السياحة الافتراضية Virtual Tourism من بين التقنيات التي بدأت في الظهور والانتشار بشكل متواضع حول العالم.
ومع توقف السياحة على أرض الواقع بسبب أزمة فيروس كورونا التي بات العالم بأكمله يعاني منها، ظهر اتجاه “التقنية الافتراضية” يلوح في الأفق بقوة، لتوفير فرصة للسائحين الافتراضيين لزيارة الأماكن المختلفة وهم في أماكنهم وفي بيوتهم عن طريق استخدام تقنيات الواقع الافتراضي لتقديم تجارب سياحية افتراضية.
وبالرغم من أنه يكثر الحديث عن السياحة الافتراضية الآن، إلا أنني لا أحبذ الحديث عنها مطلقاً لكي لا يتم اللجوء إليها من قبل شرائح عدة من المجتمعات كبديل للسياحة الحقيقية التقليدية وبالتالي ضرب السياحة التقليدية في مقتل وهي التي تساهم بشكل كبير في اقتصادات الدول خاصة النامية وفي تشغيل الناس وفتح مصادر رزق لهم وإفادة المجتمعات المحلية.
أحبذ فقط استخدامها بشكل تسويقي ودعائي للمغريات السياحية المختلفة في الوجهات السياحية من أجل تحفيز الطلب وتشويق المتلقي لزيارة تلك الأماكن ومعايشتها.
أثناء مشاركتي في المنتدى الافتراضي “منتدى السياحة الرابع ” الذي نظمته جامعة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة هذ الأسبوع، سعدت جدا بما ذكره الدكتور مخلص العبابنة الأستاذ بجامعة الحسين بن طلال في الأردن (وشاركه أيضا في الرأي كل الإخوة المتحدثين دون استثناء الدكتور محمد أبو شوق من جامعة الشارقة فرع الذيد والأستاذ ناصر الدرمكي من هيئة الشارقة للمتاحف والدكتور أحمد النجار من جامعة طيبة بالمملكة العربية السعودية) من أن السياحة الافتراضية بما تشمله من تقنيات الجولات الافتراضية والخرائط الذكية وتطبيقات الأجهزة المحمولة من الممكن أن يكون لها دور كبير في التعريف بالمقاصد السياحية ووسيلة مهمة جدا للمساعدة في الجهود الترويجية والتسويقية التي تقوم بها الوجهات السياحية وليست بديلا عن السياحة الواقعية.
أود أن أؤكد وأنا على يقين بأن حركة السياحة العالمية سوف تبدأ في استرداد عافيتها من الصيف القادم وسوف تتعافى تدريجيا وتعود لسابق عهدها ومعدل تدفقها الطبيعي اعتبارا من موسم شتاء 2021-2022 بإذن الله. فالسفر والسياحة من الأنماط المعيشية لمعظم الناس وضرورة من ضرورياتها مثل المأكل والمشرب والملبس.
الطلب على السفر والسياحة موجود ولكنه “كامن” و “مكبوت” وسوف ينطلق بمجرد زوال الأسباب (الخوف من العدوى والقيود الخانقة الحالية التي تفسد متعة السفر والسياحة).
لم ولن تكون أبدا السياحة الافتراضية بديلا عن السياحة النمطية ومعايشة الواقع، ولن تكون أبدا المؤتمرات والاجتماعات الافتراضية ((الباردة)) التي نعيشها الآن بديلا عن المؤتمرات والاجتماعات الحية واللقاءات المباشرة ذات الطابع التفاعلي والإنساني.
كاتب المقال
الدكتور سعيد البطوطى
أستاذ الاقتصاد الدولي الكلي واقتصاديات السياحة بجامعة فرانكفورت بألمانيا
المستشار الاقتصادى لمنظمة السياحة العالمية UNWTO
عضو لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا UNECE
عضو مجلس إدارة لجنة السفر الأوروبية ETC
عضو مجلس إدارة الاتحاد الألماني للسياحة DRV