شئون مصريةمنوعات

المستشار القانونى مجدى رفاعى يكتب الحلقة الثانية عن مصر الفرعونية : “تطور الوعي القانوني لدى المصريين القدماء “

فلسفة وتاريخ القانون المصرى "تطور الوعي القانوني لدى المصريين القدماء "

في يوم 15 مارس، 2019 | بتوقيت 3:23 صباحًا

قال تعالى فى سورة يوسف ” هذه بضاعتنا وقد ردت إلينا”

“تناولنا فى الحلقة الأولى، أن كان لموقع مصر الجغرافى الفريد وتتابع النظم السياسية فيها على امتداد اجيال كثيرة عبر الاف السنين ما جعل دراسة تاريخ قانونها ،ينال إهتمام الفقه العالمى بها ؛فظلت مصر بسبب موقعها الفريد محافظة على ذاتيتها القانونية الوطنية ؛وانطبع تاريخها بطابع خاص بعمق التاريخ وترتب على ذلك ان الدارس لتاريخ مصر القديمة وخصوصا للقانون الفرعونى يلتمس صلة القانون بالبيئة وتأثره بالاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية واليوم نستكمل الرحلة بالحلقة الثانية من ” مصر الفرعونية “

• ذهبت لجنة رومانية تُدعى «لجنة الأشراف» من روما إلى اليونان.. لدراسة قانون سولون المبنى على قانونب وكخوريس المصرى، ووضعوا أسس القانون الرومانى المعروفة بـ: موسوعة جوستنيان، قانون الألواح الاثنى عشر ومرت الأيام وجاء نابليون بونابرت.. لينهل من القانون الرومانى.. ويضع قانوناً باسمه: قانون نابليون!!  وتمر الأيام.. وتأتى مصر.. لتضع قوانينها فى العصر الحديث المستمدة من القانون الفرنسى المأخوذ من قانون نابليون ويتحقق قوله تعالى ” هذه بضاعتنا ردت إلينا” عاشت مصر القديمة نتيجة لموقعها الجغرافى الفريد فى عزلة طبيعة تامة منعتها من الغزو الخارجى.. فجاء قانونها من تراب مصرى أصيل ، نقياً فى مبادئه صافياً صفاء النيل العظيم ، مثالياً فى قواعده عادلاً فى أحكامه، عالمياً فى مراميه، بُنى على العدل والأخلاق وشتى الفضائل، كان علامة من علامات التكوين الحضارى التى كانت فطرة المجتمع المصرى التى فُطر عليها فدُهش المؤرخين قاطبة لعظمة هذا القانون وسبقه الحضارى!  راجع فلسفة وتاريخ القانون المصرى لاستاذنا  الدكتور محمود السقا ،و الدكتور  محمد أبوسليمة– وتاريخ القانون للدكتور محمد بدر
• ومن قريب وبالتحديد فى عام 595 قبل الميلاد جاء سولون من أثينا الى مصر ليدرس القانون فى مصر الفرعونية.. وقال: أخذنى أحد الكهنة إلى بيت أفلاطون الذى أقام فيه، وقال لى: هنا.. علمنا أفلاطون الفلسفة فى مصر طوال 13  عاماً! ثم ربت (طبطب) على كتفى قائلاً: أيها اليونانيون أنتم أطفال بالنسبة لنا؛وقد أقر أفلاطون بفضل مصر عليه حين ترك لنا فى كتابه القوانين: ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه عن مصر؛ فأخذ سولون من القانون المصرى المعروف بقانون بوكخوريس ومرت الأيام وعادسولون إلى أثينا ووضع قانوناً باسمه ألا وهو قانون سولون.
• وبمرور الايام تطور القانون المصرى القديم الذى اعتمد فى نظامه القضائى منذ فجر التاريخ على الاستقلالية  فقد عرفت مصر في عهد الأسرة الخامسة ست محاكم كان يطلق عليها المساكن المبجلة والمشرف على العمل فيها وزيراً ، أما جهاز صغار الموظفين فكان يضم أمناء السر وكتاب المحكمة والمحضرين ، وكانت أسماء الوظائف “أمين سر الكلمات السرية في المسكن المبجل” ، “أمين سر الأحكام القضائية.”
• وفي الدولة الحديثة أنشئت محاكم محلية يرأسها أعيان وأشراف المقاطعة ، يقومون بإجراء التحقيقات الأولية ، ثم يرفعونها لمحكمة كبرى ، كان يترتب على رفع شكوى مكتوبة إلى الوزير لكى تبدأ إجراءات مباشرة الدعوى ، وإذا رأي أنها تستحق النظر يطلب من المتقاضين أن يُمثلوا شخصيا أمام المحكمة الكبرى استناد إلى الشواهد المكتوبة أو الشفوية ، وبمجرد صدور الحكم ينفذ في الحال.
• مميزات النظام القضائى فى مصر الفرعونية:-
تميز النظام القضائي في مصر الفرعونية بعدة خصائص تدل بوضوح علي تقديس المصرين لفكرة العدلة (ماعت ) وذلك علي النحو الأتي:
1- قضاء عادل
وذلك لأن المصرين القدماء كانوا يقدسون العداله بل جسدوها في شكل اله ( الاله معات ) الذي كان لها فعل السحر علي القضاة . ولذلك وضعوا شروط صارمة فيمن يولي القضاء .
2- قضاء مجاني
وذلك لان العدالة في مصر الفرعونية كانت واجبا علي الدولة يجب عليها ان توفرة دون أي مقابل ودون أن يتكلف المتقاضون أي أعباء مالية.
3- قضاء مدني
فلم يصطبغ أبدا القضاء المصري القديم بالصبغة الدينية ولأن الاجراءات التي كانت تتبع أمام المحاكم قد خلت من الصبغة الدينية.
4- قضاء غير طبقي
فقد كان قضاء موحدا بالنسبة لجميع المصرين فقد كانوا أمام القانونسواء.
5- قضاء ذو اختصاص كامل
بمعني انه كان ينظر جميع القضايا التي تعرض عليه بغض النظر عن نوعها ومن ناحية اخري كانت له سلطة التحقيق والاتهام.
6- القضاة موظفين
حيث كان يتولي القضاء مجموعة من الموظفين يعينهم الملك ولذلك نجد أنه كان له سلطة عليهم
فالأحكام القضائية كانت تصدر بأسم الملك وذلك لكونة صاحب السلطة القضائية العليا في البلاد.
7- قضاء قائم علي فكرة تعدد درجات التقاضي
فقد عرف النظام القضائي الفرعوني مبدا التقاضي علي درجتين.
8- غير مستقل عن السلطة التنفيذية
وذلك لأن مصر لم تعرف نظام الفصل بين السلطات وذلك لأن جميع سلطات الدوله كانت مركزة في يد شخص واحد هو الملك.
9- قضاء قائم علي المرافعات الكتابية
فلم يعرف القانون الفرعوني مبدأ المرافعات الشفوية فقد كانت جميع اجراءات الدعوي تباشر كتابة.
10- قضاء جالس فقط
لم يعرف القضاء المصري نظام المحاماة ولذلك كان كل خصم يتولي الدفاع عن نفسة.
11- وحدة اجراءات التقاضي
حيث كانت الاجراءات التي يتبعها الخصوم امام محاكم اول درجة هي ذاتها الاجراءات التي تتبع امام محاكم الاستئناف.
• لقد بنى قدماء المصريين أساس سلطتهم الحكومية على مجموعة من المبادئ والقواعد التي يجب أن يسيروا عليها وكانت مرشدا لعلاقتهم مع الإله ، لقد كان الملك هو المشرف على تشريع القوانين والسلطات القضائية وهو المصدر الأعلى للقوانين.
ونلاحظ أن النصوص القانونية النادرة تتعلق بحالات فردية خاصة ومن عصور متباعدة ولقد أشار المؤرخون اليونان انه يوجد قانون مصري مكتوب في ثمانية كتب ولم يعرف الا منذ العصر الأخير ، وقد نسب المصريون الكثير من قوانينهم الى أصل الهي وذكر ديودور الصقلي أن المصريين أخبروه أن كتب القانون المقدسة قد وضعها ( تحوت ) اله الحكمة وقد أشار الى قوانين سنها بعض الملوك والحكماء ، وقد اتجه بعض الباحثين بعدم وجود قانون في مصر قبل عهد الرومان.

وفى الحلقة القادمة بإذن الله تعالى سوف نتكلم عن ” الملكية الخاصة والميراث وحقوق الزوجة عند القدماء المصريين “

رابط الحلة الأولى 

المستشار القانونى مجدى أحمد  رفاعى يكتب عن : مصر الفرعونية والقانون ( 1 )