آثار ومصرياتأخبارشئون مصريةمنوعات

الباحث الآثارى والمرشد السياحى “أحمد السنوسى “يواصل  كتاباته عن: ” العقيدة والدين في مصر القديمة” (20 )

في يوم 13 مايو، 2020 | بتوقيت 12:00 مساءً

عصر الاضمحلال الاول

 حتى في عصر الاضمحلال الاول ظهر رجلا يدعوا الناس الى التوحيد والتمسك بالقيم النبيلة لكى تعبر البلاد هذه المحنة،وهذه الفترة التي يقول عليها العلماء عصر الاضمحلال الأول لم يتهم بها أحدا دراسيا على الاطلاق ولا الى الحالة الاجتماعية في البلاد.وهذا الرجل هو الحكيم (انى) والذى وضعه بعضا من العلماء والباحثين في عصر الاسرة الثامنة.

في هذه الفترة الاضمحلالية وصل الفجور لبعض المصريين بتحدى الاله نفسه وقالوا مثلا (ان الرب لا احد يعرف صورته فهو ليس شمس في السماء او طائر او تمثال) بل قاموا بحرق المعابد وطردوا الكهنة ورفضوا سلطان الكهنة،بل قالوا أيضا (من في السماء يحكم السماء والارض لمن يحرثها،) ولا سلطان لمن في السماء علي اهل الأرض.

ففي هذه الفترة ظهر الحكيم (أنى) وكلامه كله موثق في بردية شهيرة عثر عليها في عام 1881 ومحفوظة في المتحف البريطاني ولقد اطلق عليها العلماء بعد ترجمتها اسم (وصايا الحكيم أنى) وملخص هذه التعاليم بانها كانت وصية منه لابنه ليبتعد عما يفعله المصريين في هذه الحقبة وخاصة البعد عن الاله وما الى غير ذلك.هذه التعاليم او الوصايا حيرت الكثير من العلماء واخذت افكر فيها كثيرا و خاصة لسمو اخلاقها والبعد عن الكفر والتمسك بعبادة الاله الواحد،ومن هذه التعاليم نخذ عدة نقاط هامة مثل:

1- احترم الاله وكل حقوقه قدمها له حتى تعظم اسمه.

2- الهك هو الخالق اله الكل اشكره ليشكرك واذكره ليذكرك.

3- ان بيت الاله يمقت الهرج فصلى بقلب محب ولاتجهر بصلاتك وبذلك ستقضى كل حوائجك ويسمع الاله ما تقول.

4- لاتكن بليدا واذا تقبلت كلماتى فان كل شر سيبتعد عنك.

(ملحوظة هامة جدا في تعاليم أنى):هنا لم يقصد الاله اوزير قط ولا حتى فى التعاليم كلها بل يقصد الاله الواحد الاكبر الذى فوق الالهة جميعا وكما هو واضح فى النص الكامل للنصائح كلها.فهو لم يذكر اى اله من الهة المصريين ولا حتى اوزير نفسه بل قصد اله خالق واحد وهو الذى يكمن خلف قرص الشمس،لابد للانسان ان يحترم الاله حتى يعظم اسمه وبالتالي يساعد الانسان على المرور من المحنة،لانه هو الاله الخالق الحق.

ومما قاله أيضا وفيها الدراسة والتأنى هو بان الموت ياتى فجأة ولاتعرف موعده بل ياتى ويختطف الطفل الذى لايزال يرضع من ثدى امه كما يخطف الرجل عندما يكون مسنا.وانه يجب على الانسان الا يكون له أعداء قط لان الانسان ينزل به الخراب من جراء لسانه.

ومن اجمل ما قاله بالنص أيضا (لا تمشى الخيلاء ولا تكن فخورا بنفسك فهذا لا يعجب الهك) سبحان الله في هذه المقولة حقا،الم يقول الله تبارك وتعالى في سورة لقمان 18 (…إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)

وهناك نصا صريحا لا يقبل اى شك او تردد عندما قال بالنص (دع عينيك تعرف قيمة الاله واحترام اسمه فى الافق وهو خالق ملايين المخلوقات،انه اله الارض وهو الشمس فى الافق وهو كل النجوم فى السماء وهو الذى يرى ولا يرى فقرب اليه البخور كل يوم)

هذا الخالق لكل شيء ليس له مثيل.هذا هو نفسه ما قاله الله تعالى في سورة الشورى 11 (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير)

والسؤال الان:فى اى عقيدة يمكننا ان نجد مثل هذه التعاليم؟؟وهل نجد لها مثيل فى تعاليم اله الشمس رع؟؟ هل وجدنا مثل هذه التعاليم فى عقيدة اوزير ولو حتى النذر القيل منها ؟؟.

اليس هذا دليل واضح بان مصر كانت ولاتزال ارض التوحيد؟؟ نعم لم يكن كل امصريين موحدين بالاله الواحد ولكن كان فيه موحدين.

واليوم مثلا يدعى الكثير من المصريين بانهم مسلمين وموحدين بالله،ولكن هل يفعلوا ما امرهم به هذا الاله الغفور الرحيم؟؟

فهناك الكثير والكثير يمكن كتابته في وصايا الحكيم أنى ولكن هذه المقطفات دليل كافى بانه كان من الموحدين،وقد وصى ابنه بذلك ليكون سليما في الدنيا والاخرة،واذا اتبع تعاليمه نجى من الحساب في العالم الاخر،وان هناك حقيقة لا يمكن الهروب منها ابدا وهى حقيقة الموت،والعودة الى الاله الخالق الذى يسمع ويرى كل شيء.

وهنا اسال العالم كله بما فيه من ترجموا هذه البردية الشهيرة،لم تكن ارض مصر ارض الموحدين منذ القديم من الزمان،بل ان اخناتون نفسه ليس اول الموحدين في ارض مصر،بل سبقة الكثير والكثير من الناس حتى في عصور ما قبل الاسرات،والله على ما أقول شهيد

والى لقاء مع مقال الغد باذن الله

كاتب المقال

الباحث الاثارى والمرشد السياحى

أحمد السنوسى