آثار ومصرياتمنوعات

الباحث الآثارى والمرشد السياحى” أحمد السنوسى” يواصل مع” المحروسة نيوز ” سلسلة مقالات عن “شخصيات مصرية نسيها التاريخ “ الملك نقطانب الاول (2)

في يوم 15 نوفمبر، 2020 | بتوقيت 12:00 مساءً

ووصل الامر الى الملك الفارسى ارتكزركزس وقد رشح لتولى امر قيادة الجيش الفارسى الى القائد (دامتاس) بدلا من فارنابازوس ولكن الملك الفارسى كان صاحب حنكة فى الامر ويشهد له التاريخ ذلك فى التاريخ الفارسى وخاصة انه مشغول فى ثورة وفوران منطقة اسبيس ولكنه اقر باشياء كما يلى:

اولا:

اسناد امر الجيش الفارسى فى عكا الى القائد فارنابازوس وعدم تغيره بالقائد دامتاس بالرغم من المجلس الفارسى مؤيدا لذلك.وكانت وجهة نظر الملك الفارسى بان القائد دامتاس تحيط حوله دسائس كثيرة فى بلاد فارس بالرغم من صداقته السابقة للقائد الاغريقى افيكراتس.

وهذه المخاطر الداخلية فى بلاد فارس قد تؤدى الى انشقاق داخلى كبير فى حالة عدم نجاح الفرس فى احتلال مصر ومن ناحية اخرى اسند الى القائد ادمتاس مهمة ثورات منطقة اسبيوس لاهمية المنطقة بدون ان يشعره الملك برفضه الداخلى بتولى الامر على منطقة عكا.وبلك انشغل القائد الفارسى دامتاس بمنطقة وثورات منطقة اسبيوس.

ثانيا:

 لم يرغب الملك الفارسى ايضا بطرد القائد الاغريقى افيكراتس لانه من ناحية صاحب سمعة كبيرة فى فنون الحرب،بجانب انه تزوج من ابنة الملك (كوتيس) وقد انتصرلصالح هذا الملك فى مواقع كثيرة،ويخشى من تحالف اغريقى كبير يؤثر على الفرس وان ياخذ الاغريق مصر لحسابهم الخاص واخراج يد الفرس كاملا من الامر برمته.

بالرغم من التعداد العسكرى فى عكا انذاك وكما كتب المؤرخين القدماء يتعدى 200 الف جندى من الفرس بجانب 20 الفا من الاغريق المرتزقة وهذا ما كتبه مثلا المؤرخ الاغريقى القديم (كورنيليوس نبوس) وشرح اهمية هؤلاء الجنود الاغريق المرتزقة وفنونهم القتالية وان الكثيرين منهم يعرفون مصر ودروبها كذلك،وكان هؤلاء الجنود المرتزقة يعتبرون احسن العناصرالقتالية فى العالم انذاك والاكثر حماسة من الفرس انفسهم.

ولم يوضح لنا التاريخ كيف تصرف الملك الفارسى فى الامر او بقرار حازم فى الامر ولكننا وجدنا بداية الزحف الفارسى على مصر والوصول حتى فرع النيل البولوزى وهنا كان القدر فى صف مصر كاملا ولكن ظهر ايضا صبر وجلد الجيش المصرى ولم يستسلم للقدر فقط بل كانوا اشرس من الفرس والاغريق فى الدفاع والزود عى بلادهم فما حدث بالتحديد ليتفهم العالم الان حقائق الامر بكل انصاف وحيادية لا شك فيها.

– الوصول الى نهر النيل الفرع البيلوزى:

عندما وصل الجيش الفارسى الاغريقى الى الفرع البيلوزى وجد قائد الجيش القارسى ان المصريين اخذوا للحرب الاستعداد الكامل لمقابلتهم،وتعجب القائد الفارسى فارنابازوس وجيشه الجرار من ذلك الامر.

ويقال انه اشاد انذاك فى التاريخ الفارسى بحنكة الملك المصرى نقطانب الأول وكيف له التخطيط وعمل كل تلك الاستعدادات وخاصة بانه كملك مصرى ليس له جنودا من الاغريق او المرتزقة بل تعداد الجيش المصرى من المصريين فقط لا غير،ويقال بان تعداد الجيش المصرى لا يزيد عن 80 الف مقاتل.

وامام هذه التحصينات رغب القائد الفارسى فى تعديل خطته لدخول مصر وخطط لدخولها من فرع اخر من فروع النيل وليكن مثلا الفرع المنديسى المؤدى مباشرة الى منف. ولكنه وجد ايضا الفرع المنديسى اشد تحصينا من الفرع البيلوزى بالرغم من مميزات الفرع المنديسى ومنها عرض الشاطىء مثلا وهنا يقال بان القئد الاغريقى افيكراتس نصحه بعمل خطة هجومية تحت مسمى (الهجوم المفاجىء)

وفى هذا الامر كتب المؤرخ القديم (ديدور الصقلى) الامر بالتفصيل الكامل بل احيانا يوما بيوم كذلك،وفعلا لقد اتفق القائدين على تنفيذ خطة الهجوم المفاجىء واخذوا يخططون فى الامر وهم مرابطين فى الفرع المنديسى.وتم انزال قوة مشتركة قوامها 300 مقاتل الى الحصن المنديسى وتنازلوا مع المصريين فى قتال شرس.وكانت معركة حامية الوطيس وتم قتل الكثير من المصريين بجانب اسر اخرين كثر.

وكان النصرحليف الفرس وقائدهم فارنابازوس وظنوا هكذا بان الطريق الى منف اصبح يسيرا وخاصة بعد اقتحام الحصن المنديسى وقتل كل المصريين من الجنود الذين كانوا به.

ومن هنا دب خلاف اخر بين القائدين الفارسى والاغريقى وكان ذلك فى مصلحة مصر بطبيعة الحال مما اخر الزحف الى منف وحدوث انشقاق بين الفرس والاغريق،ولكن الذى اوقف هذا الخلاف ما لم يكن فى الحسبان وهو بداية الفيضان الذى حل بقوة وكانه القدر او الطبيعة التى اتت مسرعة لانقاذ مصر وهذا فعلا ما حدث.

ففى هذا العام ظهرت قوة الفيضان بقوة وسرعة عجيبة مما شلت حركة الفرس تماما،ومن ناحية اخرى كان الملك المصرى نقطانب الاول يعد عدته الكبرى لشن هجوم على الفرس والتضحية باخر جندى مصرى وخاصة بعد اقتحام الحصن المنديسى،وهذا أوقع الفرس والاغريق فى ورطة كبرى احدهما طبيعية هو الفيضان والاخرى عسكرية وهو الزحف المصرى الى الفرع المنديسى والتصدى للفرس.

وهنا يحدثنا المؤرخ القديم (ديدور الصقلى) بالتفصيل ويقول: بان هناك قوة فارسية اغريقية زحفت برا الى منطقة منف والرغبة فى تدمير حصن منف،ولكنهم وجدوا التصدى الكامل من المصريين وقتل الاعداد الكثيرة من القوة الفارسية ولم يستطيعوا من دخول منف،كما ان المصريين قطعوا الطريق لوصول الى امدادات من الفرس فى منديس بخلاف القوة المصرية الذاهبة الى الفرع المنديسى كذلك.

وهكذا وجد الفرس والاغريق الهزيمة الكبرى فى منف.وهنا ظهر اتهام اخر بين القائدين الاغريقى والفارؤسى واتهام كلا منهم للاخر بانه السبب فى خيبة الامل هذه.

وهنا ظهر فعلا الاختلافات الحادة بين كلا منهم مما اثر على عزمية الجيش بصفة عامة بجانب الفيضان الذى بدا ياتى بتاثيره الكامل على الجيش الفارسى واصحبت الامور كلها فى صالح المصرين والحمد لله.

ووصل الامر الى الملك نقطانب الاول مما زاد من عزمية الجيش المصرى وارسال المساعدات الكثيرة للجيش المصرى واصبحت مصر كلها انذاك متحدية للجيش الفارسى وشعور مصرى عظيم لم يظهر على صفحات التاريخ وخاصة فى العصر المتاخر ومنذ احوال البلاد فى عهد الاسرة 26 وكما كتب المؤرخين القدماء كلهم بلا استثناء وبما فيهم من كان كارها لمصر ايضا او ادعى بان الفيضان لوحده هو السبب فى فشل وهزيمة الفرس فى حملتها الكبرى على مصر فى عهد الملك نقطانب الاول.

الى لقاء مع المقال القادم ومواصلة الحديث عن شخصيات مصرية نسيها التاريخ

كاتب المقال

الباحث الآثارى والمرشد السياحى

أحمد السنوسى