إن الأزمة الأقتصادية التي يمر بها العالم منذ تفشي وباء الكورونا بنهاية 2019 ثم إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022 ودخول دول حلف الناتو بزعامة أمريكا في الصراع إنحيازاً لاوكرانيا مما أثر علي إرتفاع الأسعار عالمياً وخاصة المواد الغذائية وأضطرت الكثير من الشركات الغذائية إلي تقليل وزن العبوات بنسبة 20% بنفس السعر اوزيادة عن السعر السابق وذلك ما يطلق عليه علميا ” الإنكماش التضخمي للطعام “Food Shrinkflation “ الذي يعني تأثير التضخم علي تقليص حجم السلع الغذائية.
وهذا ما حدث في بعض البلدان الأوروبية بديلاً عن رفع الأسعار للمواد الغذائية ، ولكن المستهلك لاحظ أن قدرته الشرائية في تراجع فلا يجد حلاً إلا تغيير طرق الإستهلاك التقليدية ( مثل الشراء من محلات الجملة الأقل سعراً) .
وفي مسح لنشاط المستهلكين أجراه ” بنك باركليز في بريطانيا ” وجد أن 70% من الأسر تركز إنفاقها علي الضروريات فقط وتشعر بالقلق من قيام شركات الغذاء بتقليل حجم المنتجات مثل زجاجات الزيت وعبوات القهوة و رقائق البطاطس وغيرها.
هذا الضغط الإقتصادي أدي لتغيير الكثير من الممارسات والعادات الإجتماعية فتلاحظ أن إثنين من كل خمس أفراد في إنجلترا يقللان من تناول الطعام في المطاعم أو السفر للخارج والتواصل الإجتماعي خارج المنزل وهذا يلقي بظلال كئيبة علي شرائح الشباب بالذات.
ووسط كل هذا لاعجب أن تكون كلمات الأزمة الإقتصادية هي الأكثر تداولاً وسط شعوب العالم، فأزمة تكلفة المعيشة بات لها تأثير كبير علي اللغة اليومية وهناك إرتفاع كبير في إستخدام كلمات مرتبطة بالديون والتقشف وأسعار الغذاء ومنها علي سبيل المثال:
- تعبير أزمة تكلفة المعيشة Cost Of Living Crisis)) وهو التعبير الأكثر إنتشاراً علي مستوي العالم ، وهناك أيضا كلمة التضخم ( Inflation ) وهو يعني زيادة في الأسعار و الخدمات وإنخفاض في القوة الشرائية للنقود.
- وأيضا تعبير الطبقة الوسطي المعصورة Squeezed) Middle) وهو يشير إلي الضغط علي الطبقة الوسطي بما يؤدي إلي تراجعها الإقتصادي والإجتماعي – وهذا ما ظهر في تقرير مركز التقدم الأمريكي في سبتمبر 2014، موضحا أن تكلفة رعاية الأطفال والتعليم العالي والرعاية الصحية والإسكان والتقاعد إرتفعت لمستويات قياسية في أمريكا ، بينما عانت الأجور حالة من الركود ، مما يؤثر سلباً علي الطبقة الوسطي ومما يقلل من النمو الأقتصادي والناتج المحلي الإجمالي فبدون طبقة وسطي قوية لا يمكن بناء إقتصاد قوي.
- أيضا إنتشر تعبير” ركود الأجور” (wage Stagnation) أي نمو الأجور البطئ وغير المتكافئ بسبب الفجوة بين الأجور من ناحية وبين التضخم من ناحية أخري.
- كذلك يضاف لكلمات الأزمة الأقتصادية كلمة ضائقة Hardship)) وكلمة فقر (Poverty) وحرمان deprivation)) و ضغوط مالية (Financial Stress) وهي كلمات تصف معاناة الملايين من شعوب العالم من أجل الوفاء بالضروريات الأساسية من طعام ومسكن ومواصلات.
- حتي أن خبراء الأقتصاد أنفسهم يعترفون بصعوبة التنبؤ بحال الإقتصاد العالمي في الفترة المقبلة بسبب وجود عدد من العوامل المتداخلة من بينها الحرب الروسية الأوكرانية ،وحالة الطقس والحرب التجارية بين أمريكا والصين، وأسعار الطاقة ،وبسبب كل هذه العوامل ستظل اللغة اليومية تتفاعل مع الأزمة الأقتصادية حتي نهتدي إلي ضوء في نهاية النفق وندعوا الله أن يكون قريبا
والله نسأل السداد والتوفيق لما فيه صالح بلدنا
كاتب المقال
الدكتور محمد عبد المنعم صالح
whatsapp.: 01223593761
Email :[email protected]
مفكر متجول بين العلوم
دكتوراه العلوم الطبية البيئية – جامعة عين شمس
خريج الكلية الحربية المصرية –الدفعة 25 اطباء –1974
ماجستير الميكروبيولوجيا الطبية والوبائيات –الأكاديمية الطبية العسكرية
استشاري صحة البيئة والميكروبيولوجيا الطبية
إستشارى تدريب صحة وسلامة الغذاء بغرفة المنشات الفندقية
إستشارى برنامج التوعية الصحية ضد كوفيد -19
إستشارى تدريب الإدارة البيئية للفنادق ( الفنادق الخضراء )
إستشارى التدريب علي التنافسية في القطاع السياحي ، تابع لمنظمة العمل الدولية
إستشارى التدريب في منظمة الفنادق والنزل الأمريكية ، سابقاً
إستشارى التدريب في كلية أدنبره “اسكتلندا” سابقاً
عضو جمعية الباجواش المصرية
عضو لجنة جودة التعليم وأخلاقيات البحث العلمي ، كلية السياحة والفنادق، جامعة المنصورة
عضو لجنة جودة التعليم في الرقابة علي الأغذية-كلية الطب البيطري، جامعة بنها سابقاَ
“الدكتور محمد عبد المنعم صالح” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” عن : القائد ذو الثلاثة أبعاد