بمجرد قراءة هذا العنوان قد يتبادر إلى ذهن القارئ أن هذه البئر مرتبطة بقصة سيدنا يوسف عليه السلام ولكن الحقيقة أن هذه البئر هى إحدى البنايات الهامة فى القلعة بالقاهرة وسميت بهذا الاسم نسبة إلى صلاح الدين مؤسس القلعة حيث أن اسمه بالكامـل صلاح الدين يوسف بن أيوب. أما عن البئر فتبدأ قصتها من تاريخ البدء فى بناء القلعــة عام 572 هـ/ 1176م فلقد رأى بهاء الدين قراقوش وزير صلاح الدين أنه من الحكمة حفر هذه البئر فى الصخر لأخذ المياه منها وقت حصار القلعة .
وبمناسبة ذكر قراقوش فقد كان هذا الرجل يعمل وزيراً لصلاح الدين وقد كلفه صلاح الدين بالإشراف على أعمال البناء فى القلعة فنفذ ذلك بكل نشاط وأحكام ومن هنا جاءت شهرته بالصرامة وارتبط باسمه الاستبداد فلقبه الناس بقراقوش ومعناها الطائر الأسود – العقاب – عنوانا على الصرامة والاستبداد وشبهوا عهود الظلم فى معظم الروايات بعصر قراقوش ومن الطريف أن الأسعد بن مماتى كتب كتابا عن بهاء الدين قراقوش عنوانه: “الفاشوش فى أحكام قراقوش” ضمنه كثيراً من الأمور التى يستبعد وقوعها منه.
ونعود لقصة البئر وهى تقع حالياً فى الجهة الشرقية من جامع الناصر محمد بن قلاوون وكانت تسمى بالحلزون وهى تعتبر من عجائب البنيان فهى محفورة فى الصخر على عمق حوالى تسعين مترا ويقال أنه ينزل إليها بنحو ثلثمائة درجة.
وفى وصف هذه البئر ذكر المقريزى على لسان ابن عبد الظاهر فقال: “هذه البئر من عجائب الأبنية تدور البقر من أعلاها فتنقل الماء من نقالة فى وسطها وتدور أبقار فى وسطها تنقل الماء من أسفلها ولها طريق إلى الماء ينزل البقر إلى معينها فى مجاز وجميع ذلك حجر منحوت وماؤها عذب وقيل أن البئر لما حفرت جاء ماؤها حلوا فأراد قراقوش أو نوابه الزيادة فى مائها فوسع الحفر فى الصخر فخرجت عين مالحة غيرت حلاوتها”.