أخباربأقلامهم

“اللواء الدكتور سمير فرج ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : هل يمكن أن يفعلها ترامب؟!

في يوم 19 فبراير، 2025 | بتوقيت 8:09 مساءً

في نوفمبر من عام 1954 قام الرئيس السوفيتي، خروتشوف، بإعطاء شبه جزيرة القرم، التابعة للاتحاد السوفيتي، حينئذ، إلى أوكرانيا، فيما يعرف “بقصة القرض”، وهو ما أثار انزعاج الروسيون، الذين رفضوا اقتطاع جزء من أراضيهم، خاصة وأنه القرار الذي اُتخذ دون استفتاء شعبي، ما كانت نتيجته لتؤدي لذلك، أبداً.

ومرت العقود، إلى أن تحينت روسيا الفرصة، في عام2014، حين قام الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بضم شبه جزيرة القرم للأراضي الروسية، وأجرى استفتاءً شعبياً، صوت فيه شعب القرم لصالح الانضمام لروسيا، وحينها قامت أمريكا بفرض عقوبات على روسيا.

وفي فبراير 2022، غزت روسيا أوكرانيا، وهو ما اعتبره البعض امتداداً لأحداث عام 2014، وخلال ذلك الهجوم، سيطرت روسيا على 20% من الأراضي الأوكرانية، وكان سببه الرئيسي إعلان أوكرانيا عن نيتها للانضمام إلى حلف الناتو، مما يعني وجود قوات عسكرية لأكثر من 28 دولة، في ذلك الوقت، من دول الحلف داخل الاراضي الأوكرانية، وهو ما اعتبرته موسكو تهديداً لأمنها القومي. فضلاً عما أشارت إليه بعض الأوساط الاقتصادية، من استهداف روسيا، كذلك، إلى الاستيلاء على ثروات أوكرانيا، خاصة رواسب الليثيوم في إقليم دونباس.

ومنذ اندلاع تلك الحرب، سيطرت روسيا على أربع مقاطعات في أوكرانيا، وهي؛ لوهانسك، دونيتسك، زاباروجيا، وخيرسون، بل وأجرت استفتاءً حول رغبة سكان تلك المناطق في الانضمام إليها، وكانت النتيجة لصالح الانضمام إلى روسيا. وبالفعل، تم ضم هذه المقاطعات إلى روسيا، وتم إصدار جوازات سفر روسية لسكانها، وتعديل كافة قوانين تلك المقاطعات، لدمجها في الدستور الروسي، وأقر البرلمان الروسي، “الدوما”، هذا التعديل. وفي المقابل، تمكنت أوكرانيا، في العام الماضي، في اختراق داخل الأراضي الروسية، في إقليم كورسك.

وهنا نتوقف أمام تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي صرح بها خلال جولته الانتخابية، بأنه لو كان في السلطة لما اندلعت الحرب الروسية-الأوكرانية، معتبراً أن الرئيس الأمريكي جو بايدن هو من أشعل هذه الحرب. وأكد أنه عندما يتولى السلطة، مجدداً، سيعمل فوراً على إحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا.

وخلال محادثة هاتفية بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، يوم الأربعاء الماضي، اتفقا على إنهاء الحرب، فوراً، التي استمر القتال فيها، لثلاث سنوات. كما أعلن ترامب أنه سيلتقي بوتين، في السعودية، خلال الأيام المقبلة، لبحث مراحل وخطة تنفيذ وقف إطلاق النار، وتحقيق السلام.

وفي عدة تصريحات أخرى، سمعنا بعض من أفكار ترامب، وآراءه، عندما وصف الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، على سبيل المثال، بأنه “بائع شاطر”، مشيراً إلى أنه كان يحصل في كل زيارة للولايات المتحدة على 60 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، مضيفاً أنه لو كان رئيساً لأمريكا لما أعطاه هذه الأموال. كما صرح، في الأسبوع الماضي، بأنه ليس من الضروري انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، مؤكداً أن أوكرانيا بحاجة لخوض انتخابات تعبر عن المرحلة الجديدة، بعد تحقيق السلام مع روسيا.

يعتمد ترامب في خطته لإنهاء الحرب، على استخدام المساعدات الأمريكية، التي تبلغ مليارات الدولارات، للضغط على أوكرانيا لقبول وقف إطلاق النار، وتحقيق السلام، مع تعهد الولايات المتحدة بوضع خطة لإعادة إعمار أوكرانيا، من خلال مشروع مماثل لمشروع مارشال في الحرب العالمية الثانية، بشرط أن تتنازل كييف عن الأراضي التي ضمتها روسيا. كما طالب أوكرانيا بدفع ما قيمته 500 مليار دولار من المعادن النادرة، التي تُستخدم في صناعة الإلكترونيات، إلى الولايات المتحدة.

وقد أثارت هذه التحركات اعتراضاً أوروبياً، إذ انتقدت دول أوروبا تواصل ترامب مع بوتين، دون استشارة دول حلف الناتو، بشأن الخطوط العريضة لخطته لإنهاء الحرب، كما وصفتها جريدة واشنطن بوست التي تقضي بالسماح لروسيا بالسيطرة على المقاطعات الأربعة، مع التعهد بعدم مهاجمة أوكرانيا بعد ذلك، والمساهمة في إعادة إعمار أوكرانيا. وعلى الطرف الآخر تتعهد أوكرانيا، ودول الغرب، بعدم انضمام أوكرانيا الى حلف الناتو، وكذلك تتعهد بعدم الحصول على السلاح النووي. وتؤكد بعض التحليلات الاستراتيجية إلى قدرة ترامب، بالفعل، على إنهاء الحرب وإحلال السلام، اعتماداً على استحالة صمود أوكرانيا، أمام روسيا، في حال إيقاف المساعدات الأمريكية.

ومن جانبه اعترض الرئيس الأوكراني أن أحداً لم يستشره، حتى الآن، في تلك الاتفاقية، خاصة وأن أحد بنودها، كما نشرته الصحف الأمريكية، ينص على أنه بعد الوصول لاتفاق للسلام، سيسافر الرئيس زيلينسكي، إلى انجلترا للعيش فيها. بينما على الجانب الآخر يؤكد الجميع أن الرئيس بوتين يسعى بشده لإتمام اتفاق السلام، لأن روسيا قد أرهقتها الحرب، على المستوى الاقتصادي، من ناحية، بعدما فقدت أسواق الغاز في أوروبا، التي تعمل الولايات المتحدة على دخولها في الفترة القادمة، وكذلك على المستوى السياسي، من الناحية الأخرى، بعد أن فقدت سيطرتها في سوريا، وبالتالي في الشرق الأوسط.

ويرجح البعض أن الحل سيكون عبر صفقة شاملة، مثل اتفاق مالطا في مؤتمر 1945 بين الاتحاد السوفيتي والحلفاء، ومن المتوقع أن يضم الاتفاق زعماء روسيا والصين إلى جانب كوريا الشمالية، الذين أصبحوا حلفاءً لموسكو في مواجهة الولايات المتحدة. لذا، يتوقع الكثيرون أن الاتفاق الجديد، في الفترة القادمة، سيكون بمثابة “خريطة سلام” جديدة، ليس بين روسيا وأوكرانيا، فحسب، وإنما بين كافة التكتلات السياسية، التي تضم كل دول العالم، والتي يهدف الرئيس ترامب من خلالها الحصول على جائزة نوبل للسلام.

كاتب المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

Email: [email protected]

واحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963.

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973.

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخبار اليوم.