أخبارسياحة وسفرشئون مصريةمنوعات

“حسام شاكر” يكتب لـ “المحروسة نيوز” عن : “السياحة كالماء والهواء”

في يوم 21 يونيو، 2020 | بتوقيت 6:49 مساءً

في ظل هذه الأيام العصيبة التي يمر بها العالم وفي ظل هذا التباعد الإجتماعي المفروض على البشرية وتوقف حركة الطيران والتنقل بين البلاد ، للسيطرة على جائحة كوفيد-19  ،فقد العالم حتى الآن 305  مليون فرصة عمل .

ولذلك عندما يرغب الفرد في ترتيب أولوياته تمهيداً للإستغناء عما يمكن الإستغناء عنه ، يطفو على السطح سؤال مهم و هو ما فائدة السياحة و السفر ؟.. وهل هي ضرورة من ضروريات الحياة أم نشاط يمكن الإستغناء عنه ؟. 

بسم الله الرحمن الرحيم ، 

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) سورة الملك 

حتي نستطيع الإجابة علي هذا السؤال لابد أولاً أن نُعرّف السياحة و السفر.

الغالبية العظمى من الناس تقصر هذا النشاط على السفر للخارج إلى أوروبا و أمريكا أو حتى إلى دول الخليج ، و لكن في الواقع تعريف نشاط السفر و السياحة أعم من ذلك بكثير، أليس سفرك من قريتك إلي العاصمة يُعد سفر وسياحة تتعلم منه الكثير و تتطلع علي خبرات تثقل معرفتك !.

أليس ذهاب الطالب إلي مدرسته كل يوم من مدينته أو قريته إلي مدينة أخرى يُعد سفر وترحال، أيضاً ذهاب العامل من محافظة إلى أخرى للعمل يُعد سفر يجعله يتعرف على مناطق أخرى و يتعامل مع أناس آخرين، مما يكسبه المعرفة والخبرة في التعامل.

إذاً السفر يندرج ضمن فضيلة طلب العلم والتي تدعو إليه جميع الأديان السماوية، كما تدعو إلى التقارب بين الناس والشعوب على اختلاف عقيدتهم.

قال تعالى في كتابه الحكيم 

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) سورة الملك .اذا هو امرً من الله ، ان نمشي في مناكبها اي نسافر في افطار الارض .

إذا نظرنا بزاوية أعم وأكبر نجد ان السفر أينما كان ، (إما داخل البلاد أو خارجها) له أهمية قصوى للتعرف علي ثقافات أخرى، وتعلم لغات أخرى، وتكوين علاقات وصداقة ومحبة بين الشعوب.

كما تختلف أهمية السفر طبقاً للمرحلة العمرية، فهو بالنسبة للشاب المقبل على الحياة ، الإعتماد على النفس وتحمل مخاطر إتخاذ القرار بعيداً عن الأهل  وأيضاً يمثل له المعرفة و الإستكشاف والتعرف على ثقافات جديدة قد تكون السبب في تغير مجري حياته.

أما بالنسبة لكبار السن فأهمية السفر تكمن في الإسترخاء ، والاستمتاع بمناخ وطبيعة مختلفة واكتشاف أماكن جديدة، وقد يكون السفر للعمل أو التجارة.

وأيضاً تختلف أهمية السفر حسب الحالة المادية للفرد و لكن ضعف الإمكانيات المادية لا يمنع السفر و السياحة و لكن يقلل فقط الإختيارات المتاحة ، بدلاً من السفر المكلف خارج البلاد.

يمكن السفر من مكان لآخر داخل البلد ، يمكن القيام برحلة اليوم الواحد ، يمكن التنقل الفردي بوسائل النقل العامة لاكتشاف معالم البلد.  

 طبقاً للطرق العلمية البحثية ،عندما نريد معرفة تأثير أي سلعة أو خدمة علي الجمهور ،نقوم بتكوين فريقين ، أحدهم نجعله يستخدم هذا السلعة أو الخدمة ،والفريق الآخر لا يستخدمها ، ثم نوفر نفس البيئة والظروف المحيطة للفريقين خلال مدة الإختبار أو البحث ، وفي نهاية المدة نقيم مدي تأثير الحصول علي الخدمة من عدمه.

إذا طبقنا نفس الطريقة علي السفر ستجد الفرق واضحاً جداً بين من اعتاد السفر و من لم يسافر. أيضاً يمكن لأي فرد أن يلاحظ هذا الفرق داخل عائلته أو دائرة الأهل.

سوف تجد هذا الشخص الذي يعمل بالخارج أو اعتاد السفر للعمل أو السياحة أو حتي لحضور اجتماعات أنه شخص متفتح ، حسن الطباع ، يستطيع أن يتعامل بحنكة في المواقف المختلفة ، مثقف يجيد التحدث بأكثر من لغة و يحسن التعامل مع الآخرين ، علي العكس تماماً ممن لم يسافر قبل ذلك.

هذا بالنسبة لأهمية السياحة على الفرد ، أما أهميتها على المجتمع فهي تعد من أهم الصناعات التي تساهم بجزء كبير من الدخل القومي ، ليس فقط في دول العالم الثالث ولكن أيضاً في دول العالم الأول ( اجمالي الناتج العام من السياحة على مستوى العالم عام 2018 كان 1.45 تريليون دولار أمريكي)

ولذلك تُعد من أهم مقومات الإقتصاد التي لا يمكن الاستغناء عنها ، وتتعدى أهمية قطاع السياحة و السفر من توفير جزء كبير من الناتج القومي إلى توفير فرص عمل كبيرة داخل الدولة ، كما أن قطاع السياحة يعد الصناعة الوحيدة التي تصدر منتجات و خدمات الدولة على أرضها دون الحاجة إلى تصديرها خارج البلاد لأن العملاء تأتي إلى البلد لشرائها.

أيضاً تكتسب السياحة و السفر أهمية إضافية بالنسبة للدول العالم الثالث وهي توفير العملة الصعبة التي تعتمد عليها في تقييم إقتصادها بين الدول. 

وعلي ذلك وعلي الرغم من الظروف التي تمر بها البشرية ، فإن الوضع الحالي وضع مؤقت و سريعاً ما سوف يتلاشى أمام رغبة الفرد و المجتمع في السفر و الترحال.  

نعود إلى الإجابة على السؤال ، هل السياحة ضرورة من ضروريات الحياة ، لا يمكن الاستغناء عنها ؟ 

في الواقع قد يختلف البعض في تفسير وتعريف ضروريات الحياة و لكن نستطيع أن نؤكد إنها من ضروريات الحياة لأنها تسعى إلى المعرفة و العلم و التفكر في خلق الله .

كاتب المقال 

حسام شاكر

مدير عام شركة “أجازات كلوب”

ماجستير جامعة South Wales إنجلترا