المنطقة الحرة

حمدى كسكين يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” عن : أيام في ذاكرتي ..و شاهد علي كُتاب سيدنا فضيلة الشيخ علي أبو لهلوبة 

في يوم 8 مايو، 2019 | بتوقيت 7:01 مساءً

تمر الأيام وتمضي السنون ولم يتبق سوي ذكريات جميلة من ايام كتاب سيدنا .. كانت الكتاتيب في تلك الأيام الملاذ الآمن لمن أراد أن يحصل علي حظ موفور من التعليم ويتعلم مبادئ القراءة والكتابة وكانت الكتاتيب في تلك الأيام بمثابة حاضنات تعليمية لمن يرغب في حفظ القرآن الكريم .ولقد لعبت الكتاتيب دورا مهما في امتداد دولة التلاوة ..التي انتشرت في ربوع مصر المحروسة في ذاك الزمان ومنها تخرج فطاحل القراء وإعلام دولة التلاوة في العالم أجمع
لم يكن دخول الكتاب صعبا أو معقدا وكان خال تماما من البيروقراطية والروتين القاتل ولم يكن ولي الأمر في حاجة لشهادة ميلاد أو مستخرج رسمي ..أو لشراء ملف عليه دمغات وطابع نقابة ..كان الموضوع سهل وهين وغير معقد
اتذكر أنني من الجيل الذهبي الذي تلقي تعليما أوليا في كتاب سيدنا الشيخ علي أبو لهلوبة في قريتنا الجميلة اكياد
كان بيت سيدنا واسع وفسيح وفيه متسع للجميع ..وكانت الصالة الكبيرة في بيت سيدنا بمثابة قاعة المحاضرات وكان في آخر بيت سيدنا صالة اخري لمن هم قطعوا شوطا كبيرا في حفظ القرآن واقتربوا من ختمه لم يكن كتاب سيدنا مفروش بالارائك والسجاد ولم تكن هناك سبورة تعتلي الصالة الكبيرة ..كنا نفترش الأرض علي حصر من سمار المر وهو الارخص سعرا في هذا الزمان وكنا نجلس سويا علي الارض في يد الواحد منا لوحا جميلا ….وبعض الميسورين من الأصغر منا سنا عرفوا الكراسات لم يكن سيدنا يعلق جدولا للحصص كنا نذهب في العطلة الصيفية للكتاب صباحا وما ان نتجمع تبدأ مراسم التسميع تسميع ما كلفنا به سيدنا بالأمس ورددناه خلفه مرارا وتكرارا …ومن لم يحفظ كان ينال عقابه من سيدنا كان سيدنا يعرف الثواب والعقاب فمن حفظ واجبه كان يسمع كلمات الثناء والاطراء والشكر من سيدنا ..كانت كلمة شكر واحدة من سيدنا كفيلة بأن تجعل الواحد منا منتشيا طوال اليوم وكفيلة بأن تجعل في بيوتنا اعيادا والخائب والمتعوس الذي يتلعثم أو يخطئ أو يفشل في التسميع ينال عقابه توبيخا وينهال عليه سيدنا ضربا بزخمته الشهيرة ويقضي يومه تعيسا حزينا وينال علقة سخنة من والده في البيت …كان سيدنا رجلا مهذبا عفيف النفس طاهر اللسان ..لا يكلف ولي أمر فوق طاقته كانت الجودة بالموجودة في هذه الايام الجميلة كان سيدنا يتحصل علي قرش أو بعض قروش عن أفراد أسرة واحدة في اعمار مختلفة فإن كان انا واخوتي الاربعة يتحصل علي مبلغ زهيد من القروش لا يتعدي أصابع اليدين وكان هناك من يجود علي سيدنا بأتعابه علي المحصول في موسم الغلة ( القمح ) أو في موسم الذرة وسيدنا قانع وسعيد غير متبرم وغير ساخط علي الحياة ….كان سيدنا في ذلك الوقت يمثل لنا القامة والقيمة وكنا نتحاشي ان يرانا في طرقات محطة قريتنا أو في شوارعها أو أزقتها الضيقة
كان معي في ذلك التوقيت ابن عمي وكان يكبرني سنا فضيلة الشيخ محمد محمد كسكين وقد أتم حفظ القرآن الكريم صغيرا ثم التحق بالأزهر الشريف وتخرج من كلية أصول الدين وعمل في الوعظ والإرشاد حتي خرج للمعاش وكان من اشطر طلاب الكتاب في ذلك الوقت فضيلة القارئ الشيخ محمد السيد كسكين الذي تخرج بعد ذلك من عالية القراءات وأصبح من أعلام دولة التلاوة في مصر واحد أعمدة نقابة قراء القرآن الكريم في مصر وقارئ القرآن الكريم في المركز الإسلامي في لندن حيث يذهب مبعوثا من الدولة سنويا للمملكة المتحدة ( بريطانيا )
رحم الله مولانا وسيدنا فضيلة الشيخ علي أبو لهلوبة واسكنه الله فسيح جناته وسنستكمل معا في مقالات اخري سلسلة من الموضوعات عن كتاب سيدنا وأعلام دولة التلاوة في الشرقية ومصر خلال الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك .

كاتب المقال 

حمدي كسكين

كاتب صحفي وخبير مجتمعي

مقالات ذات صلة