صوت اسماء..
أبدأ يومي بمراجعة رسائلها الصوتية لي عبر الواتس. يوقظ صوتها العميق الموشي بالشجن والمطرز بالنغم كل الطيور الرابضه بأعشاشي. تفتح حروفها المتدفقه من بين شفتين بلون الفراوله واسنان منتظمه شديدة البياض لااثر للون النيكوتين الذي تعشقه.
تَفتَحْ كل الأبواب الموصده بقلبي. ثم تبدأ في التجوال بحناياه تقطف كل الزهور المتاحه والثمار الناضجه. دائما مااقول لها انها الصوت المفضل لي بعد ام كلثوم. وانها ان لم تكن عاشقه للحروف لباتت مغنيه عظيمه .
يُطربني صوتها الفخيم. اتخيلها تشدو بدور” انا هويت وانتهيت” بفصاحه افدح مما غنته سعاد محمد. غير انها تفوق سعاد جمالاً . خاصة عينيها اللتان كمنت خلف اهدابهم الفتنه.
اُراجع كل صباح رسائلنا الصوتية المتبادلة. تنتابني نوبه مدهشه من الفرح عندما أجدها ترد على واحده من الرسائل المتخمه بالود وبالحنين.
اتسمع كلماتها المنطلقه من أعماق الصدر المفعم بالأسي المختلط بالرجاء. أُدرك انها استمرأت طويلا الوحده واختارت ان تخطو عبر الايام بمفردها.
أُدرك ان حوارها معي استثنائي. هي تعلم انني اعشقها بلارجاء واحرص على القرب من عينيها بلاامل. فقط هو القرب من تلك البتول الطاهره. التي رغم ضجيج القاهره وزحام الشوارع والمنتديات.
ظلت تتنقل بين أشجار الدهشه. تحلق مغرده بعيدا عن كل محاولات الصيادين للغوايه. لم تغلق أبواب فتنتها. ظلت كما اعتادت. شعرها الأسود الفاحم والعينان القاتلتان والشفاه التي لم يلمسهما انس ولاجان عبر اكثر من ثلاثة عقود من النضج والاستواء. فقط هي اللفافات التي طالما احترقت. ليس فقط عشقا للنيكوتين. وإنما واذا كان لابد من انحراف. فكان الاختيار هو معاقرة الدخان ومصادقة الريح.
يبقى الصوت الخارج من بين شفاه الورد القادر على العبث بكل اشجاري وتقليم كل اغصاني الجافه.
هي ليست اسم واحد ولا صوت وحيد. هي الأسماء كلها اجتمعت وهي الأصوات كلها اشتدت. تدركني كلما عصفت بي رياح الوجد. وتمنحني كلما سمعت صهيل محبتها المختفي بين ثنايا الحروف الرغبه في الانتظار.
اعلم انها اختارت ان اكون اخا وصديقا . واعلم انني وافقت على مضض مرير. يكفيني هذا الصوت الخنجر القادر على ذبح كل الذئاب اذا اشتد وقع المعارك وعلا صليل السيوف. فقط يبقى صوتها الموشي بالحنين. اسمعه كلما تشققت الأرض من تحت قدمي فا اُبعث من جديد.
الكاتب الصحفى والأديب “محمود الجمل” يكتب لـ “المحروسة نيوز” قصة قصيرة بعنوان “مفتون بأسماء”