أخباربأقلامهمسياحة وسفر

“سعيد جمال الدين ” يكتب : السياحة المصرية بين دعم الدولة وتقصير القطاع .. متى نرى الذروة الحقيقية؟!!

في يوم 25 أبريل، 2025 | بتوقيت 3:00 مساءً

في الوقت الذي تُواصل فيه الدولة المصرية تقديم كل أشكال الدعم والتيسيرات للقطاع السياحي، وتُعلن بوضوح عن استراتيجيتها الطموحة لجذب 30 مليون سائح وتحقيق 30 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030، يقف القطاع السياحي – بكل مكوناته – في كثير من الأحيان عاجزًا عن مواكبة هذا الدعم أو تحويله إلى واقع ملموس على الأرض.

دعم حكومي غير مسبوقوالنتائج لا تواكب الطموحات

الدولة لم تدخر جهدًا:

  • إعفاء الطيران العارض (الشارتر) من الجُعل حتى نهاية 2025.
  • تأشيرات ترانزيت مجانية لمدة 96 ساعة حتى أبريل 2026.
  • تخفيف قيود الدخول على عدد من الجنسيات.
  • تطوير المطارات وخدمات الليموزين والتغليف والفنادق.

كل هذه القرارات تُشكّل أرضية ذهبية لانطلاقة كبرى، لكنها لم تُقابل حتى الآن باستجابة استراتيجية من القطاع نفسه.

أرقام مُبشّرة لكنها أقل من الممكن

بلغ عدد السائحين الوافدين إلى مصر في عام 2024 15.78 مليون سائح بإيرادات 14.1 مليار دولار، واستقبلت مصر 8.7 مليون سائح في النصف الأول من العام المالي الحالي (يوليو–ديسمبر 2024). أرقام جيدة، لكنها لا تزال دون المستوى المتوقع في ظل هذا الكمّ من التسهيلات.

الفرص الضائعة: الفشل في استثمار اللحظات العالمية

كم من حدث عالمي، وكم من زيارة تاريخية مرت على مصر دون استثمار يُذكر؟

نأخذ مثالًا بسيطًا لكنه بالغ الرمزية: زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حي الحسين والأزهر وخان الخليلي في قلب القاهرة الإسلامية. هذه كانت فرصة ذهبية لتسويق السياحة الروحية والتراثية، لكنها مرت في صمت تسويقي.

أين كانت:

  • الحملة الموجهة للأسواق الناطقة بالفرنسية؟
  • العروض السياحية المرتبطة بمسار الزيارة؟
  • المحتوى الرقمي الذي يُبرز هذا الحدث كرمز لتسامح مصر وتاريخها؟

وهذا ليس المثال الوحيد، فقد سبقه زيارات لمشاهير عالميين، وفعاليات ثقافية ورياضية كبرى، كلها ذهبت دون أن تترك أثرًا في خريطة السياحة العالمية.

مكاشفة لا بد منها: المسئولية على من؟

الخلل ليس في الدعم، بل في غياب التنسيق والتسويق والابتكار داخل القطاع.

نحتاج إلى:

  • حملات دولية تواكب العصر الرقمي.
  • تنمية المنتج السياحي ذاته لا الاكتفاء ببيعه.
  • تنشيط السياحة في الصعيد والدلتا وليس الاكتفاء بالبحر الأحمر وسيناء.
  • تأهيل الكوادر البشرية التي تمثل مصر في عيون الزائرين.

المطلوب فورًا: صحوة داخلية قبل فوات الأوان

الفرصة الآن سانحة، والعالم مفتوح، والدعم الحكومي لا جدال فيه. ما نحتاجه هو إرادة حقيقية من داخل القطاع السياحي بأن يكون على قدر المسئولية.

نُريد أن نرى القطاع يُبادر لا ينتظر، يُبدع لا يُقلد، يُقدّم المبادرات لا يُلقي باللوم على الآخرين. فالسياحة ليست وزارة فقط، بل صناعة كاملة تتطلب تضافر الجميع.

مصر تستحق أن تكون من بين العشرة الكبار في السياحة العالمية. لكن هذا الحلم لن يتحقق بالتصريحات فقط، بل بالعمل الحقيقي على الأرض، واستثمار كل لحظة وكل قرار في طريق الصعود.

إن أريد الإصلاح ما أستطعت .. وما توفيقى إلا بالله عليه وتوكلت وإليه أنيب وعلى الله العلى القدير قصد السبيل

سعيد جمال الدين