المنطقة الحرةشئون مصرية ومحليات

الكاتب الصحفي والأديب “محمود الجمل “يكتب قصه قصيره ل “المحروسه نيوز” بعنوان” فرح اسماء”

في يوم 13 أكتوبر، 2020 | بتوقيت 7:09 مساءً

فرح اسماء

عندما استيقظت الفجر كالمعتاد .. نظرت الي هاتفي .. كانت رسالة صوتية قصيرة من اسماء تخبرني فيها انها موافقة على عرضي لها بالزواج وهو العرض الذي لم أكف عبر عامين عن تكراره والألحاح عليه وكانت على الدوام متحفظة.. بل كان رأيها عندما اخبرتها في المرة الأولى عن رغبتي في الأقتران بها انها رافضة للفكرة بنسبة خمسمائة في المائة. لم أتراجع عن رغبتي العارمة في أن يجمعني معها منزل مشترك وغرفة مشتركة وطبق طعام واحد.. ظللت احلم بالتفاصيل حتي المسطح منها او البسيط. أحببت فيها هذه البكارة الصحراوية والعفاف غير المتكرر.. رغم سنواتها الممتدة وعالم الرجال والأعمال والمال التي باتت متخصصة فيه منذ زمن طويل. ظلت اسماء واحة مغلقة غير مسموح لأحد ايا كان ان يتريض في جوانبها او ان يقترب من شجيرات الرمان الوحشية شديدة النضج.. ملتهبة الحمرة.. محتفظة بطزاجة بئر الماء المحاط بحراس شداد غلاظ لايجرؤ انس ولاجان على يقترب من حافة تلك العين المنتظرة لمن يستحق أن يروي ظمأه من هذا الماء الأحلى من العسل والأشهي من اللبن.

عندما فاجأتني اسماء بأنها موافقة على الأقتران بي. أدركت انها توافق على أن أكون المفتاح الذي يلج في بابها الذي ظل موصدا عشرات الأعوام.. إن اكون البستاني المطلوب منه ترويض كل الاشواك التي تحيط بحقول الورد في خديها.. وان اكون الرجل المسموح له بأن يلثم تلك الشفتين التي لم يجرؤ على الاقتراب منهما جحافل الهكسوس وملوك قبائل الجن وعصاة الأنس والبغاة.. هي قررت أن تعطيني مفتاح حصونها وان تستسلم مختارة وان تمنحني شرف معانقة كل التفاصيل العذراء وان تسمعني وحدي كل آهات الوجد والشوق المؤجلة.

كم انت شهية وعفية يااسماء..

كما أنت فاتنة ورائعة..

كم انت براقة وناصعة.

كم انت مدهشة..

عندما ذهبت إليها.. استقبلتني مبتسمة في مدخل منزلها.. نفس الشعر المنسدل و ونفس الابتسامة.. كانت اكثر انبساطا هذه المرة . عندما زرتها للمرة الأولى بعد إلحاح مني.. كانت تعاني اعتلالا في المزاج وطلبت مني إلا اغضب.. قالت لي لقد نبهتك.. لكنك كنت مصرا على زيارتي.

هذه المرة كانت مبتسمة.. وانا كنت مرتابا.. اجلس أمام فتاة أحلامي.. اتفرس في ملامحها.. اسأل نفسي.. ماذا أحببت فيها.. تفاصيل معتادة.. جبين أخاذ.. حواجب ثقيلة.. شفاه قويه.. عينان عميقتان.. جسد يضج بالعذرية.. صوت عميق..

اسأل نفسي هل هذه التفاصيل فقط هلي التي جعلتني اقاتل من أجل أن نمتزج سويا.. حتى انني حلمت بأن اكون يوما ابا لطفلها الوحيد. رغم انني اعلم ان حلم الامومة لم يشغلها يوما وبات أمرا خارج التوقعات.

عندما جلسنا معا منفردين وعلى مرمى البصر تنتحي والدتها جانبا.. قالت لي بعد أن أشعلت سيجارتها.. لعلك مندهشا من موافقتي على فكرة الزواج منك.. ولعلك تذكر اننا تحدثنا اكثر من مرة في هذا الأمر.. واذكر انك قلت لي ذات مرة في واحدة من رسائلنا الصو تية انني بالنسبة لك مجرد ملهمة.. ولقد رددت عليك وقلت لك.. خلاص انا فهمت.. خلينا ملهمتك واكتب ماتحب. الحقيقة ان هذه اللحظة كانت المرة الأولى التي فكرت فيها في عرضك اللحوح في أن تكون زوجي.. قلت لنفسي ولما لا.. ولعلك تذكر لقائنا الأول منذ أكثر من عامين عندما سألتني هل انت مرتبطة.. وكانت اجابتي أين هو هذا الرجل الذي يرتبط بفتاة لاتجيد طهي الطعام ولا تعني كثيرا بالأمور المنزلية .. قلت لي ولكنك لست ضد فكرة الزواج.. قلت لك نعم.. لكن أين هو هذا الرجل.؟

تشعل اسماء سيجارة أخرى.. قالت لي وهي تبتسم.. عارفة انك بتحبني اشرب سجاير .. ضحكت وقلت لها.. اي حاجه تبسطك او تخلي مودك افضل انا معاكي فيها. وبعدين خدي بالك ياثومه.. انا قلتلك قبل كده.. تخيلي ان انحرافك الوحيد اذا جاز تسميته بأنه انحراف هو انك تدخنين. وانا على المستوى الشخصي ومنذ كنت صغيرا اعشق مشاهدة المدخنات خاصة ولو كن جميلات. فما بالك اذا كانت المدخنة حبيبتي.

قالت.. انا بعد تفكير عميق.. لم أجد رجلا لاحقني ويصر على الارتباط بي غيرك. لعلك الوحيد الذي زارني في منزلي وعرف انني بسيطه.. لايشغلني في الحياة بعد امي سوي قططي.. احنو على كلاب الشوارع وأرجو من الله ان يغفر لي يوم القيامة بسبب كلب مريض داويته او قطه جائعة اطعمتها..

اعلم انك لاتبحث عن زواج تقليدي.. وادرك انك تحبني بالفعل. وكما قلت لي انت.. احنا شبه بعض. نفس الوسط الأجتماعي. الأصل القبلي.. العمل.. ولذا انا بعد عشرات الأعوام من الحرية والعيش منفردا .. عندما اتخيل نفسي وانا أكبر والأعوام تمضي.. اقول لنفسي.. ولم لا.. انت شبهي.. إن اقترن بشخص يعشقني افضل بكثير من شخص آخر حتى لو كان أكثر ثراءا ونفوذا.. اعلم انك مشغول معظم الوقت وانك غير مقيم بالقاهرة.. قلت لعل هذا أفضل.. سوف يجعلنا البعد اكثر اشتياقا لبعض.. اظل منتظرة طوال الاسبوع منتظرة حضورك.. انتظر دعاباتك.. ارمق حنوك على امي.. واترحم على والدتك..

صدقني لقد قررت أن نتشارك في كل شيئ.. فقط كل ماارجوه ان يظل امر اقتراننا في إطار دائرة ضيقة من الأهل والأصدقاء.. إن نعقد قراننا وان تجتهد في أن يكون لنا منزلنا الخاص خلال مدة لاتزيد عن ستة شهور.. امي هي الأساس.. هي الملاك الحارس.. جزء كبيرمن موافقتي عليك رغبتها في أن تراني عروسه.. زوجه لرجل يحبني. بالمناسبة انطباعها عنك بعد زيارتك الأولى لنا كان ايجابيا. قالت لي زميلك رجل طيب وشكله بيحبك.

عندما انتهت اسماء من حديثها.. واشعلت سيجارتها الثالثة. قلت لها.. موافقتك على أن تكوني زوجتي كان بالنسبة لي امرا اسطوريا.. قد تنظرين انت لنفسك في المرآه وتقولين على ماذا يحبني هذا الرجل.. لماذا يصر على ملاحقتي. هناك بالتأكيد فتيات اكثر مني جمالا.. مالذي يجبر رجل على معاشرة امرأة معتلة المزاج معظم الوقت.. تدخن أربعين سيجارة يوميا. الحقيقة ان الحب قدر.. لاعلاقة له بملامح تضج بالفتنة. فكم من فاتنات لم يزد عمر علاقتهن الزوجيه عن شهور. الانجذاب نحو امرأة لايمكن أن يكون لمجرد الأشتهاءَ. فكم من نساء خارج محيط الفراش كائنات فظة وعدوانية لايمكن احتمالهن. 

عندما أحببتك يااسماء.. وعندما أدركت عمرك الممتد.. عرفت كم انك بتول.. كم انك حنون. أيقنت انك اخر النساء. وسعيت لكي اكون اول واخر الرجال في حياتك. عندما تضعين يدك في يدي ويصيح الشيخ.. بعد أن يعقد قراننا.. بالرفاء والبنين. سوف ادعو كل شجيرات الرمان الناضجة في واحتك للألتحاق بكل شجيرات الموز الممشوقة في صحرائي. عندما نمتزج لن يتسمع اهاتنا سوي بعض الطيور الهاربة من بنادق الصيادين .. تغرب الشمس وتضيق مساحات الضوء الكاشفة لكل تضاريسك المشتهاة .. أغلق عيناي وادعوك لكي نغيب معا في عناق طال انتظاره.

بقلم

الكاتب الصحفي والاديب

محمود الجمل

   

مقالات ذات صلة