويس، مصدر الدخل لمصر حاليا 10 مليار دولار سنويا.
ويأتي بعد ذلك الاتجاه الاستراتيجي الشمالي، ويقصد به البحر المتوسط الذي أصبح منطقة أطماع الجميع. بعد اكتشاف الغاز في هذه المنطقة وخاصة مصر باكتشاف حقل ظهر أكبر حقل للغاز في البحر المتوسط الآن. حيث يتم الاكتشافات البترولية الجديدة، حتى أن هناك 64 منطقة اكتشاف جديدة أمام السواحل المصرية، ظهر منها حقل جديد وهو النرجس أمام العريش،
وللآن لم يتم تحديد احتياطيات هذا الحقل الجديد. كل هذه الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة المهددة. دعت القيادة المصرية إلى تدعيم القوى العسكرية لتكون أكبر قوة عسكرية في المنطقة العربية وأفريقيا، وأن يكون الأسطول البحري المصري هو السادس عالميا في ترتيب القوى العسكرية، بهدف تأمين المجري الملاحي في البحر الأحمر لقناة السويس، ولتأمين استثمارات الغاز. في منطقة شرق المتوسط،
وأعتقد أنني كنت دائما أردد أن أي تهديد مستقبلي لمصر في الفترة القادمة سيكون في اتجاه. استثماراتنا في البحر المتوسط التي ستكون مطمعا للآخرين ما لم تكن لدينا القوة العسكرية التي تحميها وتؤمنها ولعل ابسط مثال على ذلك هو استيلاء إسرائيل على البلوك رقم 9 في المياه الاقتصادية اللبنانية فقط لان لبنان لا تملك قوة عسكرية تحمي ممتلكاتها، لذلك تعاقدت لبنان مع مصر لتمويلها بالغاز بعقد لمدة خمسة سنوات، حيث أن حقولها استولت عليها إسرائيل لأنه ليس لديها قوة بحرية تحمي استثماراتها في البحر المتوسط،
من هنا قامت مصر بشراء أربع فرقاطات من ألمانيا وهي أحدث الأنواع في العالم ثلاث منها سيتم شرائها وصل منها اثنان حتى الآن إلى ميناء الإسكندرية والثالثة في نهاية هذا العام أما الرابعة فسيتم تصنيعها في ترسانة الاسكندرية البحرية كذلك تم شراء أربع غواصات حديثة متطورة من ألمانيا، ثم باقي الفرقاطات من فرنسا وإيطاليا، ثم إثنين حاملة مروحيات ميسترال من فرنسا، وهي أول حاملات تدخل منطقة الشرق الأوسط، علاوة على طائرات الرافال الفرنسية، والميج 29 الروسية، والطائرات المسيرة بدون طيار التي سيتم تصنيعها في مصر. علاوة على تحديد تحديث القوات المدرعة المصرية التي أصبحت كلها. دبابات أمريكية الصنع، وتم الاستغناء على الدبابات الروسية القديمة،
كما تم تصنيع المدفع الكوري الجديد في المصانع المصرية الحربية المصرية وغيرها من الصفقات مع الولايات المتحدة الأمريكية. كذلك تم تحديث جميع مصانع الهيئة العربية للتصنيع ومصانع. وزارة التصنيع الحربي، كل ذلك بهدف أن يكون لمصر قوة عسكرية تردع جميع الأطراف في المنطقة. التي تهدد الأمن القومي وتحمي استثماراتنا في المنطقة لأن مصر ليس هدفها الحرب ولكن هدفها منع الحرب لتحقيق السلام بالقوة العسكرية وهذه فلسفة مصر في الايام القادمة بالقوة العسكرية تحمي سلام.