لاشك أن سوق سياحة المؤتمرات لأي بلد من البلدان يمثل أهم ركائز الترويج السياحي خصوصاً في ظل التغييرات التى تشهدها صناعة السياحة عالمياً وتعدد الأنماط السياحية وإبتكار أنماط أخرى حديثة .
وتُعول معظم الحكومات والبلدان والدول على صناعة المؤتمرات والمعارض لتوفير مداخيل بديلة لعدد من الفنادق والقاعات الكبيرة التي تم بناؤها خصوصاً في عواصمها السياسية والتجارية الاقتصادية.. ونمو صناعة المؤتمرات يُشكل دافعاً كبيراً للقطاع السياحي من خلال زيادة عدد الوافدين ” الزوار ورجال المال والأعمال ” مما يكون أحد أدوات إنتعاش السياحة وإرتفاع جانباً من نسب أشغال الفنادق والمقاصد السياحية العامة والمقاصد التجارية والاقتصادية..
لذا فإن معظم البلدان والحكومات والدول في مختلف العواصم السياحية والاقتصادية والمقاصد السياحية تعمل جاهدة للترويج لنفسها كمراكز لعقد المؤتمرات والمعارض بالإضافة إلى قيام الفنادق الموجودة فيها بالعمل على تجهيز قاعاتها وصالاتها وغرفها بأحدث التقنيات لاجتذاب أكبر عدد ممكن من رجال المال والأعمال والسياح و يعكس هذا التسابق والتنافس لاستقطاب المؤتمرات والمعارض نمو هذه الصناعة وازدهارها.. ويتوقع المحللون الاقتصاديون وواضعو السياسة الاقتصادية والسياحية أن تشهد هذه الصناعة نمواً كبيراً خصوصاً في ظل الجهود الاستثمارية التي توظفها البلدان والحكومات والدول بقطاعيها العام والخاص لتجويد مستوى منتجاتها السياحية.
ولعل أسبانيا تُعد المثال الأكثر وضوحا في عالمنا علي اهتمام الدول بهذا النمط السياحي الهام.حيث تستحوذ على نصيب الاسد من هذا النمط ،والذي يدلل في الوقت ذاته علي تهافت الدول الكبري علي استضافة مثل تلك الأنماط السياحية الواعدة لما له من مردود اقتصادي سريع وكبير.
الدكتور سعيد البطوطى ، أستاذ الاقتصاد الكلي واقتصاديات السياحة بجامعة فرانكفورت وعضو لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا ومنظمة السياحة العالمية ، أشار فى أحدث تقرير قام بإعداده من خلال الإحصاءات التى أصدرتها منظمة السياحة العالمية ، إلى أن عام 2018 قد شهد تنظيم 12 ألف و 904 مؤتمر على مستوى العالم، وأن اسبانيا وتحديداً مدينة برشلونة كانت لها النصيب الاكبر فى إنعقاد المؤتمرات بها حيث تم عقد 195 مؤتمر حضرها 149 ألف شخص.
اضاف البطوطى ، أن هناك 9 مدن إلى جانب برشلونة قد ضمتها قائمة المدن العشر الأولى والأكثر إستقطاباً لعقد المؤتمرات بها وهى برشلونة “أسبانيا ” 195 مؤتمر حضرها 149 ألف شخص ، تلاها العاصمة الفرنسية “باريس” عقد بها 190 مؤتمر حضرها 112 ألف شخص، و فيينا ” النمسا ” عقد بها 190مؤتمر شارك فيها ا 114 ألف شخص ، وبرلين “المانيا ” وأستقطبت 185 مؤتمر حضرها 98 ألف شخص ، ثم العاصمة البريطانية ” لندن ” وأقيم فيها 177 مؤتمر حضرها 79 ألف شخص ، وبعدهم سنغافورة 160 مؤتمر حضرها 84 ألف شخص ، ثم مدريد ” أسبانيا ” شهدت إقامة 153 مؤتمر حضرها 110 ألف شخص، وبراغ ” التشيك ” بـ 151 مؤتمر حضرها 67 ألف شخص ، ومدينة ليشبونة ” البرتغال ” بــ 149 مؤتمر حضرها 77 ألف شخص ،وفى الترتيب العاشر ، سيول ” كوريا الجنوبية ” وشهدت إقامة 142 مؤتمر حضرها 53 ألف شخص
وحول ترتيب الدول الأكثر المستقطبة للمؤتمرات بشكل عام ، أوضح الدكتور سعيد البطوطى ، أن الوولايات المتحدة الأمريكية تظل كما هى فى المقدمة والتى تتربع عليها منذ فترة ، حيث أقيم بها خلال عام 2018 نحو 941 مؤتمر حضرها 424 ألف شخص، ثم تلاها ألمانيا بنحو 682 مؤتمر حضرها 246 ألف شخص، والترتيب العام الثالث جاءت بريطانيا ” المملكة المتحدة ” بــ592 مؤتمر حضرها 192 ألف شخص، ثم رابعاً أسبانيا 564 مؤتمر حضرها 328 ألف شخص ، وخامساً إيطاليا وشهدت إقامة 515 مؤتمر حضرها 172 ألف شخص، ثم سادساً فرنسا بــ 506 مؤتمر حضرها 211 ألف شخص، وبعدها اليابان فى المركز السابع بنحو 414 مؤتمر حضرها 133 ألف شخص ، بينما جاءات الصين فى الترتيب الثامن بنحو 376 مؤتمر حضرها 127 ألف شخص ، وتاسعاً كندا 360 مؤتمر حضرها 168 ألف شخص ، ثم هولندا فى المركز العاشر بنحو 307 مؤتمر حضرها 134 ألف شخص
و توفر سياحة المؤتمرات فئة مختلفة من العملاء،يمثلون أصحاب وملاك ومديري كبريات الشركات العالمية، ومعظمهم يقضي وقته بل معظم حياته متنقلا من بلد لآخر،ويستطيع أن يلمح بعين الخبير مستوي الخدمة الذي يتلقاه في بلد ما،والفنادق تعي هذه الحقيقة جيدا فتقوم برفع مستوي جميع خدماتها مما يتوافق مع هذه النوعية من العملاء،وهذا ينعكس بالإيجاب علي قطاع السياحة بأكمله.
كما أن هذا النمط السياحي قد يكون سببا في رغبة أحد ملاك تلك الشركات بالإستثمار في البلد المضيف،بعدما يري المناخ العام،ويستشعر المكسب الذي قد يعود عليه.
إضافة إلي ذلك فالضيف قد يقضي القليل من الوقت في محاولة إستكشاف المكان بما يستتبعه من رغبة في التسوق له ولأسرته، والأهم من ذلك كله هو رسالة الأمن والأمان التي تحصدها الدول التي تستضيف مثل تلك المؤتمرات الكبيرة.