المنطقة الحرة

المستشار القانونى مجدى أحمد  رفاعى يكتب عن : مصر الفرعونية والقانون ( 1 )

في يوم 25 فبراير، 2019 | بتوقيت 1:00 مساءً

كان لموقع مصر الجغرافى الفريد وتتابع النظم السياسية فيها على امتداد اجيال كثيرة عبر الاف السنين ما جعل دراسة تاريخ قانونها ،ينال إهتمام الفقه العالمى بها ؛فظلت مصر بسبب موقعها الفريد محافظة على ذاتيتها القانونية الوطنية ؛وانطبع تاريخها بطابع خاص بعمق التاريخ وترتب على ذلك ان الدارس لتاريخ مصر القديمة وخصوصا للقانون الفرعونى يلتمس صلة القانون بالبيئة وتأثره بالاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية

فالمصرى القديم منذ أن بدأ مسيرة الحضارة الإنسانية من السيطرة علي مقدرات حياته والتحكم في الظروف المحيطة به فكان إنتاجه الحضاري متوافقا مع متطلبات حياته ووفق عقائده وتصوراته فإن هذا الإنتاج الحضاري رغم غزارته وتنوعه وتعدد مصادره يوجد هناك احد أوجه الحياة الهامة تغيب فيها النصوص ونقل المصادر بشكل يثير الحيرة ألا وهو مجال التشريعات القانونية ورغم أن القانون كان في مصر منظما تنظيما جيدا فان معلوماتنا عن شئون القضاء في مصر قليله فلم تصل إلينا صورة واحدة متكاملة لأي قانون مصري من عصر الدولة القديمة؛ وكان البديل لديه قواعد العدالة التي ينظمها الملك الإله

فكانت مصر هى أول من وضعت: العدل أساس الملك.. وأن الفرعون يحيا بأعماله العادلة، وكان الملك يقدم تمثالاً لربة العدالة «ماعت» كل سنة، تذكيراً له بأن العدل هو أساس الحكم.. كما كان كل قاض يضع حول عنقه تمثالاً لربة العدالة «ماعت»،

وهذه رسالة من أحد ملوك الأسرة ١٢ لأحد وزرائه:  حافظ على القانون واحرص على أن يتم كل شىء طبقاً للقانون، حتى يصل كل شخص إلى حقه

وأرسل الملك «خيتى الرابع» أحد ملوك الأسرة العاشرة إلى ابنه ولى العهد: «هدئ من روع الباكى.. لا تجرد أحداً مما يملك.. لا تطرد موظفاً من عمله دون وجه حق.. لا ترفع ابن العظيم على ابن المتواضع.. بل قرب إليك الإنسان حسب كفاءته

فى القانون الفرعونى كان كل الناس أمام القانون سواء بسواء ؛فكانت المساواة كاملة بين الرجل والمرأة.. كان لها الحق أن تمتلك الأراضى، العقارات، المنقولات، وأن تتصرف فيها كما تشاء (البيع.. الشراء.. الهبة) كما كان لها إرادتها الكاملة فى اختيار زوج المستقبل أو رفضه دون وصاية من أهلها وذويها، كما تساوت فى الحقوق الإرثية، الأخت كأخيها على قدم المساواة، وللزوجة حق إرث زوجها بالكامل، كما كان لها الحق فى الدفاع عن حقوقها فى المحاكم، سواء كانت مدعية أو مدعى عليها.

 والمتتبع للقانون الفرعونى يجد أن النظام القضائي في مصر منذ فجر التاريخ أعتمد على الاستقلالية ، فكان لكل مدينة محكمتها الخاصة ، تتكون المحكمة من ممثلين من ساكني المدينة ، وتضم عادة رئيس عمال أو كاتب أو هما معا ، وبعض العمال القدامى ، وتقرر المحكمة التهمة الموجهة للشخص سواء كان رجلا أو امرأة وتحدد العقاب اللازم ، وكانت عقوبة الإعدام تستوجب الرجوع للوزير باعتباره كبير القضاة.

  •  هذا وقد تعددت مصادر القانون المصرى القديم ما بين التشريع والعرف والسوابق القضائية كما يلى :

1-     التشريع : وهو عبارة عن القواعد الآمرة التى يصدرها الملك بمفرده او بمساعدة الموظفين المختصين ؛ وكانت تسجل فى سجلات خاصة فى دارة العدالة ؛ تم تجميعها فى شكل مدونات قانونية مثل مدونة”تحوت” التى وضعها الإله تحوت “إله القانون” ومدونة الملك”ساسوحيس” ومدونة قوانين”أمتنوحتب” ومدونة”بوكخريس” الشهيرة.

2-     العرف المصدر الثانى: حيث نشأت النظمة القانونية فى مصر القديمة نتيجة أنظمة عرفية تعارف عليها القدماء بصورة تلقائية اكتسبت مع الزمن الشعور بإلزامها بسبب جريان عادة الناس عليها بضرورة عدم الخروج عدم الخروج عليها.

3-     السوابق القضائية : وهى نوع من العرف الخاص المتعلق بعرف المحاكم المصرية التى تصدر فى حل النزعات المتكررة واصبحت سوابق قضائية يدفع اليها باقى القضاة عند وجود قضايا مشابهة.

والى لقاء فى الحلقة القادمة بإذن الله تعالى نتكلم فيها عن تطور الوعي القانوني في مصر القديمة

   

مقالات ذات صلة