
كتب .يوسف أبو النجا
في زحام الألوان والظلال، وفي عالمٍ تتجاور فيه السخرية مع الحلم، يتجلى الفنان التشكيلي سعيد أبو العينين كواحدٍ من أولئك النبلاء الذين وهبوا أرواحهم للفن، وساروا في دروبه لا طمعًا في شهرة، بل عشقًا لصدق التعبير وبلاغة الصورة.
هو ليس مجرد فنان تشكيلي، بل شاعرٌ بالخط واللون، وكاتبٌ بظلال البورتريه والكاريكاتير، استطاع أن يجمع بين بهاء اللوحة التشكيلية وحرارة السخرية في رسومه الكاريكاتورية. حاصل على بكالوريوس من كلية الإعلام، ومارس شغفه بالرسم منذ بداياته الأولى، حتى صار أحد أبرز الرسامين في الصحافة المصرية، حيث زينت أعماله صفحات جرائد ومجلات مثل “المستقبل”، “الجمهور المصري”، و”الوطن”.
لم يكتفِ أبو العينين بمساحة الورق، بل تمدد بريشته إلى جدران القصور، وأسطح البيوت العريقة، فزخرفها بجداريات آسرة ولوحات زيتية تحاكي تراثنا وتطلعاتنا في آنٍ معًا. وكانت له اليد الساحرة التي تركت أثرها في الزخارف والديكورات الداخلية، متوجًا بذلك مسيرته بتنوع يندر أن يجتمع في فنان واحد.
ولأن الفن عنده رسالة، جاءت أعماله غنية بالبعد الاجتماعي والسياسي، مغلفة بروح ساخرة ذكية لا تخلو من رهافة المشاعر. ففي معارضه، مثل معرض “نهي محفوظ في بلدنا مصر”, تجلت قدرته على تحويل القضايا العامة إلى مشاهد مرسومة تتكلم بلغة الناس، وتخاطب وجدانهم.

وتحتل المرأة المصرية مكانة خاصة في قلبه ولوحاته؛ فهي ليست مجرد موضوع فني، بل هي أيقونة حيوية، تظهر في أعماله بفطرتها، بجمالها الطبيعي، بزيّها الشعبي، وبصمودها أمام تقلبات الزمن. يرسمها كما يشعر بها: قوية، ناعمة، مرهفة، لكنها دومًا حاضرة بكل ما تملكه من سحر وخصوصية.
ورغم ما يمر به فن الكاريكاتير من تقلبات، يؤمن سعيد أبو العينين بأن هذا الفن لا يموت. فهو صوت الشعب، ومرآة المجتمع، وقادر دومًا على التجدد والتعبير، حتى وإن تبدلت الأدوات والمنصات.
إن تجربة سعيد أبو العينين، بما تحمله من تعدد في الأساليب وصدق في التوجه، تُعد شهادة حية على أن الفنان الحقيقي لا تُحدّه قوالب، ولا تقيده مدارس. إنه يمضي، بريشة مشتعلة، نحو التعبير الحر، ليمنح اللوحة لسانًا، والكاريكاتير قلبًا، والحياة طيفًا من الأمل.
للاطلاع على بعض من أعماله ومسيرته الحافلة، يمكن زيارة صفحته الرسمية على موقع عرب آرت