أخبارسياحة وسفر

“سعيد جمال الدين” يكتب : لماذا تراجعت التنمية السياحية في مصر؟!

في يوم 13 أبريل، 2025 | بتوقيت 11:04 صباحًا

رغم ما تمتلكه مصر من مقومات سياحية استثنائية—من آثار فريدة تمتد عبر آلاف السنين، إلى شواطئ خلابة ومناخ معتدل على مدار العام—فإن قطاع السياحة ما يزال يواجه تحديات كبيرة تعرقل مسيرة التنمية السياحية المستدامة، وتؤدي إلى تراجع حجم الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، بخاصة في المجال الفندقي.

في الوقت الذي تتسابق فيه دول الجوار العربي مثل الإمارات والمغرب وتونس وسلطنة عُمان على اجتذاب المستثمرين عبر حوافز وتسهيلات مغرية، تقف مصر أمام معوقات متكررة، يأتي في مقدمتها نظام تخصيص الأراضي وغياب الحوافز المالية.

أزمة الأراضي ونظام المزايدة

يعتبر ارتفاع أسعار الأراضي السياحية، الناتج عن اعتماد الدولة على نظام “المزايدة”، واحدًا من أبرز أسباب إحجام المستثمرين عن الدخول في مشاريع فندقية وسياحية جديدة. هذا النظام، رغم ما قد يحققه من عوائد مالية قصيرة الأجل للدولة، إلا أنه يمثل عبئًا على المستثمرين الذين يواجهون تكاليف باهظة قبل أن يبدأوا حتى في البناء أو التشغيل.

في المقابل، تتبنى دول مثل سلطنة عُمان والإمارات نظام التخصيص المباشر أو حق الانتفاع طويل الأجل بأسعار مدروسة ومحفزة، ما يمنح المستثمرين الثقة والاستقرار.

عزوف رجال الأعمال: لماذا؟

مع غياب الحوافز الجادة، وارتفاع التكلفة الأولية للمشروعات، أصبح الاستثمار في السياحة—خاصة في بناء وتشغيل الفنادق والمنتجعات—أقل جاذبية بالنسبة لرجال الأعمال. أضف إلى ذلك طول الدورة البيروقراطية للحصول على التراخيص، وغياب منظومة واضحة لدعم المستثمرين الجادين.

النتيجة؟ تراجع ملحوظ في حجم الاستثمارات السياحية، وتباطؤ في وتيرة إقامة مشروعات جديدة تواكب الطلب المتزايد على السياحة المصرية.

تجارب ناجحة تستحق النظر

● الإمارات:

في دبي وأبوظبي، تُعامل السياحة كصناعة استراتيجية. أطلقت الإمارات الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031 بهدف جذب 100 مليار درهم من الاستثمارات السياحية، واستقطاب 40 مليون نزيل فندقي. كما تحتل المرتبة الخامسة عالميًا في جذب مشروعات الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع.

● سلطنة عُمان:

تخطط السلطنة لاستثمار نحو 31 مليار دولار في قطاع السياحة بحلول 2040، وتقدم للمستثمرين تسهيلات تشمل إعفاءات ضريبية تصل إلى 30 سنة، وتملّك أجنبي 100%، وتخفيضات على رسوم السجلات والأنشطة التجارية.

● المغرب:

يعتمد المغرب على سياسة الحوافز المباشرة، إذ تصل نسبة الدعم إلى 30% من إجمالي الاستثمارات، خاصة إذا تجاوزت 50 مليون درهم. كما تعمل الحكومة على تطوير البنية التحتية، من مطارات وطرق، مما يعزز من تنافسية المملكة.

ما الذي يمكن فعله في مصر؟

لمعالجة الأزمة ودفع عجلة التنمية السياحية، هناك مجموعة من السياسات المقترحة التي يمكن أن تُحدث فارقًا واضحًا:

  • إعادة النظر في نظام تخصيص الأراضي: يجب توفير الأراضي بأسعار عادلة أو بنظام حق الانتفاع طويل الأجل لتشجيع المستثمرين، بدلًا من نظام المزايدات المُرهق.

  • تقديم حوافز ضريبية وتمويلية: مثل الإعفاءات الضريبية المؤقتة، وتسهيل الحصول على قروض ميسرة للمشروعات السياحية الجديدة، خصوصًا في المناطق الواعدة مثل البحر الأحمر وسيناء وسيوة.

  • تسهيل الإجراءات الإدارية: اختصار الزمن اللازم للحصول على التراخيص عبر “الشباك الواحد”، وتوفير مسار سريع للمستثمرين الجادين.

  • تعزيز الترويج الدولي: دعم الحملات الترويجية في الأسواق الناشئة مثل شرق أوروبا وآسيا، إلى جانب تطوير السياحة الثقافية والبيئية، بما يبرز خصوصية مصر وتنوعها.

  • دراسة التجارب الإقليمية الناجحة: والاقتباس منها ما يناسب السياق المصري، دون نقل التجربة بشكل أعمى.

إن إنعاش قطاع السياحة لا يقتصر على الترويج أو رفع أعداد السائحين، بل يتطلب رؤية متكاملة تبدأ من الأرض التي سيُبنى عليها المشروع، ولا تنتهي إلا عند تحقيق التنمية المستدامة المتكاملة التي تخلق فرص عمل، وتزيد من حصيلة الدخل القومي، وتُعيد لمصر مكانتها التي تستحقها كوجهة أولى للسياحة في المنطقة.

إن أريد الإصلاح ما أستطعت وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .. وعلى الله العلى القدير قصد السبيل 

سعيد جمال الدين