
في مثل هذا اليوم، الثامن عشر من مايو عام 1963، لم يكن أحد يتخيل أن المطار الوليد على أطراف العاصمة المصرية سيتحول خلال عقود إلى واحد من أكبر وأهم مطارات القارة، وصرح استراتيجي يربط مصر بالعالم، ويجسد رؤيتها في الريادة والاتصال.
اليوم، ونحن نحتفل بمرور 62 عامًا على إنشاء وتشغيل مطار القاهرة الدولي، لا نحتفل فقط بأرقام وإحصاءات، بل بتاريخ حافل يشهد على تطور الدولة المصرية في قلب واحدة من أهم الصناعات الحيوية: الطيران المدني.

لقد ظل مطار القاهرة شاهدًا على لحظات مفصلية في تاريخ الوطن، بداية من كونه مركزًا لبعثات الحج والسفرات الدبلوماسية والتجارية، إلى كونه اليوم مركزًا إقليميًا مهمًا للربط بين أفريقيا وآسيا وأوروبا، ومركز عمليات دولي لشركة مصر للطيران، وواجهة مشرفة للدولة المصرية أمام ملايين الزائرين سنويًا.
عام 2024 وحده شهد عبور ما يقرب من 25 مليون راكب عبر المطار، وهو رقم يعكس تعافي الحركة الجوية وتنامي الثقة الدولية في المنظومة المصرية. كما أن المطار سجل في الربع الأول من 2025 وحده أكثر من 6.2 مليون راكب، ما يبشر بعام استثنائي جديد.
لكن الأرقام لا تكفي وحدها، فما تحقق على أرض الواقع في مطار القاهرة يستحق التوقف والإشادة. فاليوم أصبح المطار نموذجًا للتحول الرقمي والخدمة الذكية؛ بوابات إلكترونية، أكشاك سفر ذاتي، خدمات دفع غير نقدي، ربط إلكتروني بين شركات الطيران والخدمات الأرضية، كلها مظاهر تشير إلى أن مطار القاهرة بات يتحدث بلغة المستقبل.
كما أن البنية التحتية التي تمتد بين مباني الركاب الثلاثة، والمرافق المساندة من فندق، ومشاية كهربائية، وخدمات كبار الزوار، والنقل الداخلي عبر الشاتل باص، تعكس رؤية دولة تسعى لأن تكون في قلب المنافسة العالمية، لا على هامشها.
إن مطار القاهرة الدولي، في عيده الـ62، لا يمثل فقط إنجازًا في قطاع الطيران، بل هو مرآة تعكس طموح دولة تعرف جيدًا معنى أن تكون في موقع القلب من قارات العالم، وتدرك أن الحركة الجوية ليست مجرد عبور، بل جسور من الأمل والفرص والاستثمار.
كل التحية لرجال ونساء مطار القاهرة، الذين يقفون خلف الكواليس من أجل أن تصل الرحلة في موعدها، وأن تبقى مصر دائمًا في السماء، عالية وموصولة بالعالم.