أخبار عاجلةالمنطقة الحرةسلايدر

”محمود عبد المنعم القيسونى” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” عن : ” واحة ومركز الداخلة ” ..كنوز منسية تحتاج رعاية وإهتمام

في يوم 29 مارس، 2022 | بتوقيت 2:00 مساءً

مركز وواحة الداخلة أى الداخلة لعمق الصحراء الغربية يقع فى نطاقها أهم وأغنى الكنوز والظواهر الجيولوجية وفجر تاريخ الإنسان المصرى الأول والعصور التالية.

هى أقرب واحات مصر لقطاع الجلف الكبير وجبل العوينات بالركن الجنوبى الغربى لمصر، حدودها الغربية مع ليبيا والجنوبية مع السودان، عاصمتها موط وعلى بعد 32  كيلومترا من عاصمتها يقع أثر من أقدم الآثار الإسلامية على أرض مصر وهى قرية القصر الإسلامية والتى استقبلت القبائل الإسلامية عام خمسين هجريا.

وبها بقايا مسجد ومئذنة وقصر الحاكم ومدرسة ومساجد من العصر الأيوبى والتركى والمملوكى. عليها ألواح خشبية منقوشة بآيات قرآنية.. وقد تم بناء فندق ممتاز على الربوة المطلة على القرية نال جوائز دولية.

يوجد بالواحة سبعة فنادق برخص سياحية، وفندقان برخص محلية، كما يوجد بالواحة العديد من المواقع الأثرية الهامة مثل القلمون والتى بها أطلال من المساكن المبنية باللبن على الطراز الإسلامى أمثال: درب الغبارى على مشارف مدخل الواحة؛ حيث تنتشر بها صخور الحجر الرملى والتى عليها نقوش بدائية لإنسان ما قبل التاريخ، والبشندى وهى قرية على الطراز الفرعونى وبها معبد ومقبرة الحاكم الرومانى، منقوش على جدران حجرة الدفن نقوش تعبر عن عملية التحنيط ومحاكمة الميت فى محكمة أوزوريس. كذلك توجد مقبرة إسلامية خاصة بالشيخ بشندى التركى أحد حكام الواحة.

بلدة القصر الإسلامية (كانت فى عهد الفراعنة تعرف باسم عين الأصيل) وهى من المزارات الهامة بالواحة حيث يوجد بها المقابر الستة الفرعونية ومسلتان صغيرتان، وقد عثرت بعثات التنقيب على كثير من الأوانى الفخارية والمرمرية والتمائم الذهبية والعديد من التماثيل المزوقة وهى عبارة عن مقبرتين الأولى للحاكم الرومانى والثانية لمساعده وزوجته مزركشتين بنقوش ملونة زاهية وواضحة تمثل خيرات الواحات، ورسومات كاملة لإله النيل وإله الزرع والحقول ورسومات للفواكه والطيور والفراش.

على السقف رسم كامل بالألوان للأبراج السماوية أجمل من الموجود بمعبد دندرة بمحافظة قنا. هناك معبد دير الحجر وهو معبد رومانى جدرانه مغطاه بالنقوش مخصص لعبادة الإله آمون رع وكان الرومان يلقبون هذه المنطقة بمكان القمر. أيضا قرية أمهده وبها أطلال مدينة فرعونية على مساحة مائة وخمسين فدانا كانت تعج بالمعابد الكبيرة وقد استخدم الأهالى أحجارها فى بناء مساكنهم وسواقيهم لرى أراضيهم.

ضمن الفنادق والمنتجعات الجميلة والمنتشرة بالواحة يوجد فندق ثانٍ نال عدة جوائز دولية وجذب أشهر نجوم السينما الأمريكية وعائلاتهم أمثال روبرت دينيرو وهارفى كايتيل وأسر ملكية من أوروبا.

جنوب غرب مركز الواحة توجد محمية الجلف الكبير والذى اكتشفه الأمير كمال الدين حسين عام ١٩٢٥ وأعطاها هذا اللقب وذلك بعد رحلة استخدم فيها عربتين مجنزرتين تم صنعهما بفرنسا خصيصا له (أعلنت محمية بقرار من رئيس مجلس الوزراء عام ٢٠٠٧).

هنا فجر تاريخ مصر ومنطقة تتمنى صناعة السينما العالمية تصويره وتصوير عدة أفلام به لثرائه التاريخى والطبيعى.

ارتفاع الهضبة كيلومتر ومساحة كامل المحمية ٤٨٥٢٣ كيلومترا مربعا وهى التى تضم جبل العوينات الجرانيتى الذى يصل ارتفاعه نحو اثنين كيلومتر فوق سطح البحر وعلى صخوره تشكيلة من نقوش ورسومات إنسان العصر الحجرى ونقوش فرعونية.

كما تضم منطقة السيليكا الزجاجية والتى تقع على مسافة ٥٠ كم من الحدود المصرية الليبية جنوب كثبان بحر الرمال الأعظم والتى تكونت بفعل صدمات نيزكية أدت إلى الصهر السريع والمفاجئ لصخور الحجر الرملى من تأثير الحرارة الشديدة المتولدة ثم التصلب السريع للمصهور نتج عنه تكون مادة شفافة نادرة وقيمة من الرمل المخلوطة بذرات نيازيك قادمة من كواكب سحيقة تتباين فى ألوانها من الأخضر الداكن أو الأخضر المائل للاصفرار أو ألأبيض أو الأسود وهى التى تكونت منذ نحو ٢٨ مليون سنة (للأسف قام مغامر أجنبى منذ نحو خمسين سنة بالاستيلاء على كمٍّ هائل منها وتهريبها عن طريق عبور الحدود لليبيا وتصديرها لبلاده حيث بيعت بالجرام).

كما تضم المحمية وادى صوره غرب الهضبة والذى تنتشر به الكهوف الغنية بنقوش ورسومات إنسان ما قبل التاريخ وأشهرها كهف السابحين والذى ظهر نموذج منه طبق الأصل تم تصنيعه وبناؤه فى المغرب لصالح إنتاج فيلم أمريكى ضخم باسم المريض الإنجليزى والذى نال تسع جوائز أوسكار عام ١٩٩٦.

حاولت الشركة المنتجة تصوير الفيلم بالكامل بمواقعه الأصلية بمصر لكن للأسف التعقيدات والإجراءات والرسوم المبالغ فيها والمطلوب تسديدها لعدة جهات دفعت الشركة المنتجة إلى التوجه لمملكة المغرب، حيث لا تعقيدات ولا إجراءات عقيمة مطولة ولا حتى رسوم وهو ما كان نتيجته بناء كهف مماثل وبناء فندق مشابه لفندق الميناهاوس المصرى ليتم تصوير الفيلم (المرتبط بمصر) بالكامل بالمغرب.

تلا ذلك بناء معابد فرعونية وقرى مشابهة لقرى مصر وتصوير كامل الأفلام المرتبطة بتاريخ مصر بواحة مغربية تحقق مكسبا سنويا يتعدى السبعين مليون دولار والفيلم المقصود يسرد فترة من قصة النبيل المغامر المجرى الكونت لازلو ألماسى.

والذى عاش بمصر بعد الحرب العالمية الأولى وحتى قيام الحرب العالمية الثانية، حيث انضم لقوات المحور، خلال سنين إقامته كان من المستكشفين المهمين للصحراء الغربية وكان أول من طار بطائرة ذات محرك واحد فوق بحر الرمال الأعظم.

كما تولى قيادة قافلة صغيرة فى يوم ١٩٣٤/٣/٥ استغرقت ٣٤ يوما للجلف الكبير وجبل العوينات ضمت صحفيا من جريدة الأهرام السيد/ حسن صبحى (أول صحفى مصرى يصل لقطاع الجلف الكبير والعوينات)، وخمسة أجانب من عائلات أوروبية نبيلة، واثنين سائق سودانى وطاهٍ، تحركوا جميعا بخمس سيارات وعند بلوغهم الجلف تم وضع نصب من الرخام تخليدا وتكريما للأمير كمال الدين حسين والذى توفى بفرنسا فى أغسطس ١٩٣٢.

نشرت جريدة الأهرام تفاصيل هذه الرحلة ابتداء من يوم18 إبريل 1934 يوميا ولعدة أسابيع. ولخبرة ألماسى الكاملة بتضاريس الصحراء الغربية قام بقيادة أخطر عملية نقل جواسيس ألمان من طرابلس ليبيا مخترقا الجلف الكبير من ممر العقبة غرب الهضبة إلى أسيوط وسط القوات البريطانية أيام الحرب العالمية الثانية.

وهى العملية التى لقبها بالسلام بينما لقبها البريطانيون بمفتاح ربيكا.

كانت تفاصيل العملية بعلم اثنين من الضباط المصريين وهما عزيز المصرى والذى تولى بعد ذلك أركان حرب وزارة الحربية، ومحمد أنور السادات والذى أصبح رئيس مصر.

كهف المستكاوى

كهف المستكاوى والذى به رسومات للزراف وللقرود وحيوان يشبه الأسد وكهوف أخرى غنية بهذه الرسومات البدائية ومنها رسومات غريبة ومحيرة. كما تضم المحمية وادى عبدالملاك ووادى بخت ووادى حمرا وهو الثرى بالمناظر الطبيعية الجميلة وتنوع بيولوجى ورسومات إنسان ما قبل التاريخ الملونة الجميلة وهى عناصر جذب سياحى هامة.

كما يوجد بها رواسب بحرية قديمة وأدوات تشير إلى إقامة الإنسان المصرى الأول فى هذا القطاع.

يضم القطاع أيضا العديد من الآثار الفرعونية ويعيش بها اليوم الغزلان والكبش الأروى وثعلب الرمال وبها تجمعات من أشجار السنط ونباتات متحفرة فى الصخور.

هذا القطاع جذب أيضا اهتمام وكالات الفضاء الدولية؛ حيث اكتشفوا من دراسة صور الأقمار الصناعية ما يثبت وجود أكبر وأقدم حقل صدمة نيزكية فى العالم على مساحة ٤٥٠٠ كم مربع منتشر بها الفوهات والتى بلغ عددها ٥٧ فوهة إحداها بلغ قطره ثلاثة كيلومترات وعمقها ثمانون مترا، وثبت مطابقة تضاريس هذا الحقل لتضاريس سطح القمر، وحتى اليوم دراسات الأقمار الصناعية مستمرة لكامل هذه الفوهات؛ حيث يأمل العلماء وجود نيازك فى أعماقها تعينهم على دراسة جيولوجيا كواكب المجموعة الشمسية.

كما اكتشف فى مارس من عام ٢٠٠٦ فوهة عملاقة قطرها ٣١ كم. وعام ٢٠٠٥ قام اثنان مصوران فرنسيان بالإقامة نحو ثلاثة شهور بهذا القطاع التقطا خلالها آلاف الصور لرسومات ونقوش إنسان العصر الحجرى المنتشرة بالقطاع وتم طبع كتاب ضخم فاخر باهظ الثمن بعنوان (صحراء النيل) ضم كامل هذه الصور.

قامت بعثة ألمانية أيضا بالتنقيب عن آثار إنسان العصر الحجرى بهذا القطاع لمدة تعدت الستة وعشرين موسما شتويا، وسجلوا اكتشافات بالغة الأهمية. أخيرا فى الأسواق العالمية يوجد كم هائل من الكتب والأفلام التى غطت كامل تفاصيل وتاريخ واحة الداخلة، وما هو فى نطاقها وهى بلا شك تستحق هذا الاهتمام العالمى.

هناك اتفاقية دولية معطلة (للأسف لظروف المنطقة) تحت علم الأمم المتحدة واليونيسكو لإدراج جبل العوينات (والذى صوره لأول مرة أحمد باشا حسنين عام ١٩٢٣ أثناء رحلته التاريخية والتى اكتشف خلالها واحتين مجهولتين للعالم) ضمن قائمة التراث الطبيعى والثقافى العالمى عقدت لها ــ أواخر عام ٢٠٠٤ ــ ورشة لمناقشة هذا المشروع بمدينة طرابلس ليبيا بحضور ممثلى الثلاث دول المشاركة فى هذا الجبل مصر والسودان وليبيا.

خلال الورشة تم الاتفاق على اتخاذ الخطوات القانونية لـتأمين وحماية كنوز هذا الجبل وتشكيل لجنة ثلاثية للمتابعة مع إجراء مسح شامل للقطاع.

مصر أم التاريخ وصحراؤها أجمل صحارى العالم

كاتب المقال

محمود عبد المنعم القيسونى

الخبير الدولى فى شئون السياحة والبيئة

أول رئيس لجنة للسياحة البيئية بالاتحاد المصرى للغرف السياحية

أول رئيس لجنة للسياحة البيئية بالمجالس القومية المتخصصة، التابعة لرئاسة الجمهورية.

ممثل مصر فى كل المؤتمرات الدولية تحت علم الأمم المتحدة ومنظمة السياحة العالمية الخاصة بهذا النشاط الجديد.

 عضو منتخب باللجنة الدولية لأخلاقيات السياحة، التابعة لمنظمة السياحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة لمدة خمس سنوات

ومستشار متطوع لوزير السياحة ووزيرة البيئة لشؤون السياحة البيئية سبع سنوات

 

   

مقالات ذات صلة