آثار ومصرياتأخبار عاجلةالمنطقة الحرةسلايدرشئون مصرية ومحليات

الباحث الاثارى والمرشد السياحى “أحمد السنوسى “يواصل  كتاباته عن ” العقيدة والدين في مصر القديمة” (5) ..قوانين الربة ماعت ما هي؟

في يوم 28 أبريل، 2020 | بتوقيت 12:00 مساءً

..انا شخصيا لا أقول انها قوانين ماعت او قوانين العدالة والمساواة،بل أقول عليها انها قوانين الفطرة التي فطر الله الناس عليها.فاللفظ قوانين ماعت وضعه العلماء الحديثون،انما في مصر القديمة فكانوا يطلقون على هذه القوانين اسم (الخلق الطيب) فمن علم المصرى القديم هذه الاخلاق؟.

 فى حقيقة الامر فان الاخلاق وسموها لم نجده في اية حضارة على الاطلاق مهما كانت شرقا او غربا الا في الحضارة المصرية القديمة فقط.فهل هذه التعاليم كانت ناتج ميراث جماعة الحنيفية التي تكلمنا عنها من قبل.فهذا هو اسلام الفطرة والذى بدأ منذ عهد ادم عليه السلام حتى بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وهكذا اصبح الاسلام عقيدة راسخة ومتمسك أيضا بقوانين الفطرة ولم يغيرها او يعدل عليها.والفارق بين اسلام العقيدة وإسلام الفطرة تاريخ طويل منذ هبوط ادم على الأرض حتى نزول رسالة القرأن الكريم ولكن هذا ليس موضوعنا الان.

فالاخلاق في حقيقة الامر ما هي الا هدف العبادات واساس المعاملات بين الناس،ولكن هناك بعض الفلاسفة قديما وحديثا قالوا (بان الاخلاق شيء مستقل عن اللاهوت وعن التدين،واساسها يكمن في طبيعة العقل البشرى) وفى حقيقة الامر هذا كان رايا مغلوطا تماما اقره بعض الفلاسفة الغير متديين على الاطلاق او ملاحدة مثلا،او حتى (هيجل) نفسه والذى قال (ان الانسان هو القيمة والينبوع للفعل الاخلاقى).

 فكلها أمور تداولها علماء العصر او ما يقرب من قرنين من الزمان فقط وليس قبل ذلك،ومثال ذلك على العقلية الأوروبية حيث بداية التحرر من الكنيسة وبداية الثورة الصناعية ثم بداية الانحراف عن الاخلاق أيضا فيما بعد.

ولذلك فان الدارس الحق للحضارة بصفة عامة وللحضارة المصرية بصفة خاصة يتأكد له تماما بان مكارم الاخلاق وسموها عرفت منذ الالاف من السنين،وبالأخص في الحضارة المصرية القديمة تحت بنود ما يطلق عليه (قوانين ماعت).

 وانا أقول بعلو فم بان هذه القوانين ما هي الا الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها،وهى قيم يجب ان يسير عليها البشر لكى يعيشوا في سلام مع النفس و مع الاخر،وكذلك هذه الاعمال تنجيه من الحساب في الاخرة وسببا لدخوله الجنة الموعودة والتي يحلم بها.

والفطرة كلمة عربية تعني (الخلقة أو الصِبغة) التي خلق الله عليها الإنسان.ولقد تعلمنا في الاسلام بان الإنسان يولد مع معرفة فطرية عن التوحيد هذا وإضافة إلى الذكاء.وان الاحسان وكل الصفات التي تكون معنى الإنسانية،لان الاحسان جزء من الفطرة ولا ننسى

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث له:ما من مولود إلا يولد على الفطرة،فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء،هل تحسون فيها من جدعاء ؟

وقد ورد لفظ الفطرة ومشتقاته في ايات كثيرة في القرأن الكريم والسنة النبوية الشريفة،وهناك اية شملت الامر كله،كما جاء في سورة الروم 31 (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

وقال الامام العلامة ابن القيم الجوزية (ان كل الناس ولدوا حنفاء على فطرة الإسلام،وهى الفطرة التي فطر الله الناس عليها،ثم اتتهم  الشياطين فاجتالتهم عن دينهم،افن كل المواليد حنفاء كلهم)

ويدل كل ذلك على ان الفطرة هي الصفات الخَلقية الأولية التي منحها الله تعالى للإنسان وغرسها في طبيعته،وان الصفة الفطرية الأساسية الجامعة هي الاستقامة والسلامة.وأن من الفطرة واستقامتِها،التوجه التلقائي إلى الخالق وإلى توحيده،ومن الفطرة كذلك واستقامتها كذلك حب الفضائل والمحاسن وكره الرذائل والقبائح.وان الفطرة بلا شك هي الميل الاصلى الى السلوك المستقيم و التصرف والتحدث بصدق،وهذا ما نجده في اقوال المصرى القديم الذى يقول (انا اتحدث بصدق)

واليوم نقول بدون ادنى شك على الاطلاق،بأن كل الناس من جميع الأجناس يولدون على هذه الفطرة أول ما يولدون،فهي سنة من سنن الله التي لا تتبدل ولا تتخلف.وبعد الولادة والاندماج في الحياة الاجتماعية،تصبح جميع الصفات الفطرية عرضة للتأثيرات السلبية،التي قد تغير منها قليلا أو كثيرا،دون أن تمحوها وتبدلها من أصلها.وبناء عليه،فالفطرة من سنن الله التي لا تقبل الإلغاء والتبديل، لكنها تقبل التغيير وتخضع للتأثير.

ولقد كان المصرى القديم يسير على الفطرة،وهنا أقول السؤال المعتاد هل كان كل المصريين القدماء يسيرون على الفطرة؟.

 والاجابة على هذا السؤال  لا بطبيعة الحال،لانه في التاريخ البشرى كله متى كان كل الناس يسيرون على الفطرة الربانية؟ ،وكيف ذلك وهناك مخلوق بينهم يسمى الشيطان الرجيم.ولكن من فضائل الحضارة المصرية القديمة تلك القوانين المنظمة للاخلاق الحميدة والتي سنتعرف عايها في المقال القادم باذن الله

كاتب المقال

الباحث الاثارى والمرشد السياحى

أحمد السنوسى

مقالات ذات صلة