آثار ومصرياتأخبارسياحة وسفرشئون مصريةمنوعات

في ذكرى دخول العائلة المقدسة لمصر.. محمد عبد اللطيف: الرحلة تُعد من التراث المصري الإستثنائي عالمياً .. وتتوارثها الأجيال ومسجلة وموثقة في المصادر الدينية والتاريخية والمخطوطات النادرة

تطوير مزارات العائلة تضمن حصول مصر علي شريحة كبيرة من الحج لملياري مسيحي على مستوى العالم

في يوم 2 يونيو، 2020 | بتوقيت 9:26 صباحًا

مرت أمس الإثنين ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر منذ أكثر من ألفي عام ، وذلك في إطار الاهتمام الذي توليه الحكومة المصرية لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة، وذلك بعد اعتماد بابا الفاتيكان نقاط العائلة المقدسة لمصر ضمن الحج لملياري مسيحي على مستوى العالم ، مما يعد تنشيطا جديدا للسياحة المصرية وإضافة تاريخية لمكانة مصر الحضارية 

وفي هذا الإطار  التقت” المحروسة نيوز” بالدكتور محمد أحمد عبد اللطيف، وكيل كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة،مساعد وزير الآثار الأسبق للمناطق الآثرية ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية الأسبق، وهو أحد  الشخصيات التي تري أن الإهتمام  بهذا المسار وتطويره بما يتناسب مع الحج المسيحى سيكون أحد أهم البرامج السياحية الدينية علي مستوى العالم.

الأستاذ الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف

كما  قررت جمعية نهرا الراعية لأعمال التنشيط والترويج للآثار الإنسانية والداعمة لمسار العائلة المقدسة، ضمه لعضوية مجلس إدارة الجمعية. 

 قال الدكتور محمد عبداللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق ، في تصريحات خاصة ل “المحروسة نيوز” أن الكنيسة القبطية المصرية تبوأت مكانة دينية خاصة بين الكنائس المسيحية في العالم، لارتباطها برحلة العائلة المقدسة إلى مصر، حيث كانت مصر هي الملاذ لكل من يبحث عن الأمان ، فلم تكن أرضها غريبة على أنبياء الله فقد سبق وأن جاءها نبي الله إبراهيم عليه السلام ووفد إليها يوسف عليه السلام، وصدع يوسف النجار بما أمر ، وجاء إلى مصر بالعذراء البتول وطفلها في الرحلة المقدسة.

وأوضح أن العائلة المقدسة لم تستقر في مكان واحد في مصر إنما تنقلت بين جنباتها من ساحل سيناء إلى دلتا النيل حتى وصلت إلى أواسط الصعيد..مؤكدا أن هذه الرحلة المقدسة تعد من التراث المصري الاستثنائي عالميًا، الذي يعكس تراثًا مرتبطًا بالشعب المصري ، فهو مصدر خصب للروايات عند مسيحيي مصر، وتوارثته الأجيال التي عمدت على تسجيله في عديد من المصادر الدينية والتاريخية ، من بينها الكتاب المقدس والسنكسار والميمار والمخطوطات النادرة التي تحتفظ بها الأديرة والكنائس القبطية في مصر.

وأشار إلى أن التأثير العميق لتلك الرحلة المقدسة يكمن في الطابع الإنساني للقصص التي لا تزال تروى عن حياة السيد المسيح، كذلك التفاني في العبادة من كل المصريين والسائحين فى الكنائس والمزارات التي بنيت، تخليدا وتذكارا لرحلة العائلة المقدسة إلى مصر.. موضحا أنه من أشهر هذه المصادر ميمر البابا ثيوفليوس الثالث والعشرون، مخطوط رقم ( 14/9 ) بمكتبة مخطوطات دير المحرق الذي يحكي لنا مسار العائلة المقدسة إلى مصر ، وما حدث فيها من معجزات، أيضا هناك بردية نشرتها جامعة كولون بألمانيا ترجع إلى القرن الرابع الميلادي، وتتناول فترة وجود العائلة المقدسة بمصر، وهى مكتوبة باللهجة القبطية الفيومية.

وقال عبداللطيف إن هذا التراث الثقافي يرتبط بمجموعة من المواقع الأثرية التي لاتزال تحمل لنا الكثير من الآثار والقصص التي تحكي لنا رحلة العائلة المقدسة، حيث دخلت العائلة المقدسة إلى مصر عن طريق صحراء سيناء من جهة العريش والفرما ، لترتحل إلى عديد من المدن المصرية، التي قسمتها المصادر الدينية والتاريخية القبطية إلى ثلاث مراحل : الأولى (العريش – الفرما – تل بسطة – مسطرد – بلبيس – مدينة سمنود – سخا – وادي النطرون)، والثانية (المطرية – بابليون بمصر القديمة – منف – المعادي)، والمرحلة الثالثة ( البهنسا – جبل الطير – الاشمونين – فيليس – قسقام – مير – جبل قسقام – جبل درنكة).

وأضاف أنه في بعض المدن قضت العائلة المقدسة أسبوعًا أو بضعة أيام، وفي مدن أخرى شهرا أو أكثر وكانت أطول مدة قضتها هي في جبل قسقام حيث قضت 185 يوما، واستمرت العائلة المقدسة في مصر حوالي أربع سنوات إلى أن مات “هيرودوس” الملك وحكم بدلا منه “أرخيالوس”.

وأكد أن رحلة الحج المسيحي داخل الأراضي المصرية لمسار رحلة العائلة المقدسة لها أهمية كبيرة لدى المصريين بشكل عام ولوزارة الآثار بشكل خاص، ولهذا السبب يتم دراسة كل صغيرة وكبيرة لاستقبال الحجاج المسيحيين في الأراضى المصرية، وذلك حتى تكون الزيارة الأولى هي الدعاية وهي الأساس الذي سيبنى عليه باقي الزيارات الأخرى لباقي الأفواج ..مشيرا إلى أنه تم التعاون مع كافة الوزارات والجهات المعنية لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة، والترويج لها سياحيًا باعتبارها تراثا مصريا استثنائيا عالميًا.

واستعرض الدكتور عبد اللطيف جهود وزارة الآثار لدعم الملف، حيث تم منذ عام ٢٠١٦ تشكيل لجنة لإعداد الدراسات والمواقع التي تخص رحلة العائلة المقدسة إلى مصر ووضع مسارات الرحلة على الخريطة السياحية العالمية ، وقامت بجمع كافة الدراسات السابقة التي تخص زيارة العائلة المقدسة، والمادة العلمية الموجودة بالوزارة التي تخص المواقع المسجلة في عداد الآثار الإسلامية والقبطية سواء كانت صور أو خرائط أو رسوم، وأيضا صور ومادة علمية ذات علاقة برحلة العائلة المقدسة وحصر المواقع التي يعتقد أنها قد تنتمي إلى محطات زيارة العائلة المقدسة ودراستها. 

شجرة العذراء مربم بالمطرية
شجرة العذراء مربم بالمطرية

وأشار إلى أنه تم زيارة العديد من المواقع للوقوف على حالتها واحتياجاتها وإعداد ملف لها طبقا لشروط منظمة اليونسكو لرفعه على قائمة التراث العالمي سواء كان تراثا ماديا أو غير مادي ، وتم تحديد خمس محطات رئيسية من محطات رحلة العائلة المقدسة والتي تعد من المواقع المتاحة أمام السياحة المحلية والدولية خاصة منطقة مصر القديمة وهي : كنيسة أبي سرجة بمصر القديمة و شجرة مريم بالمطرية وأديرة وادي النطرون ( دير السريان – البراموس – الأنبا بيشوي) وكنيسة العذراء مريم بجبل الطير بسمالوط المنيا و دير المحرق أسيوط.

وأوضح أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة أن اللجنة بالتنسيق مع إدارة المنظمات الدولية بالوزارة تمكنت من تحديد معيار الاختيار وبنود السلامة والأصالة للمحطات الخمس وفق شروط اليونسكو، وتحديد عنوان خاص بالمسار وهو:” محطات من مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر” ، كما تم الانتهاء من كافة البيانات العلمية الخاصة باستمارة القائمة التمهيدية للتراث العالمي، والتي يتوقع إمكانية تسجيل محطات رحلة العائلة المقدسة في مصر على القائمة التمهيدية.

كما أكد أنه تم إصدار كتيبات باللغتين العربية والإنجليزية للمواقع المختارة لرفعها على قائمة التراث العالمي وكتالوج وملحق توثيقي لمحطات العائلة المقدسة وخريطة بمسار ومواضع المحطات المختارة عن طريق إدارة النظم الجغرافية.. مشيرا إلى أنه جاري التنسيق مع إدارة الأفلام الوثائقية بالوزارة لعمل فيلم وثائقي عن الرحلة ومواقعها .

وأشار أيضا إلى أنه تمر التنسيق مع وزارة السياحة  والآثار والجهات الأمنية المختلفة لتأمين الأفواج الخاصة برحلة العائلة المقدسة في مصر (المرحلة الأولى)، بعد الإنتهاء من جائحة كورونا وعودة السياحة الدولية مرة أخري  لكى  تتضمن كلا من كنيسة السيدة العذراء مريم بالمعادي (غير مسجلة فى عداد الآثار ) وكنيسة أبي سرجة مصر القديمة وأديرة وادي النطرون (دير الآنبا بيشوي – دير السريان – دير البراموس) ، وتم حصر الاحتياجات الخاصة بمنطقة مجمع الآديان بمصر القديمة وجاري توفيرها من خلال وزارة السياحةوالآثار  .