آثار ومصرياتالمنطقة الحرةسلايدرشئون مصرية ومحليات

الباحث الاثارى والمرشد السياحى “أحمد السنوسى “يواصل  كتاباته عن: ” العقيدة والدين في مصر القديمة” (13 )

في يوم 6 مايو، 2020 | بتوقيت 12:00 مساءً

 (انا احترم الحريات)

من عجائب الفطرة وكما في قوانين ماعت هي مقولة (انا احترم الحريات) وفيه مقولة أخرى هامة سناتى لها فيما بعد تقول (انا احترم كل العقائد) فما هو الفرق بين الحريات وحرية العقائد؟؟ ودلالة كل هذا يدل على السمو الاخلاقى والرفعة في نفوس المصرى القديم، فاين المصرى الحديث الان من كل هذا؟.

فاحترام الحريات سواء في الراى اوالسلوك هو ان الانسان حرا مادام لا يسىء الى الاخرين او يهين الاخرين تحت اسم الحرية. ويجب احترام آرآئهم،فلكل شخص له حريته باتخاذ قراراته،بل تشجيعهم على طرح ارآئهم وابداء الرأي بها فالحريه نوع من الديموقراطيه

وان الاحترام هو أحد القيم الحميدة التي يتميز بها الإنسان،ويعبر عنه تجاه كل شيء حوله أو يتعامل معه بكل تقدير وعناية والتزام.

فهو تقدير لقيمة ما أو لشيء ما أو لشخص ما،وإحساس بقيمته وتميزه،أو لنوعية الشخصية،أوالقدرة، أو لمظهر من مظاهر نوعية الشخصية والقدرة.ويتجلى الاحترام كنوع من الأخلاق أو القيم،كما هو الحال في المفهوم الشائع (احترام الآخرين) أو مبدأ التعامل بالمثل لكن هنالك فرق بينة وبين عدة مصطلحات مثل (الاهتمام والاعجاب) ويفضل عدم الخلط بينها.

ويفضل عدم المبالغة في الاحترام حتى لا يساء الفهم،وان احترام حق الحريات والأراء تعبر عن مدى احترام الشخص نفسه،وان الاسلام قد أوصانا على احترام الاخرين واحترام حريتهم ،لذلك يجب علينا ان نحترم حرية الاخرين ويجب ان لا نفرض عليهم مبادئنا لان احترامك للأخرين هو احترامك لنفسك اولآ ومن ثم لهم.ولقد جاء الاسلام بما به من تعاليم سامية تتناسب مع جميع الناس في كل الازمان والبلدان وكفل لنا حرية تتسم مع تعاليمه السامية كما أعطانا حرية الفكر والكلمة التي حدودها معتقدات الانسان ذاته،واحترام حريات الاخرين هي منتهى التقدم والتحضر فى الإسلام.

ان الحرية التزام ومسئولية،وايمان الانسان بالحرية تجعل امامه عدة نقاط هامه في سبيل أن يكفلها للأخرين وليس وحده فقط.فمن الناس من هو يعتقد انه حر في كل شيء وهوعبد لشهواته،وهو ظاهريا حر في ارتكاب الشيء الذي حرمه الإسلام.لكن جوهرياً هو عبد لهذه المحرمات التي تفرض نفسها عليه لأنه يملك الارادة لردها فانه عبد لها فتسيطر عليه.ان دعوتي لكم هذه ليست للحرية التي تكون دون شروط او قيود،انما هي دعوة للحرية المشروعة بالالتزام والشعور بالمسئولية واحترام حريات الاخرين

وكل التعاليم الإنسانية أساسها اتى من الدين او علوم الاخلاق في الكثير من الأمم والشعوب،ولذلك قال تعالى في القرأن اكريم في سورة النحل 125 (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وكذلك في سورة العنكبوت 46 (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) حتى كان ذلك امر الله تعالبى عندما ذهب موسى الى فرعون نفسه فقال تعالى له وكما فى سورة طه 44 (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى),

ان المصرى القديم وحسب نصوصه الكثيرة الموثقة كان حرا وان هذه الحرية قد تعلمها واخذها من قوانين ماعت،لان في ذلك استقرار للحياة.

وللاسف الشديد هناك الكثيرين ممن شوهوا تاريخنا القديم وجعلوا ملك مصر فرعونا قاسيا بدون الدراسة الحقة للنصوص،حتى ان كلمة الفرعون الطاغى فهمها العالم كله خطأ،وليس معنى ان هناك فرعون ظالم وكما في قصة سيدنا موسى عليه السلام يبقى كل ملوك مصر فراعين وظالمين،وهذا لايتفق مع حقيقة التاريخ المصرى ونصوصه الموثقة.

فالكثير من ملوك مصر كانوا يعملون على ترسيخ العدل الاجتماعى بين الناس،حتى في نصوص المصرى القديم نفسه فكان يعمل العمل ويتميز فيه لارضاء الاله الخالق وليس لارضاء الملك.بل وكان صاحب المقبرة يتباهى بأنه لم يفعل ما يغضب الإله وأنه تحرى مكارم الأخلاق في كل أفعاله،ولذلك فقد أحبه الإله.

وهناك مثال عظيم لذلك في نصوص الملك العظيم تحتمس الثالث،صاحب اول امبراطورية في التاريخ البشرى كله،وكان ينص دائما على وزيره الأشهر (رخ مى رع) بان يقيم العدل بين الناس وان يتاكد بان قوانين ماعت راسخة ومطبقة،وأن الحق والعدل هما ما يجعلان الناس يعيشون سعداء،وطلب منه كذلك أن يقابل الناس ويسمع شكواهم.فالحرية عند المصرى القديم وكما نلاحظها من النصوص كانت تتمثل في الحقوق والواجبات،ومن الواجبات كان العمل الجاد المبدع واجبا على كل فرد في المجتمع على اختلاف وضعه الاجتماعي والاقتصادي.

واعظم مثال على ذلك وقمة الحرية والعدل أيضا نجدها في قصة الفلاح الفصيح،الذي حمل حماره ببضاعة من أعشاب وجلود لبيعها في مدينة إهناسيا،وعندما قضم الحمار من سنابل حقل مر به،أصر صاحب الزرع على أن يستولي على الحمار بما يحمله، واحتج القروي الفصيح ودافع عن نفسه وعن ممتلكاته،وذهب للعاصمة ليشكو هذا الموظف الشرير وترك لنا أجمل نصوص ببلاغة وفصاحة وهو يقدم شكواه للملك،ولذلك وبعد أن سمع الملك فصاحته أمر بإعادة ما سلب منه وكافأه،وعاقب الموظف الظالم.

هذا هو الحق والعدل لدى المصريين القدماء،وحرية العيش.حقا انها مصر فجر الضمير الانسانى النبيل

والى لقاء مع مقال الغد باذن الله

كاتب المقال

الباحث الاثارى والمرشد السياحى

أحمد السنوسى

مقالات ذات صلة