المنطقة الحرةشئون مصرية ومحليات

الكاتب الصحفى والأديب ” محمود الجمل ” يكتب لــ” المحروسة نيوز ” : أوراق نوفمبر ..وأنين الجسد!!

في يوم 18 ديسمبر، 2021 | بتوقيت 12:54 صباحًا

لم يمر علي شهر في حياتي عبر الأربعين سنة الأخيرة مثلما مر علي شهر نوفمبر الماضي من العام 21بعد ال2000  .

كان شهرا ثقيلا وكثيفا ، لم تخلو بعض أيامه من غيم ثقيل .. واياما اخري كانت ندية ترطبها زخات محتملة من مياه مطر  قادرة علي تحقيق بعض الانتعاش في جسدي المجهد وفي ذهني المتخم بالأفكار .

لم يكن نوفمبر كغيره من الشهور ..كما أنني لم أكن وحدي هذه المرة افكر بمفردي واكتب بمفردي وانشر بمفردي .

هذه المرة كان يلازمني متغير إيجابي.. متمثل في صديق عزيز  أدرك كم انا مجهد بدنيا ونفسيا ..فقرر ملاحقتي حتي لا اترنح  .

فبدت ملاحظاته لي كومضات مضيئة قادرة علي كشف عشرات التفاصيل المختبئة  .. وكانت ملاحقاته لي حافزا غير مسبوق في إنجاز صياغات فكرية مكتوبة ومرئية.

صياغات قادرة علي الاشتباك مع الواقع المتخم بالتناقضات وبالعاهات البشرية والنماذج المزيفة!!.

ولأنه يملك قدرا من الجسارة غير المتكررة لدي الكثرة الكاسحة ..  كانت الصياغات تخرج نحو أهدافها كطلقات رصاص موجهه نحو أهدافها  فاثخنت جراح بعضهم وجعلت من البعض الآخر مجرد كائنات جيلاتينية  متضائلة القيمة محدودة الأثر والتأثير.

نوفمبر هذه المرة لم يكن مجرد شهرا عابراً يأتي قبل ديسمبر الكبير المترع بالأحداث والأعياد والحكايات ، كان شهر الأقدار المكتظة أيامه بحبات اللوز والجوز ..تتشارك آلام الجسد المنهك بأعوامه التي تخطت الستين بطبطبات الفضل  القادرة علي أن تنسيك أوجاع الروح  ويتواري بسببها أنين الجسد.

لم يكن مثل كل نوفمبر .. ولم يكن ككل الشهور، كان حانياً وقت إن كنت باكياً ، وكان رؤوفاً وكان عطوفاً، كان متجسداً وكأنه إنسان يسير علي قدمين ويلاحقني ظله ، وكان صديقي القريب البعيد الرابض هناك بعيداً بالقرب من البحر وعلي مرأي الجبل لايكف عن التفتيش في تلافيف عقلي.

نوفمبر

حريصاً علي العصف ببعض الثوابت القديمة ،ومشاركاً في صياغة مواقف جديدة والترتيب لمعارك.

قال لي سوف تكتشف ياصديقي أننا وحدنا فقط الذين فكرنا فيها ولم نكتف بالتفكير وفقط .، بل خضناها وبوضوح شديد ..في الوقت الذي إكتفي فيه الآخرون بالحياد البليد ..وأثبتت الأيام أن هناك هوة واسعة بين مانؤمن به ،ومايؤمنون .

نحن نؤمن بالوطن بلا تفريط .. وهم لايعنيهم أمر الوطن في شيء .. خلطة من الأفك والجهل والضلال المبين .

نوفمبر..كان شهر إعادة إكتشاف المراعي والسهول والتأكيد علي عشق الجبل والبحر  وحكايات المزارع الممتدة  والقرب من البسطاء ومنح المرتعدين أغطية الشتاء .

نوفمبر .. كان شهر إعادة اكتشاف الأصدقاء والأوفياء..وايضا اكتشاف المزيفين والأدعياء  .

اكتب هذه السطور امتنانا لصديقي القريب البعيد ..  الذي أرسل حتي باب منزلي أحد مساعديه لكي يطمئن علي أنني لست في كرب بعد  أن أغلقت هاتفي لعدم قدرتي علي الرد.

في الوقت الذي ابتلع فيه البعض ممن كنا نحسبهم حكماء ألسنتهم  مؤكدين علي أن الكبار ليسوا كباراً بما يملكون من ثروات وجدران.. بل الكبير هو من يشملك بنبله دون انتظار لجزاء أو لشكر.

بقلم

الكاتب الصحفي والاديب

محمود الجمل

   

مقالات ذات صلة