أخبارشئون مصريةمنوعات

الباحث الاثارى والمرشد السياحى “أحمد السنوسى “يواصل  كتاباته عن: ” العقيدة والدين في مصر القديمة” (14 )

في يوم 7 مايو، 2020 | بتوقيت 12:00 مساءً

(انا احفظ حقوق الانسان)

من اجمل ما جاء في قوانين ماعت هو الاعتراف الكامل بحقوق الانسان،فسبحان الله في هذه الحضارة الجميلة.

ان مفهوم الحق في اللغة والدين هو الشيء الثابت دون ريب،وهو النصيب الواجب سواء كان للفرد أو للجماعة.ويعرف الحق بأنه ما قام على العدالة والإنصاف ومبادئ الأخلاق،والحق في الشريعة الإسلامية لفظ يشير إلى الله وهو اسم من أسمائه الحسنى.ولكل مثقف واعى بدينه يعلم تماما بان العقيدة الإسلامية تقوم على مبدأ وحدة الجنس البشري وأن الاختلاف بين البشر سواء في الأرزاق أو مصادر الدخل أو الأعمار أو الألوان أو الأعراق إنما يهدف إلى إعمار الكون في إطار من التعايش والتعاون والتكامل,

وتتضح هذه الحقائق بلا لبس أو شك عند إلقاء نظرة على بعض الآيات القرانية الكريمة حيث قال تعالى في سورة النساء 1 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) وكذلك قال تعالى في سورة الحجرات 13 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

وكذلك قوله تعالى في سورة الروم 22 (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)

فاذا فقد كرم الإسلام الانسان وحفظ حقوقه بدون النظر الى اللون او الملة،حيث يقوم الإسلام على مبدأ وحدة الجنس البشري فلا فضل لعربى على عجمي إلا بالتقوى.وقد قام مفهوم حقوق الإنسان على أساس فلسفي وهو الذي أسنده الإسلام ألا وهو تكريم الإنسان.

وأهم الحقوق التي كفلها الإسلام للإنسان هو حق الحياة،وهو اول يحق يضمن كرامته،وكذلك حق الكرامة،وحق الحرية،وحق التعليم، وحق التملك،وحق العمل،وهذا كله يعود بأفضل النتائج لتكون امة صحيحة بعيدة عن العصبية والجبروت.

واذا كان العالم اليوم الذى يتحدث عن حقوق الانسان ويقيم له المؤتمرات العدة،فاقول لهذا العالم كله لقد سبقكم في هذا كله الانسان المصرى القديم وكذلك الإسلام،ولقد شرع الإسلام هذا كله منذ 14 قرنا من الزمان ويزيد وحفظ حقوق الانسان في شمول وعمق لم يصل اليه الانسان الحديث اليوم والذى يتشدق دائما بحقوق الانسان.

بل أحاط الإسلام بضمانات كافية لحمايتها،وصاغ مجتمعه على أصول ومبادئ هذه الحقوق وتدعيمها،فاذا كان اليوم هناك قصور اسلامى في هذه النواحى فيكون التقصير ليس عيبا في الإسلام انما التقصير من المسلمين انفسهم والذى تركوا الغرب يفعل ما يريد ويقول ما يريد ونحن في غياهب النسيان.

ومن هنا كان لازما على المسلمين أن يبلغوا للناس جميعا دعوة الإسلام في موضوع حقوق الانسان،امتثالا لأمر ربهم وإسهاما مخلصا في استنقاذ العالم مما تردى فيه من أخطاء وتخليص الشعوب مما تئن تحته من صنوف المعاناة. فالمجتمع الاسلامى الحق يرفض كل ألوان الطغيان،ويضمن لكل فرد فيه”الأمن،والحرية،والكرامة والعدالة ” بالتزام ما قررته شريعة الله للإنسان من حقوق،والعمل على تطبيقها والسهر على حراستها،تلك هي الحقوق الحقة وياليت قومى يعلمون.

ونجد في مصر القديمة هذا المبدأ قد ترسخ منذ عهد الدولة القديمة، وقد وضعها المصرى القديم تحت كملة واحدة وهى (قوانين ماعت) التي تعد من أقدم المصطلحات اللغوية ذات الدلالات المتعددة فهي تعني العدل والصدق والحق  بل كانت تعني نقيضا لأي معنى غير أخلاقي بوجه عام.

فالمصريين القدماء كانوا أول من اعترف للإنسان بالحق في الحياة فلم يكونوا يقتلون أبنائهم مثلما فعلت الأمم المتوحشة،فلم يسمح بوأد الأطفال،كما انهم لم قدموا قرابين بشرية وكما كانت تفعل حضارات أخرى كثيرة.

ففي روما مثلا كان للأب الحق في ان يوافق على انتساب ابنه له او يرفض حتى لو كان ناتج عن زواج شرعي أما البنات فلم يكن الاباء ملزمون الا بتربية البنت الكبرى فقط.وفي اسبرطة كان الحاكم يقررالإبقاء علي حياة المولود أوإلقائه في هوة سحيقة لانها امه كانت تقوم على القوة البدنية فلم يكن مسموح بوجود طفل هزيل او معوق

ولا ننسى أيضا عرب الجاهلبية الذين كانوا عادة وأد البنات والتي كانت بالنسبة لهم عار فلا حق لها في الحياة،بينما المصريين القدماء كانوا يقدسون حياة الانسان وحق الطفل سواء كان ذكر او انثى في ان يتربى في جو اسري سليم.وكان الكثيرين من اهل الإعاقة وصلوا الى اعلى المراتب الكهنوتية وكذلك عازف الناى الاعمى وغيرها من الأمثلة الكثير والكثير.

وفى حقيقة الامر وغصبا عن اى اجنبى يكذب ذلك فكان المصريين القدماء جميعا امام ماعت سواء،فلا فرق بين غنى وفقير،ولا بين حر وعبد ،ولا بين مواطن وأجنبي الجميع له نفس الحق أمام (ماعت) لان العكس من ذلك يؤدى الى اختلال في النظام المجتمعى وتسود فيه الفوضى وهو من اعظم الاخطار التي تواجه اية اكة كانت على مدار التناريخ كله.

أيها المصري افتخر بمصريتك وانتماءك للأجداد فهم من علموا العالم القيم والأخلاق والدين،وكذلك تمسك بدينك الاسلامى القويم فانت أيها المصرى العظيم عندك حضارة كبرى تتباهى بها امام العالم،وعندنا القران الكريم الذى نتحدى به العالم كله بلا استثناء،فانت المصرى الأصيل.

والى لقاء مع مقال الغد باذن الله

كاتب المقال

الباحث الآثارى والمرشد السياحى

أحمد السنوسى