يرجح العلماء أن الحياة بدأت في البحار منذ أكثر من 3500 مليون سنة . ظلت البيئات البحرية طوال هذه الفترة بحالة طيبة، وعاشت الكائنات المختلفة فيها دون تهديد كبير يمس وجودها. أحدثت العقود الخمسة الأخيرة دماراً في هذه البيئات لم يحدث له مثيل، فقد شهدت تلك البيئات تدهوراً واضحاً واستنزافاً سريعاً لمكوناتها المختلفة، وبصفة خاصة مواردها الحيوية من الأسماك والأحياء البحرية.
لقد دفعت خطورة هذا الوضع المتدهور في البيئات البحرية إلى تحرك العلماء والباحثين والمسئولين لوضع حد لهذه المشكلة البيئية الخطيرة. تمخض هذا التحرك في البحث عن وسائل لحماية البيئات البحرية وصيانتها ومنع استنزافها.
ومن ثم برزت فكرة المحميات البحرية كوسيلة علمية متطورة وفاعلة للمحافظة على البيئة البحرية. تبنت العديد من دول العالم فكرة إنشاء هذا النوع من المحميات وذلك من خلال اعتماد سياسة مقبولة وإعلام جيد لمرتادي البحر، يؤدي في نهاية الأمر إلى الوصول إلى الغاية المنشودة، وهي المحافظة على المناطق البحرية والساحلية من الناحيتين البيئية والجمالية،
وفي الوقت نفسه تحقق الفائدة والاستمتاع لمرتادي البحر في إطار بيئي متوازن. ظهرت الإتفاقيات الإقليمية لحماية البيئة البحرية في سبعينات القرن العشرين، ومن أهم أمثلتها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الذي تبنى برنامج البحار الإقليمية، مثل برنامج حماية البحر الأحمر وخليج عدن.
تنبع أهمية المحميات البحرية فيما تلعبه من دور بارز في حماية الأحياء والموارد المائية والمحافظة على التنوع الحيوي. كما تستطيع هذه المحميات أن تدعم الظروف الهيدرولوجية والبيئية المثلى لنمو الأسماك والأحياء البحرية وازدهارها، ولذلك فهي عادة ما تستخدم من أجل حماية الأنواع النادرة وتكاثرها. في ذات الوقت تساهم تلك المحميات في استدامة وتعظيم الإيرادات السياحية للمقصد المصري المترتبة على الدخل السياحي من الرياضات البحرية و الصيد التجاري والترفيهي .
مفهوم المحمية البحرية
منطقة للنظم البيئية تتميز أجزاء منها بخصائص وتنوع جيوفيزيائي وجيولوجي. كما تمثل جزءاً من الأساس المادي للبيئة البحرية ومستودعاً دائماً لموارد اقتصادية أوجمالية مهددة بالتدهور أوالانقراض. تمثل أيضاً جميع البيئات والأنظمة الفريدة المميزة.
كما تشمل المناطق ذات الأهمية الخاصة بالبحث العلمي والنواحي الجمالية أوالثقافية أوالتعليمية. تضم المحميات البحرية نظماً ايكولوجية حيوية مثل الحيود المرجانية والأشجار والبحيرات، وكذلك مناطق توالد الأسماك و أماكن تعشيش الطيور و السلاحف البحرية وغيرها، مما يتطلب حمايتها وصونها من قبل المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية والأجهزة السياسية.
فوائد المحميات البحرية
تتعدد فوائد المحمية البحرية بين فوائد بيئية، فوائد اقتصادية، فوائد علمية، فوائد سياسية و فوائد ثقافية.
التنوع البحري على السواحل المصرية
تقع مصر على البحر الأبيض المتوسط ، و البحر الأحمر و خليجيه بامتدادات شاطئية تناهز الثلاثة آلاف من الكيلو مترات. تختلف السهول الساحلية تبعاً لذلك من موضع إلى آخر وفقاً لاقتراب أو ابتعاد المرتفعات الجبلية أو الحواف الهضبية من الساحل .
توجد بين البحرين اختلافات طبيعية مثيرة و عديدة. تمتد هذه الاختلافات ابتداء من التركيب الجيولوجي إلى التكوين التضاريسي إلى الشكل الجغرافي حتى الموقع والمناخ والحياه المائية ذاتها. الأمر الذي يعكس التنوع الفريد في البيئة البحرية المصرية و التي تزخر بالعديد من صور الحياة البرية، كنتيجة طبيعية وحتمية للتنوع المتميز في سواحل البحار المصرية من كافة النواحي المناخية والمكانية والهيدرولوجية ..إلخ .
الأمر الذي دفع السلطات إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات ووضع خطط عمل بيئية نحو حماية تلك البيئة البحرية و الحفاظ عليها حيال ما قد تتعرض له من تعديات أو تدخلات غير مدروسة .
غير أن النظام الإداري للمحميات البحرية المصرية يعاني بعض المشكلات:
1- نقص و صعوبة الحصول على البيانات و المعلومات و الاحصائيات البيئية
2- انخفاض الوعي العام (الجماهيري) بالقضايا البيئية المحلية و العالمية .
3- تضارب جهات الاختصاص.
4- عدم توفر التمويل اللازم لتنفيذ معظم الدراسات المهتمة بالشئون البيئية.
5- لم يحظ ساحل البحر المتوسط بنصيبه من الاهتمام كساحل البحر الأحمر ، نظراً لبعض العوامل السياسية .
6- تواجه منطقة البحر الأحمر عموماً، خاصة في شمال البحر الأحمر، مشكلة استخراج البترول متمثلة في تعدد شركات البترول في المنطقة والتي قد يتعارض نشاطها مع طبيعة المحمية البحرية.
فى الحلقة الثانية إن شاء الله نستعرض معاً أمثلة لبعض
التجارب العالمية الناجحة في إدارة المحمية البحرية
كاتب المقال
الدكتورة هلن عبد الحميد عبد الحكيم
مدرس الدراسات السياحة بالمعهد العالى للدراسات النوعية أكاديمية المستقبل- مصر الجديدة
[email protected]om