أخبار عاجلةالمنطقة الحرةسلايدرشئون مصرية ومحليات

مقال قديم جديد ..”محمود عبد المنعم القيسونى” يكتب عن : قرارات “والدى” هى الحل

في يوم 8 مارس، 2022 | بتوقيت 2:00 مساءً

شاء قدر والدى المغفور له بإذن الله تعالى  المرحوم الدكتور عبدالمنعم القيسـونى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء للاقتصاد والخزانة والتخطيط فى عهد المرحوم الرئيس جمال عبدالناصر والمرحوم الرئيس محمد أنور السادات، أن يرتبط اسمه سنويا بشهر يناير وما حدث فى هذا الشهر عام ألف وتسعمائة وسبعة وسبعين 1977 من مظاهرات مدبرة أشعلت النيران فى المواصلات العامة ودمرت المتاجر والممتلكات العامة والخاصة بالقاهرة وبعدة محافظات أخرى رداً على إعلان قراراته الاقتصادية الهادفة للخروج بمصر من أزمتها الاقتصادية الطاحنة.

فأشد ما أحزنه هو أنه دون مبالغة أُجبر على دخول الوزارة رغم حالته الصحية (لم تمض شهور على جراحة قلبه) وفرض رغماً عنه على وزارة انعدم فيها التعاون والتفاهم والانسجام، وهو ما عزل المجموعة الاقتصادية تماماً، مما شكل عائقا سلبيا مؤثرا فى أعمالهم وإنجازاته.

وكانت النتيجة الحتمية هى انفجار الشارع المصرى، الذى لم يكن على علم كامل ولا دراية بتفاصيل وأسباب القرارات الاقتصادية، بسبب التعتيم الإعلامى بل نشر وعود زائفة لم تصدر من المجموعة الاقتصادية، ولم يكن أصلاً مستعدا لتقبلها بعد مرور سنين عجاف وتقشف بسبب ظروف النكسة ثم حرب أكتوبر.

وكانت قرارات القيسـونى هى الحل والعلاج الوحيد العملى الذى يمكن وضعه فى ذلك الوقت حسب ما طبع بالكتب العالمية المتخصصة والموجودة اليوم بمكتبة الكونجرس الأمريكى، ولم يكن هناك حل آخر، حيث إن أى تأخير فى تطبيق وتنفيذ هذه القرارات كان سينتج عنه توابع سلبية للغاية ومشاكل لا حصر لها للدخل القومى.

وأكثر ما سبب رد الفعل العارم كان رفع الدعم عن سلع كثيرة، حيث إن مصر كانت وقتها تنفرد على مستوى العالم بدعم معظم السلع والأدوية رغم ظروفها الاقتصادية الطاحنة وإمكانيات ميزانيتها المحدودة.

وأكثر ما صدمه وسط هذه العاصفة كان تصرفات عدد من أعضاء مجلس الشعب الذين وافقوا على القرارات، وبعد يوم واحد اعترضوا ورفضوها لمساسها بمصالحهم الخاصة، وهو ما دفعه، وأمامهم جميعاً، لتقديم استقالته ومغادرة المجلس ومعه المرحوم الشيخ الشعراوى وزير الأوقاف والمرحوم الدكتور إبراهيم بدران وزير الصحة وهى الاستقالة التى رفضها المرحوم الرئيس محمد أنور السادات من أسوان.

المرحوم الدكتور عبدالمنعم القيسـونى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء للاقتصاد والخزانة والتخطيط فى عهد المرحوم الرئيس جمال عبدالناصر والمرحوم الرئيس محمد أنور السادات

والضربة القاضية التى دفعته للاستقالة الثانية بعد عدة شهور والانعزال التام عن الحياة العامة هى قرار رئيس مجلس الوزراء بإلغاء القرارات الاقتصادية والعمل على دراسة أسلوب آخر للعلاج مع تعيين مستشار اقتصادى لمكتبه وتفعيل نفس قرارات القيسونى، لكن على سنين ومراحل طويلة وببطء مما أفقدها ثقلها وتأثيرها وهدفها الفعلى فى العلاج، لأن الأزمات والمشاكل كان تفاقمها أسرع من مخطط العلاج البطىء.

وقد صدر العديد من الكتب والمطبوعات المرتبطة بأحداث يناير عام سبعة وسبعين، وفى اعتقادى أن أهمها كان الكتاب الذى سرد تصريحات ورأى خمس شخصيات من الذين تولوا منصب وزير الداخلية.

أخيراً، يهمنى تسجيل تعليق قاله لى المرحوم خلال اشتعال «أزمة يناير»، وهو أنه رجل اقتصاد حتى النخاع، وخبير متبحر فى هذا المجال، عمل فيه منذ حصوله على الدكتوراه بمرتبة الشرف من كلية الاقتصاد بلندن عام ألف وتسعمائة وأربعين، وعلى علم كامل بأدق تفاصيل الحالة الاقتصادية لمصر.

وأن مجلس الوزراء يضم شخصيات متخصصة فى مجالات أساسية، معاً يشكلون جسد الحكومة، وواجب الانسجام التام والتعاون بينهم، وأنه لم تكن من مهامه مأمورية إخراج الأسلوب الأمثل لإعلان القرارات الاقتصادية.

وهو ما تنبه له المرحوم الرئيس محمد أنور السادات من متابعة توابع الإعلان على شاشات التليفزيون والصحف، ومحاولات سكب الوقود على نار الفزعة الشعبية، وهو ما دفعه للتدخل الشخصى للحد من تفاقم الوضع وإعادة إخراج برنامج يسرد الحقائق مع اختيار الصحفى النابغة سعيد سنبل لإدارة الحلقة.

كما أكد لى أن قراراته اليوم تفرض قروشا، ولو طبقت ستخرج مصر من عنق الزجاجة بعد خمسة عشر عاما بإذن الله، وقد تعافى اقتصادنا تماما، أما لو لم تطبق قراراته وتم تأجيلها فستتحول الأمور للأسوأ وتفرض مئات الجنيهات على كاهل المواطنين.

وخرج لآخر مرة من الوزارة ليتم تجاهله تماما وتكرمه الدول العربية والأوروبية، ويقيم بحزن آخر سنين حياته خارج مصر.

رحم الله الدكتور عبدالمنعم القيسـونى المصرى الوطنى المخلص.

كاتب المقال

محمود عبد المنعم القيسونى

الخبير الدولى فى شئون السياحة والبيئة

أول رئيس لجنة للسياحة البيئية بالاتحاد المصرى للغرف السياحية

أول رئيس لجنة للسياحة البيئية بالمجالس القومية المتخصصة، التابعة لرئاسة الجمهورية.

ممثل مصر فى كل المؤتمرات الدولية تحت علم الأمم المتحدة ومنظمة السياحة العالمية الخاصة بهذا النشاط الجديد.

 عضو منتخب باللجنة الدولية لأخلاقيات السياحة، التابعة لمنظمة السياحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة لمدة خمس سنوات

ومستشار متطوع لوزير السياحة ووزيرة البيئة لشؤون السياحة البيئية سبع سنوات

المقال نقلاً عن المصرى اليوم وتم نشره يوم  الأحد 14-08-2016

   

مقالات ذات صلة