يقع إقليم النوبة فى جنوب مصر وهو شمال السودان على ضفتى النيل وله تاريخ يمتد الى خمسة الاف عام . ويقع هذا الإقليم اليوم ما بين أسوان والخرطوم العاصمة السودانية ( وهى بالطبع عاصمة شمال السودان الان ) ويحدها البحر الأحمر من الشرق والصحراء الليبية من الغرب وإشتهر سكان هذه المنطقة بممالك ذى حضارات متقدمة
- الجزء الشمالى من النوبة مع الحدود الشمالية عند شلال أسوان عرفت بإسم واوات wawat .
- وفى الطرف الجنوبى عند الشلال الثانى ( بحيرة ناصر الان ) عرفت عند المصريين بإسم بلاد كوش cush– وعرفت بإسم أثيوبيا عند الإغريق .
- وإسم النوبة فى اللغة القبطية ( نوب ) وتعتبر منطقة النوبة هى المنطقة التى كان قدماء المصريين يجلبون الذهب من مناجمها لهذا اطلقوا عليها بلاد الذهب .
التاريخ النوبى المدون منذ آلاف السنين كيف لنا أن نجهله ! وياللأسف رأيت الكثيرين الذين لايعرفون سوى الفتات من المعرفه وقد هالنى العدد الكبير الذى يتلعثم فى تاريخه وخاصة بين الشباب وبعضهم يتباهى بمعرفته فقط أن كلمة السر فى حرب أكتوبر كانت باللهجة النوبية ! وسأذكر مثالين المثال الأول دليل لإنعدام ثقافة المعرفة الذى هو أضعف الإيمان والمثال الثانى استغلال الجهل المزدوج الثقافى والتاريخى لإثارة الفتنه بين الكنوز والفديجات.
المثال الأول :
هناك أغنيه يرددها الكثيرون دون تبين فهو يقول: أنا فخور بإنى نوبى هذا جميل ولكن الذى ليس بجميل أن يقول إنه ابن مينا وترهاقا فالأول صعيدى مصرى والثانى أفريقى سودانى وكوش ونباتا فهى مسميات ممالك وليست اسماء ملوك وذلك سيأتى توضيحها فيما بعد .
المثال الثانى :
مقولة غريبة منتشره ومن انتشارها صدقها الكثيرون ومنهم للأسف متعلمون ومفادها أن الفديجات دخلوا ( الإسلام ) قبل الكنوز.. فكيف والإسلام دخل النوبة من مصر وليس من السودان !!
ملخص التاريخ النوبى:
التاريخ بلغتنا ( كَارْكَنْ ) النوبة كانت مملكة وملوكها حكموا البلاد أكثر من مائة عام وانتهى حكمهم 656 ق م , ومن أشهر الملوك ( اسبلْتاَ – بَبَانْخىِ [ بَعنْخىِ ] وملكة نوبية فى العصر الرومانى تدعى[ كِندَاكهْ] كما أن هناك قائداً نوبياً [ أُحمسْ بِن أبَانَا ] وهو من منطقة الكاب (على حدود إدفو) والذى قاد القوات النوبية فى حربها ضد الهكسوس فى بداية الدولة الحديثة وكان أحد قواد البطل [ أحمس ] , وهناك القائد النوبى عبد الرحمن النجومى , وأكد علماء الآثار فى أمريكا أخيراً أن الملكة [ كليوباترا ] كانت سوداء وليست بيضاء , كما أن مملكة النوبة كانت مطمعاً فى كل العصور بحكم موقعها الجغرافى والكنوز الموجودة فيها ولطبيعة أهلها فكانت ملاذاً لكل الهاربين من الحروب والطامعين فيها أوالباحثين عن الآمان , وتم إكتشاف أن فكرة بناء خزان أسوان تعود إلى العصر العباسى وأول من فكر فيها هو ( الحسن بن الهيثم ) .
وللتعريف أصل كلمة أسوان ( سُو واَنْ ) سو: تعنى البئر العميق وهو موجود الأن تحت فندق كتراكت , وان : كلمة فارسية تعنى المكان , وسُو واَنْ باللغة المروية ( دِبْ) بمعنى الجبانة .
وهناك خرائط من القرن الخامس عشر الميلادى توضح أن : النوباتاى القدماء كانوا فى مناطق : الخارجة والداخلة وإسنا ومعظم طريق درب الأربعين الذى يصل إلى دارفور .
الواوات كانوا فى مناطق : كركر والدر وأبريم وسمنه والشب وواحة سليمة وهى مناطق الشلالات ولذا جاء تسميتها بـ ( الواوات ) فالواو يعنى التجديف والواوات تعنى التجديف المستمر.
كوش كانوا فى منطقه دنقله الأوردى ودنقله العجوز والدبه.
البليمى القدماء كانوا فى مناطق : دراو وأسوان والعلاقى وكوروسكو
ممالك النوبة المسيحية منطقة الوسط .
الممالك القديمه ( ناباتا – مروى – علوة ) فى منطقة بربر . وكانت اللغة النوبية مكتوبة حتى نموقع محضورموقع محضورموقع محضورة هذا القرن, وأول مخطوطة نوبية معروفة يرجع تاريخها إلى سنة 1464 م حيث استعمل حروف[ اللغة القبطية والإغريقية] التى خضعت للتحوير والتعديل والإضافه حسب حاجة الأصوات النوبية (orthography) ونطق الحروف وتهجئتها , وفى القرن التاسع عشر جرت محاولة كتابة اللغة بالحرفين العربى واللاتينى حيث طبع الإنجيل باللغتين عام 1885م بواسطة الجمعية البريطانية للإنجيل الأجنبى (the brttish society for foreign bibles) وتوجد نسخ محفوظة فى جامعة كمبردج القديمة, والمتحف البريطانى بلندن , ومتحف برلين بألمانيا , والمتحف القبطى بالقاهرة .
وأقدم الإشارات إلى بلاد الجنوب كانت بإسم ( تا-ستى ta-sti) بمعنى (القوس) وكانت تطلق على المنطقة الممتدة من إدفو جنوبآ إلى مابعد الشلال الأول ثم ظهر فيما بعد إسم ( ووات ) على شمال النوبة كذلك كيش أوكياس (عصر سيزوستريس) وكاشا وكاشو وكاسو على القسم الواقع جنوب الشلال الثانى ثم تحول الاسم إلى ( كى ) , بينما أطلق اسم ( شات ) على منطقة الشلال الثالث وأخيراً أصبحت ( كوش ) التسمية العامة للنوبة الجنوبية , وهنا يجب أن أذكر للتعريف [ الشلال بلغتنا ( آَرَّىَ) ] فكان يوجد فى كل شلال معبد يحرسه كاهن وكان يطلق على هؤلاء الكهنة ( حملة مفاتيح النيل ) .
ومنذ العصر الفاطمى أصبحت النوبة الشمالية تعرف ببلاد الكنوز وفى جنوب بلاد كوش كانت هناك بلاد تعرف بإسم ( المازوى ) , وكان حكام الجنوب منذ الأسرة السادسة 2625 و2475 ق م يسكنون جزيرة ( آبوا ) وترجمها الإغريق إلى ( ألفنتين) بمعنى الفيل ومنها أشتق الاسم العربى جزيرة فيلة ولكنها ليست الجزيره التى تقع عليها معبد أنس الوجود , وأشهر أمراء الجنوب أسرة ( حر خوف).
الخلاصة أن تاريخ النوبة يتبين منه كيف صنع أجدادنا لأنفسهم طريقة للحياة (modus vivande ) فى ظل ظروف وموارد محدودة لقرون طويلة ورغم ذلك كانت منطقة الجنوب مهد الزراعة الأفريقية منذ ثمانية آلاف عام .
( إسم النوبة )
تباينت الآراء فمنهم من يقول : إنها جاءت من كلمة نب بتشديد الباء وهى باللغة القبطية تعنى( بلاد الذهب ) ومنهم من قال إن الاسم اشتق من اسم قبيلة النوباتى (nobadae) الذين أتى بهم الرومان وأسكنوهم شمال النوبة نحو القرن الثالث الميلادى لصد هجمات البليمى المتكررة على النوبة(وكانوا خاضغين لدولة مروى قبل سقوطها عام 300 م) ومنهم من قال أن أصل الكلمة تعود إلى اللاتينية نوميديا ( nomidae ) بمعنى الرحل التى أطلقها الرومان على البدو .
للنوبة ملوك وأمراء عظماء ساهموا في صياغة وكتابة التاريخ القديم
والأدني بحروف من ذهب كانت المرجع والدليل لكل عشاق التاريخ ونذكر منهم أشهر
ملوك النوبة .
كاشتا :
احد مؤسسي مملكة نباتا النوبية . انحدر من صلبه سلسلة من ملوك النوبة الأقوياء منهم بعانخي العظيم وشباكا .
بعانخي ( بيا ) :
احد ملوك الأسرة الخامسة والعشرين . ورث العرش عن والده كاشتا ، وكان من أقوى ملوك نبتة . في عصره امتدت المملكة النوبية حتى البحر المتوسط . لقب بالكاهن الأعظم ، والقائد الأعلى للجيوش. يعتبر أول من وحد وادي النيل فعليا تحت حكم واحد .
شباكا :
خلف أبيه بيا ( بعانخي ) على عرش النوبة . تجلت في عصره الأطماع الآشورية ، إلا انه اتبع سياسة مسالمة ولم يدخل في أي صراع معهم .
عين أخته امنارديس في منصب عابدة الإله ، وهو منصب ديني رفيع في مصر آنذاك . كما عين أخاه خارماخيس كاهنا أعظم ، وكانا بمثابة مساعدين له في إدارة البلاد .
وحد مصر وكوش في دولة واحدة ووضع التاج المصري المزدوج على رأسه ، وأقام في مصر فترات طويلة نسبة للأوضاع السياسية هناك .
في عهده تمرد ملك سايس المسمى ب ” بوكخوريوس “فقام شاباكا بالقبض عليه وإحراقه.
لم تكن مصر بأكملها تحت سيطرته ، حيث كانت الدلتا الوسطي والشرقية مستقلة عنه .
نسبة لعدم الاستقرار في الدلتا حاول شاباكا كسب ود ودعم النخب الكهنوتية في منف وغيرها ، كما حرص على إقامة علاقات سلمية مع الآشوريين عندما قام بتسليم احد المتمردين المعارضين لهم عند لجوئه لمصر بحثا عن الحماية .
كانت سيرته طيبة ، وقد حاز على حب وتقدير كبيرين استمرا حتى عهد البطالسة ، حيث كان احد شوارع منف يحمل اسمه .
قبل عام أو عامين من وفاته جعل شاباكا ابن اخيه شبتاكا خلفا له في العرش .
شبتاكا :
المعلومات المعروفة عنه حتى الآن شحيحة جدا .
خلف عمه شباكا على العرش واختار سياسة خارجية أكثر تشددا من سلفه .
استدعى أخاه الأصغر تهارقا للقدوم إلى الحشة بجيشه وأرسله إلى الشام لمساندة حكام سوريا وفلسطين في صراعهم ضد الملك الآشوري سنحاريب الذي كان يزحف لغزو بلاد الشام . ، إلا أن هذا الجيش هزم وعاد إلى مصر في عام 704 ق م .
عاود شبتاكا إرسال حملة أخرى بقيادة تهارقا إلا انه لم يخض أية معارك نتيجة لمرض فتاك انتشر بين الجنود الآشوريين أدى إلى موت معظمهم .
تهارقا :
أكثر ملوك كوش شهرة وقد خلف شبتاكا على العرش .
تولى قيادة الجيوش النوبية وهو لم يزل في العشرين من عمره ، حينما أرسله عمه شبتاكا لملاقاة الآشوريين في الشام .
اتبع سياسة متشددة مع حكام الدلتا المتمردين حيث كان يقوم بأخذ زوجاتهم أسري ويرسلهم لخدم للمعابد النوبية في كوش . نتيجة لانشغال الآشوريين مشاكلهم الداخلية فقد وجد تهارقا الفرصة للقيام بالأنشطة المدنية ، فانشأ العديد من المعابد في كل من كوش ومصر ، بالإضافة لتكثيف العمل في مناجم الذهب في الصحراء الشرقية وإنشاء أفران في مروي لصهر الحديد الذي كان يحتاجه لصناعة الأسلحة .
ازدادت قوة الدولة في عهده اقتصاديا وازدهرت العلوم وصارت المعابد في كل من كوش ومصر مراكز إشعاع علمي .اضطر تهارقا للفرار من منف إلى الجنوب عندما حاصرها الملك الآشوري اسارحادون عام 674 ق م ، ولكنه عاد إليها وتمكن من استعادتها في عام 669 ق م إلا انه لم يحتفظ بها طويلا حيث انسحب منها في عام 666 أمام جيوش الملك الآشوري اشور بن بعل .بنى تهارقا أهرامه في نوري نسبة لارتفاعها .نال شهرة واسعة وذكر ي الكتاب المقدس مرتين ، وقد لقب بالملك الفاتح .قبل سنة من وفاته قام بتعيين ابن اخيه ” تانوت أماني” خلفا له على العرش ، وتوفى عام 663 ق م .عرف بحبه الشديد للخيل وعطفه المبالغ عليها ، فكان يغضب إذا أسيئت معاملتها .
تانوت أماني :
تولى العرش بعد عمه ترهاقا ، ويعد آخر ملوك الأسرة الخامسة والعشرين .
غادر فور توليه العرش إلى مصر تلبية لنداء حكام لإنقاذهم من الآشوريين فلم يواجه أية مقاومة تذكر حتى وصل منف واستولى عليها ، إلا أن آشوري بن بعل أرسل حملة استعادت منف وتبعت تانوت أماني إلى طيبة مما اضطره إلى الانسحاب مجددا إلى كوش . لا يعرف شيء عن سنوات حكمه الأخيرة ، وتوفي عام 653 ق م ودفن بجبانة الكرو ، وبوفاته تنتهي السيطرة الكوشية على مصر .
أمينرداس:
أميرة نوبية ، وهي ابنة كاشتا ملك نباتا الجنوبية .