… رفض العودة الى فلسطين: هنا تجدر بنا وقفة لملاحظة هذه الظاهرة المثيرة للانتباه في شأن اليهود،فهم يدعون أنهم شعب الله المختار ويزعمون أن ارض الله المباركة فلسطين أرضهم ولكنهم عندما تتاح لهم الفرصة للعودة إليها فهم لا يعودون.
وفي وقتنا الحالي ورغم كل الذي يصنعه الكيان الصهيوني من تهيئة السبل وبناء المستوطنات وكل ما يقدمه من مغريات وتسهيلات لليهود للهجرة إلى ارض فلسطين مع ذلك فان معظم اليهود اليوم لا يعيشون في فلسطين فهناك أعداد ضخمة منهم يعيشون في أمريكا وآخرون كثر أيضا في روسيا وأعدادهم تفوق أعداد اليهود في فلسطين.
وهذا ليس حديثا فقط وانما منذ القديم من الزمان وكما كان حالهم في عهد مملكة الفرس،لان اليهود أساسا ماديين وعندهم المال هو الاله واينما يوجد المال والسلطة فهم تابعون ولا يهمهم قط ارض فلسطين.
– إن المال لبني إسرائيل هو الإله،وجعلت فتنتهم في الدنيا،فحيث ما كان المال والترف،فهناك ثمة يهود،وهكذا فهم يحكمون قبضتهم على منابع الثروات وأماكن الغنى والترف في العالم ويسيطرون بخفاء على رؤوس الأموال الضخمة والتجارة المزدهرة في شتى أنحاء العالم ولا يجد الباحث عسير بحث ليتوصل بنفسه إلى هذه الحقيقة التي تكاد لا تخفى على احد.
وهذا يفند مزاعمهم بحب ارض فلسطين وكونها أرضا مقدسة لهم فهم يعبدون المال ويبيعون كل شيء من اجله حتى لو كانت مقدساتهم،والعدد القليل فقط منهم من يؤمن بهذا الدين وينقاد لتعاليمه وشرعته.فالمال بالنسبة لليهود هو المعبود الحقيقي ومعظم يهود اليوم لا يعيشون في فلسطين فأين عقيدتهم المقدسة بحقهم فيها؟
– ان اليهود الذين رجعوا الى ارض فلسطين في العهد الفارسى وكانوا قلة بالنسبة لمجموعهم ككل،لان الأغلبية منهم رفضوا العودة والمكوث في بلاد فارس وبابل،والبعض الاخر ذهب الى مصر وكونوا مستعمرة في منطقة الفنتين باسوان وتحت حماية الحكم الفارسى ولنا مع منطقة الفنتين وبرديات الفنتين وقفة كاملة في المقال القادم.
– فعندما عادت القلة اليهودية الى ارض فلسطين في عام 539 ق.م. فكانت تشدهم إلى القدس أيام عهدهم القديم وزمن سليمان عليه السلام وعمل هؤلاء فورا على مسألة مهمة جدا بالنسبة له.
وهي بناء الهيكل المزعوم الذي دمره نبوخذ نصر فبنوا المعبد مرة أخرى كما يدعون ويسمى هذا المعبد الثانى،وهو مشهور في التاريخ وموجود في الكتب المقدسة عندهم وكذلك هو مدون في التاريخ الغربي.
وهذا ما نسميه نحن كباحثين في التاريخ باسم (خرافة بناء الهيكل الثانى او عهد بناء الهيكل الثانى) وفي ظل تسامح الفرس مع اليهود سمحوا لهم ببناء الهيكل مرة أخرى فجعلوا بناء المعبد بناء كبيرا ووسعوه توسعة عظيمة،وارجعوا قدس الأقداس (المحراب) وأعادوا المقدسات التي استطاعوا أن يحافظوا عليها مرة أخرى.
وكان من تسامح الفرس الشديد مع اليهود أن سمحوا لهم بحكم ذاتي في داخل القدس ولكنهم افردوا لهم مكانا محدودا جدا فانحصر حكمهم لمساحة 30 كيلو متر مربع فقط من القدس.
وكانت تلك فقط المساحة المتاحة لليهود ليقوموا بحكمهم الذاتي فيها. فكانوا يعبدون ويتقاضون بينهم ويديرها واحد منهم واستمر حالهم كذلك من عام 515 ق.م. لمدة 200 سنة ساد خلالها في هذه المملكة الصغيرة الهدوء والتسامح وبدأت أعدادهم بازدياد وبدؤوا يمتدون داخل فلسطين غير أنهم كانوا لا يحكمون سوى ما سمح لهم الفرس به.انما باقى مناطق فلسطين كاملا ظلت تحت حكم الفرس وتحت سيطرتهم الكاملة
وفى ذلك يحكى التاريخ بان الملك قورش الفارسى دخل الى القدس عام 539 ق.م. وبرفقته مئات اليهود الذين قام الامبراطور نبوخذ نصر بسبيهم إلى بابل العراق (كان ذلك خلال غزو البابليين القدس اورشليم بقيادة نبوخ نصر العام 586 ق م ) أقام اليهود في بابل العراق 48 سنة.
(وفي رواية تاريخية أخرى 70 عاما) تعلموا فيها الآرامية وكتبوا توراتهم هناك باللغة الآرامية (هذا الحدث يبطل المقولات التي تقول إن التوراة من الجزيرة العربية يهود خيبر ومكة أو من مصر أو حتى من صحف موسى في صحراء سيناء).
وكانت زوجة قورش يهودية وهذا ما جعل الملك يحن على اليهود وكانت تدعى (إستير اليهودية) ولذلك أعاد قورش اليهود الذين تم سبيهم كعبيد من قبل وبنائين بالسخرة.
– ومن ناحية أخرى كان كورش يستفيد من اليهود في كل غزواته وكان يفرض على اليهود الذين لا يقاتلون معه العرب دفع المال لتجهيز الجيش وكانوا يدفعون بسخاء.اما ما يقال عن التوراة التي كتبت في عهد الاسر البابلى (فهى كلها أساطير نسجها الرواة عن اليهو)د.
وتختلف عن الوصايا العشر التي نزلت على النبي موسى التي نزلت في الواح بارض سيناء والتي جاء فيها مقولة نتوقف عندها كاملا لفضحهم امام العالم والتاريخ كله.فهذه العبارة تقول (إن الرب أوصى كورش ببناء الهيكل).
مع انه في حقيقة الامر وبتدقيق التاريخ نجد بان الذى امر بإعادة بناء الهيكل هو الملك الفارسى (داريوس) الذى حكم بعد الملك قورش وهو الذي أمر ببناء الهيكل لليهود وليس قورش.
وهذا ما يؤكد كذب التوراة البابلية في التاريخ.وبالتالي وحسب النص التوراتي فالهيكل اليهودي فارسي الأصل ومن بناء الملك الفارسي داريوس،ليكسب رضى الرب الذي أوصى كورش في التوراة ببناء المعبد.
اما عن ارض فلسطين في العهد الفارسى فاصبحت ولاية فارسية تضم الى العشرون ولاية الفارسية،وأصبحت فلسطين بكل الحقائق الولاية الفارسية الخامسة من بين عشرين ولاية فارسية وسميت باسم (ولاية فلسطين) وليس ولاية الهيود!!
– ولاننسى كذلك بان اللغة الارامية كانت اللغة المنتشرة في فلسطين وليست (العبرية) وهكذا استمر الحكم الفارسى في فلسطين لما يقرب من المائتين عاما،إلى أن قام الإمبراطور (الاسكندر المقدوني الكبير) ملك اليونان عام 332 ق م بهزيمة الملك داريوس الثالث الفارسي في معركة إيسوس (الاسكندرون حالياً نسبة إلى الاسكندر المقدوني ).
وقد استولى الاسكندر المقدوني على القدس بمساعدة اليهود أيضاً دون قتال.وكان الاسكندر المقدوني قد جعل بلاد الشام ومنها فلسطين،وكذلك مصر،والعراق تتبع إدارياً الامبراطورية اليونانية االمترامية الأطراف،وللعلم فقط فإن الاسكندر المقدوني كان قد زحف إلى القدس بعد أن استولى على صور ثم غزة.
– ولكن هناك ايضا في هذه الفترة الزمنية يهودا رغبوا العودة الى مصر وليس فلسطين وقد سمح لهم الملك الفارسى بذلك،واستقروا في منطقة الفنتين باسوان وكونوا مستعمرة هناك وتحت الحماية الفارسية الكاملة،وفى ذلك حديث اخر في المقال القادم باذن الله