هناك فرق كبير بين تصنيف ماركة المنتج سوقياً وبين ان يكون المنتج ماركة مسجلة ؟
فاذا كانت ماركة المنتج بلغة التجارة هي تصنيفه بين مثيله من المنتجات علي اساس السعر والجودة من خلال رأي العملاء فيه .
أما في صناعة الضيافة فتصنيفها في ذهن السائح تتفاوت توقعاته مبدئيا علي اساس السعر اما السائح المتمرس تعني درجة الجودة المتوقعة له الكثير مقارنة بالسعر المعروض .
ومن هنا يتم تصنيف وجهات سياحية من الوهلة الاولي علي انها وجهات السياحة الرخيصة وهذه ينفر منها عدد ليس قليل من المسافرين حتي بدون محاولة التجربة .
اما الوجهات السياحية التي صنعت الماركة brand هي من تضمن الجودة مع السعر المناسب ولابد ان نفرق بين الجودة والبهرجة ، لان صناعة السياحة لها مفاهيم وتعريفات مختلفة.
فهي لأهل العلم أبحاث ونتائج في كلمات مصقولة بميزان الحروف ولأهل الصناعة إستثمار يحكمه منهج الربح والخسارة، وللدول هي أحد روافد الناتج القومي بل في بعض الدول أهم روافدها .
أما للسائح نفسه وهو أهم عنصر في المعادلة فلها تعريف ومفهوم واحد وهو تحقيق متعه وحرية حركة من خلال تجربة حيايتة تحترم الإنسان ، أما الفخامة والبهرجة لا تشكل عنصر هام في إحتياجات كل سائح وخاصة السائح معتاد السفر فهو يميز جيدا بين قيمة ما قام بدفعه وما يحصل عليه في تجربته السياحية في وجهة ما.
واهم مكونات تلك التجربة السياحية الإنسانية الناجحة لا تعتمد علي التكلفة المادية والبهرجة ، فالابتسامة والترحاب والكرم البسيط إاحترام الخصوصية وحرية الحركة والنظافة والإلتزام بالوقت وبما هو مكتوب في برنامج السائح وتنفيذه بدون فهلوة هي الأهم وهذه المكونات لا تكلف مقدم الخدمة فلوس إنما فكر وثقافة ، وهنا ياتي سؤال خاص بسياحة بلدنا ! هل نحن بلد سياحي ؟
ربما يستغرب البعض هذا السؤال ويتهمني بجهل أو التقليل مما نملكه من كنوز آثرية وبحار ومناخ وفنادق بماركات عالمية ! .
ولن أجاوب علي السؤال بل ساقوم بتعريف البلد السياحي ،وهو ببساطة البلد الذي يستطيع السائح أن يتحرك فيه بمفرده في حرية ويحصل علي كامل خدماته بسعر المواطن مع مراعاة أن تتناسب مع ما قام بدفعه وكذلك يشعر أن جهاز إدارة تلك الوجهة السياحية وشعب تلك الوجهة حريصين كل الحرص علي حصول هذا السائح الضيف علي ما يتمناه خلال زيارته ومقتنع أن هذا السائح مصدر دخل للدولة وليس ضيف ثقيل أو متسول وأن التجربة الإنسانية ستعلق بذهنه وستكون أكبر آداة تسويق لتلك الوجهة بل هي ما سيضمن عنصر الإستدامة لها.
نعم لربما يأتى التسويق والإعلان والترويج بنتيجة لصالح عملية بيع المنتج السياحي بعائد سريع ، أما أن يصل هذا المنتج إلي أن يبحث عنه العميل بنفسه بناء علي سمعته كماركة مميزة ( brand) فهذا شيء آخر وهنا تتحقق الإستدامة.
لا أريد التطرق لمشكلات كلنا يعلمها إنما أحذر بإهمال البحث عن حلول لها لأن لو إستمر الحال علي ما نحن فيه ومع المنافسة الشرسة من حولنا فلن تكون هناك إستدامة ولا حتي طمع في عمل ماركة دولية مع كل ما نملكه من مقومات وسنظل نطوف في تصنيف لا يليق بنا.
والحل في عدم الفهلوة وتطبيق سياسة تقليل التكاليف علي حساب الجودة ، هناك خبرات كانت تصنع منتجات جيدة هجرت المجال ولم تعلم أجيال وهذا له آثر سيء جدا علي السمعة والإستدامة ، وإن لم نتدارك هذه الأزمة سنخسر كثيراً في المستقبل لأن السائح نفسه هو أكبر مسوق لنا سلباً وإيجاباً بناءً علي ما يحصل عليه من جودة خلال تجربته السياحية عندما يزورنا .
حفظ الله مصر وسياحتها وكل من يؤمن أن الصالح العام حتماً سيصب في الصالح الخاص فكلما زادت سمعة المنتج السياحي رونقاً، كلما إستدام وعاد بالخير علي الجميع سواء عاملين أو مستثمرين وبالطبع علي كامل الدولة.
كاتب المقال
محمد فتحى أبو شنب
عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات ووكالات السفر والسياحة المصرية
رئيس مجلس إدارة شركة فيزيت إيحيبت تورز
