
تشهد الدورة الحالية من معرض القاهرة الدولي للكتاب ظاهرة فريدة تتمثل في صدور عدد من الإصدارات الحديثة التي تستعيد سيرة «سيدة الغناء العربي»، أم كلثوم (1898-1975)، وتسعى لاستكشاف جوانب مختلفة لم يتم التطرق إليها من قبل، سواء عبر تجربتها الحياتية أو مسيرتها الفنية، وذلك بالتزامن مع الذكرى الـ 50 لرحيلها.
ومن أبرز المؤلفات في هذا السياق، كتاب «أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة»، الصادر عن دار «ديوان»، للكاتب حسن عبد الموجود الذي يقدم 50 حكاية ترصد مفارقات في مشوارها منذ أن كانت طفلة صغيرة تغني للإوز في الريف وحتى صارت رمزاً للثقافة العربية يدعوها الملوك والرؤساء إلى مجالسهم.

ويبرز المؤلف قدرة «الست» على صنع علاقات متوازنة مع كل الفرقاء، مثل الملكية والثورة، الإنجليز والألمان، وكيف نجحت في تكوين علاقات قوية مع رموز الصحافة وبالوقت نفسه استطاعت حماية حياتها الخاصة من فضول الصحافيين.
ويكشف كتاب «أم كلثوم والأتراك»، الصادر عن دار «مرفأ» للباحث والمؤرخ التركي مراد أوزيلدريم، ترجمة أحمد زكريا وملاك دينيز أوزدمير، خفايا علاقة الشعب التركي بـ«كوكب الشرق»، حيث تم حظر إذاعة الموسيقى الكلاسيكية التركية بالراديو التركي في الفترة من 1934 حتى 1936، فاتجه الأتراك إلى أغاني أم كلثوم بوصفها أقرب البدائل لذائقتهم.

كتاب «أم كلثوم والأتراك» (دار النشر)
ولم يقتصر التعارف بين الشعبي التركي والموسيقى الشرقية على أم كلثوم، وإنما امتد كذلك إلى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب والأفلام السينمائية التي وقع الأتراك في غرامها حتى أنهم طالبوا بدبلجتها إلى التركية، بحسب المؤلف. ويخصص المؤلف فصلاً كاملاً للحوارات الفنية التي أجرتها «كوكب الشرق» للصحافة التركية، وكيف كان أتراك يجتمعون في بيوتهم أمام الراديو منتظرين حفلها الشهري، مؤكداً أن أكثر بلد غير عربي حققت فيه أم كلثوم شهرة واسعة هو تركيا.
وعدّ الناقد الأدبي سيد محمود احتفاء معرض الكتاب بـ«سيدة الغناء العربي» عبر الكثير من الإصدارات الجديدة بمنزلة «ظاهرة طبيعية ومتوقعة في ذكرى رحيلها حيث تعد سيرتها ملهمة للباحثين والمؤرخين من كل الأجيال نظراً لما تنطوي عليها من مفارقات وتحديات وعراقيل استطاعت عبورها بذكاء مدهش»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «يظل من دواعي التأمل واستخلاص العبر قدرتها الفذة على التحول من مجرد مغنية بسيطة تقدم موشحات تراثية إلى نموذج مذهل لقوة المرأة وسيدة المجتمع في عصر يتسم بالتحفظ اجتماعياً».

غلاف كتاب «أم كلثوم ومن معها» (دار النشر)
ويعد كتاب «أم كلثوم ومن معها» الصادر عن دار «الشروق» للباحث د. إبراهيم شكري بمثابة «دليلٌ لكل مُحبي الست، وللمهتمين بفنها، وللباحثين عن فهم أعمق لتاريخ الموسيقى العربية وأسرار إبداعها»، بحسب بيان صادر عن الدار. ويشير البيان إلى أن «هذا العمل ليس مجرد كتاب عن موسيقى، بل رحلة في وجدان مصر وأصالتها، يقدم للقارئ غير المتخصص شرحاً مُبسطاً للموسيقى والمقامات، مع تحليل لأشهر الأغاني التي غنتها كوكب الشرق».

غلاف كتاب «صاحبة الجلالة» (دار النشر)
ومن الكتب الصادرة حديثاً التي تسعى لإبراز جوانب جديدة في مسيرة السيدة أم كلثوم كتاب «صاحبة الجلالة»، الصادر عن دار «إبداع» للناقد الفني محمد شوقي، الذي يؤكد أن «عمله يلفت الانتباه إلى زوايا جديدة في (السيرة الكلثومية) على غرار شعبيتها في الغرب»، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مجموعة من المطربات في الولايات المتحدة وأوروبا غنين أعمالاً لأم كلثوم ورقصن على إيقاعاتها، كما أن الجامعات الغربية شهدت الكثير من أطروحات الماجستير والدكتوراه حول مسيرتها».