آثار ومصرياتالمنطقة الحرةسلايدرسياحة وسفر

الباحث الآثارى “أحمد السنوسى” يواصل رحلته مع ” المحروسة نيوز ” فى كتابة مقالات عن : دراسة واقعية حول شخصية المؤرخ المصرى القديم “مانيتون السمنودى ” (الحلقة العاشرة والأخيرة )

في يوم 11 أكتوبر، 2020 | بتوقيت 1:46 مساءً

في هذا المقال الأخير وبعد ان تعايشتا مع اول مؤرخ مصري في التاريخ وهو مانيتون السمنودى،يترأى لنا موضوع هام جدا لم يشير اليه أحدا من قبل،وخاصة لتلك الاقوال التي كتبها مانيتون عن الارباب المصرية او حتى حول التأريخ بصفة عامة والذى ارجعه الى 11 الف عاما قبل الملك خوفو،وهذا امر لم يثبت على الاطلاق بل خطأ كبير حسابى بكل تأكيد.

واظن بان الخطأ هنا كان في فكر مانيتون نفسه او تردده بين المصرية والبطلمية،فلقد عرفنا بانه نشأ وتعلم في المعاهد البطلمية ولكن هنا نسأل سؤالا جوهريا لم يفكر فيه أحدا من قبل،هل في عهد مانيتون كانت اللغة المصرية سليمة كما في العهود السابقة

فهذه اللغة نفسها لا نعرف اسمها حتى الان،وان لفظ اللغة الهيروغليفية ما هو الا لفظ يونانى الاصل ويعنى الكتابة المقدسة،ثم ان هذه اللغة هى اصلا تطورت فى العهد المصرى القديم ولم تكن لغات مختلفة على الاطلاق كما يدعى البعض.ومع تطور الحضارة المصرية لابد ان يصاحب هذا تطور فى اللغة ايضا وهذا ليس بالامر المستغرب او العجيب يا اصحاب العقول.فتطوير اللغة شيء واضافة لغة الى لغة فشىء اخر تماما،وهذا ما حدث بطبيعة الحال مع اللغة المصرية القديمة في العصر البطلمى والتي تعلمها مانيتون نفسه.

ونفس الشىء في كتابة هذه اللغة نفسها واختلاف الكتابة القديمة عن الهيراطيقية وعن الديموقطية والتي ظهرت في العصر البطلمى.

فالمشكلة هنا بدأت مع عصر الملك بطليموس الاول (سوتر) حيث بدا البطالمة فى عمل تطور جديد فى اللغة المصرية القديمة وهم الذين اطلقوا عليها اللغة الديموطيقية (لغة الشعب)

وذلك لان البطالمة مع بعضهم البعض كانوا يتحدثون اللغة اليونانية او المقدونية وكانت لغة القصور وعليه القوم بل ان كليوباترا نفسها اخر ملوك البطالمة كانت تتحدث اللغة المقدونية مع ذويها بجانب اللغة المصرية بطبيعة الحال.ولما الاستغراب من هذا ايضا، فحتى يومنا هذا فهناك علية القوم من المصريين يتحدثون مع بعضهم البعض الفرنسية او الانجليزية مع انهم مصريين ومسلمين أيضا وكذلك اليونانيين المصريين فهم يتحدثون مع بعضهم البعض اليونانية ومع الناس المصرية وكذلك فى النوية والبدو فى الصحراء،فلا تحملوا الحضارة لو سمحتم اكثر مما تحتمل جزاكم الله خيرا. فهكذا ظهر فى العصر البطلمى لغة او كتابة جديدة وهى التى تعرف حتى الان باسم الديموطيقية ومن خصائصها الاتى :-

(1) فى ذلك العهد تم اضافة سبعة احرف كاملة لم تكن معروفة من قبل وطوال التاريخ المصرى كله من اوله الى اخره ومنها على سبيل المثال حرف (اللام) وحرف (الثاء) وحرف (اس المشددة) وحرف (الباء المشددة) وغيرها من الحروف السبعة الاخرى،ولذلك نجد فى الحروف التى لدينا الان شكلين للحرف الواحد مثل حرف السين او الباء او الالف وهكذا.

(2) ان البطالمة هم الذين اطلقوا على هذه الكتابة اسم الديموطيقية وبنفس الرموز التى كانت فى الدولة الحديثة ولكنهم قللوا استخدام هذه الرموز،وهذا ما جعل البعثة البريطانية تحتار لاكثر من خمسة سنوات فى ترجمة نصوص معبد ادفو وخاصة فى موضوع الرحلة المقدسة من ادفو الى دندرة والعكس،ومازالوا حتى اليوم لم ينشروا اى شىء عن نصوص هذا المعبد وخاصة انه كتب كاملا وجدد فى العهد البطلمى وخاصة منذ عهد بطليموس السابع،وكذلك معبد دندرة والذى جدد كاملا فى عهد الملكة كليوباترا.

وهكذا استمرت هذه اللغة او الكتابة الديموطيقية طوال التاريخ البطلمى كله حتى دخول مصر فى حقبة الاحتلال الرومانى،واطلق الرومان على هذه اللغة ايضا لغة الشعب وخاصة ان الرومان لم يكونوا محبين للغة المصرية القديمة وكانوا اسياد هذه البلد انذاك.

فعندما تعلم المؤرخ المصرى اللغة المصرية القديمة تعلمها من البطالمة وتلك الاحرف الاسبعة الجديدة والدخيلة عليها،ولذلك لم يوفق في الكثير من الكتابات بهذه اللغة وهذا ما احدث التناقض بين الباحثين حول موضوعاته الخاصة بالارباب المصرية او تاريخ نشأة الكون وهكذا.

اما عن تاريخ الاسرات فلقد بدا تاريخ ملوك مصر بداية من الملك مينا ولم يذكر اسم اى ملك قبله سواء في الشمال او الجنوب،وكذلك كان اول من يكتب عن تاريخ الهكسوس وكل ما لدينا عن هذه الحقبة منقول من تاريخ مانيتون.ولقد ذكر في تاريخه أيضا شخصية هامة جدا في التاريخ المصرى وهو (اوزار سف) وقال كانت هذه شخصية حقيقية من اصل بلاد كنعان من البدو ووصل الى مرتبة وزير فى مصر كاول اجنبى يشغل مثل هذا المنصب وانقذ مصر من مجاعة حقيقية.

وتكلم كذلك عن شخصية سيدنا موسى (موسى = ابن الماء) وقال انها كانت أيضا شخصية حقيقية وليست اسطورة،وله قوم ورحلوا عن مصر،وقال بان هذه الاحداث كانت في عهد الملك رمسيس الثانى،ولذلك يعتقد الكثير حتى يومنا هذا بان رمسيس الثانى هو فرعون موسى،وهذا ليس صحيحا على الاطلاق.ومن هنا قال العلماء عند دراسة ما تبقى من كتابات مانيتون بانه كان متخصصا في تعريف الهكسوس.وكذلك كتب عن التحنيط الملكى فقط،وكان واقعيا جدا فيه واكدته الأبحاث الحديثة.على عكس ذلك المؤرخ الهرطقى هيرودوت والذى كتب عن التحنيط من قبل.

وبذلك في نهاية سلسلة مقالاتنا عن المؤرخ المصرى القديم مانيتون السمنودى لا يسعنا سوى شكره عن كل ما قدمه لنا على الأقل في تأريخ سلسلة ملوك مصر وتقسيمهم الى اسرات،وكان عونا لنا في معرفة تسلسل ملوك مصر،وكذلك معرفتنا عن قوم الهكسوس،بل الأهم ما قاله عن قوم اليهود او قوم موسى بانهم قوم نجس.فلك كل الشكر والتقدير أيها المؤرخ الكبير مانيتون السمنودى.

والى لقاء اعزائى القراء في سلسلة مقالات جديدة عن ملوك مصريين نسيهم التاريخ فالى لقاء

كاتب المقال

الباحث الآثارى والمرشد السياحى

أحمد السنوسى

   

مقالات ذات صلة