بلا شك فإن ملف أزمة تصوير الأفلام الأجنبية في مصر يواجه معوقات كثيرة ..واصبحت تهدد وتواجه شركات الإنتاج العالمية التي ترغب في تصوير أحداث أفلامها أو أجزاء منها في مصر
ويأتي في مقدمتها رفض الرقابة على المصنفات الفنية لتصوير غالبية السيناريوهات من باب درء المشاكل ليس إلا، والدليل أن هذه الأفلام المرفوضة تعرض بعد الانتهاء من تصويرها في دور العرض دون حذف أي من مشاهدها، وهو ما يدفع هذه الشركات للهروب إلى دول عربية لتصوير أعمالها، كما يحدث مع الأفلام التي تصور في المغرب كبديل لمصر على سبيل المثال، حيث تُيسر السلطات المغربية كل الإجراءات المطلوبة، وأصبح تصوير الأفلام الأجنبية فيها بمثابة احد مصادر الدخل القومي هناك،
وتأتي ثاني المعوقات من الجمارك التي تتعامل مع معدات التصوير بنظام الموقوفات، أي أنها تفرض علي المنتج الأجنبي ضرورة إصدار خطاب ضمان بقيمة المعدات يسري طوال مدة وجودها في مصر،
ثم يأتي دور نقابة المهن السينمائية التي تفرض على كل فرد من العاملين الأجانب في فريق التصوير رسوماً باهظة، إلى جانب تعدد الجهات التي تمنح تصاريح التصوير ما بين جهات أمنية ورقابية وسياحية وغيرها.
ولهذا فإننى أرى ضرورة تخفيف هذه الإجراءات التي تطلبها السلطات المصرية لتصوير أفلام أجنبية على أراضيها هي الأعقد على مستوى العالم، وهي السبب الرئيس في هروب صانعي الأفلام الأجنبية من التصوير فيها.
والمضحك فى مثل هذه الأعمال هو ما حدث فى فيلم الممثل العالمي مع مورجان فريمان، حينما تقدم رئيس الرقابة على المصنفات الفنية وقتها ببلاغ إلى جهاز الأمن الوطني، وطالب بالقبض على فريمان وفريق عمل فيلمه لتصويرهم في مصر من دون تصريح،
وأوضح أنه لم يقرأ السيناريو ليجيز لهم التصوير، وكانت المفاجأة في تأكيد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات حصول فريق الفيلم على كافة التصاريح اللازمة للتصوير منذ ما يقرب من أربعة أشهر بعد مراجعة الوثائق الخاصة بالفيلم المطلوب تصويره، والاستعلام عن الشركات المنتجة.
وهو ما يؤكد عدم وجود تنسيق بين الجهات المعنيه بمنح تراخيص وتصاريح التصوير السينمائي و واساءه اسم مصر في الخارج نتيجه هذه الازمه مع العلم بأن الهيئة العامة للاستعلامات هي الجهة الوحيدة في مصر المختصة بإصدار تصريح تصوير الأفلام الوثائقية، أما الأفلام الروائية، فهي من اختصاص هيئة الرقابة على المصنفات الفنية.
وأتذكر أن هيئة تنشيط السياحة، خلال حكومه المهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء كانت قد تقدمت دون مذكره شامنا شامله حول المعوقات التي تواجه التصوير السينمائي الخارجي في مصر لعرضها على مجلس الوزراء، برئاسة شريف إسماعيل، بشأن المعوقات التى تواجه تصوير الأفلام العالمية فى مصر خاصة التى تتحدث عن مصر ويتم تصويرها في بلاد أخرى،
وتقدم الصديق العزيز هشام الدميرى، رئيس هيئة تنشيط السياحة وقتها بمذكرة تتناول هذه المعوقات ، واكد فيها علي أن تصوير الأفلام فى المقاصد السياحية يعد أحد أبرز أدوات الترويج للمنتج السياحي المصري فى الأسواق المصدرة للسياحة، وعرض المقومات المتميزة للمقصد السياحي المصري.
و أن أهم تلك المعوقات هو تعامل الجهة التى تقوم بتصوير المنتج السينمائى مع أكثر من جهة حتى تستطيع الحصول على تصريح الأمر الذى يؤدى للهروب من التصوير في مصر، إلى جانب ارتفاع رسوم التصوير.
و أنه – هشام الدميرى – قد عقد لقاء مع عدد من المسؤولين وأصحاب الشركات التى تقوم بتصوير هذه الأفلام لمعرفة المعوقات التي تمنعهم عن الاستفادة من مصر، وتصوير أفلامهم بها خاصة أن صناع السينما هناك ينتجون أكثر من 1200 فيلم هندى سنويا، لافتا إلى أن ارتفاع تكلفة التصوير بالمناطق الأثرية والسياحية، وكذلك الروتين الذى يعانون منه عند التعامل مع عدة جهات يعد سببا رئيسيا لامتناع الهنود عن تصوير أفلاهم بمصر.
وبنظره ليست بعيدة نجد مملكة المغرب ، قد سبقتنا كثيرا في هذا المجال، فحركة بناء الاستديوهات ومواقع التصوير هناك لا تهدأ من أجل اجتذاب الاستثمار الاجنبي ، بل إن المغاربة يقومون ببناء معابد فرعونية في قرية الوزاوزة تتطابق تماما مع المعابد الفرعونية بالاقصر واسوان من أجل أن يتم تصوير الأفلام التي تتناول الحقبة الفرعونية هناك. ويحدث ذلك في الوقت الذي تتواجد لدينا كل تلك المعالم في مصر ولا نستطيع أن نستغلها.
وبالرغم أن تاريخ مصر في صناعة السينما هو الأقدم بين دول المنطقة ورغم عراقة آثارها التي ظلت فترة طويلة مقصد المخرجين الأجانب الذين يرغبون في تصوير أفلامهم في الشرق الأوسط، إلا إننا لاحظنا في الفترة الأخيرة هروب صانعي هذه الأفلام من مصر ولجوئهم إلى التصوير في دول أخرى.
يا ساده ..السينما فى العالم أصبحت من أهم مصادر الدخل القومى بل يمكن أن نقول أن بعض الدول تعتمد على صناعة السينما أكثر من غيرها من الصناعات، فمثلا أمريكا تعتمد بشكل أساسى على صناعة السينما فى هوليوود والتى تدر على الولايات المتحدة الملايين من الدولارات سنويا.
ويبدو أن المغرب درست تلك الفكرة جيدا، ولكنها لم تستطع صناعة أفلام مثل هوليوود، ولكن لديها الطبيعة التى تصلح لمواقع تصوير الأفلام الأجنبية، وهذه هى الخطة التى نفذتها المغرب، فخلال عام 2017 جنت المغرب نحو 55 مليون دولار تقريبا، أرباح تصوير الأفلام الأجنبية هناك.
ووفقاً لأخر إحصائية صادرة غن المركز السينمائى المغربى لعام 2017 فقد منحت السلطات المغربية 574 رخصة لتصوير مواد فنية أجنبية على ارضها، وأفاد المركز السينمائى المغربى أن هذه الميزانية شملت الأفلام السينمائية الطويلة والقصيرة والإعلانات والمسلسلات التلفزيونية، والدراما الوثائقية والمنوعات وغيرها، موضحاً أن وأوضح أن هذه الرخص شملت 27 فيلما سينمائيا طويلا، و9 مسلسلات تلفزيونية، و5 أفلام قصيرة، و29 إعلانا، و11 كليباً غنائياً، وأعمالاً اخرى، كما رخص المركز السينمائى المغربى لنحو 111 برنامجا تلفزيونيا أجنبيا و313 ريبورتاجا، و58 فيلما وثائقيا. ألم يحن الوقت بعد لكى نفيق من هذه الغيبوبة التىنعيش فيها ونعمل على إيجاد دخل إضافى للإقتصاد القومى المصرى من خلال جذب هذه الأعمال السينمائية العالمية التى تستغلها الدول الأخرى الحاضنة لتصويرها فى كسب المزيد من الملايين من الدولارات والعملة الصعبة إلى جانب إستثمارها فى الدعاية لمقاصدها السياحية، فضلاً عن إظهار صورتها الحضارية بإنها جاذبة للإستمار من جميع أنحاء العالم ، وإنها تقدم تيسيرات وتسهيلات للمستثمرين والراغبين فى إستغلال مقوماتها .
فنحن فى ظل جائحة الكورونا وعلى مستوى العالم لم يتوقف الإنتاج السينمائى خاصة وان الكرو يقوم بإتخاذ كافة الإجراءات الوقائية والإحترازية .
إننى أدعو القائمين والمسئولين عن هذا النشاط فى مصر الى وقفة مع النفس وعقد اجتماع يجمع كل الاطراف يتم خلاله عرض مطالب كل جهة من اجل السماح بمثل هذه الاعمال ليتم تصويرها وكذلك تقديم التسهيلات والتيسيرات اكرر التسهيلات والتيسيرات وليس العراقيل والمعوقات ، إذا كنا جاديين فى هذا ، وألا نصر على نظرية الدجاجة التى تبض كل ذهبا فذبحها صاحبها على أمل أن يجد المزيد من الذهب بداخلها وخسر الدجاجة والذهب تحت دائرة الطمع ..فهل نحن فاعلون .. أدعو الله ذلك.
كاتب المقال
هشام إدريس
رئيس مجلس إدارة شركة الوادى للسياحة
عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات ووكالات السفر والسياحة
عضو مجلس إدارة شعبة المطاعم والفنادق والمحلات بالغرفة التجارية بالجيزة
عضو مجلس الأمناء للمركز المصرى للسياحة والضيافة
أمين شئون السياحة والآثار بحزب مستقبل وطن بالجيزة