ثالثا: السياحة في ظل الاقتصاد والتخبط الحكومي. ان حديثنا اليوم عن السياحة ناخذه من منعطف اخر تماما اقتصادى وتخطيطى مما يدل على فساد المجال أصلا وتراكمات تلك المفاسد جعلتنا اليوم بما حبانا الله من مقومات لا مثيل لها في العالم اجمع،ان نصبح متسولين لأي شيء تحت مسمى السياحة والترويج السياحى.
فلقد تعلمنا منذ القديم من الزمان بان ما بنى على باطل فهو باطل مهما امتدت السنين،ولم تكن هناك اية رغبة وزارية او حكومية او حتى رئاسية في اصلاح ذات البين السياحى على الاطلاق،ومقالى هذا اليوم يؤكد هذا الكلام. فلم تسمتع مصر ابدا لاحد المخلصين الذين عارضوا هذا الامر عند بدايتة،وكانت البداية الشركات الأجنبية وأثرها على اضعاف الاقتصاد القومى بجانب زيادة البطالة على عكس ما كانت تنادى به الحكومات السابقة او الحالية.
– فعندما قامت الوزارة في العهود السابقة والاعمال العنترية بالتعاقد مع الشركات الأجنبية والفندقية،أصبح من الواضح والجلى بان مصر بتستسلم للاجنبى تماما بإرادة حرة كاملة تحت مسمى (احتياجات السوق السياحي والتسويق) ثم أثر ذلك فيما بعد على الاقتصاد والعمالة.وهكذا نجد بان الشركات الأجنبية في غفوة من الزمن ومن وزارة السياحة وخاصة في اخر 15 عاما مضت،تقوم هي بنفسها بالتعاقد المباشر مع الفنادق وكذلك خطوط الطيران الشارتر،وأصبحت الوزارة والشركات المصرية ترضخ لكل مطالبها فورا وانتهى الامر بان تقوم الوزارة نفسها بتمويل الشارتر نفسه للمقاعد الشاغرة،فهل هذا كان حقا في صالح السياحة المصرية؟؟
أولا: من الناحية الاقتصادية. في ظل الفرحة المصرية مثلا بالكم والطفرة السياحية التي حدثت في عام 2010،كانت السياحة تمثل 13% من الدخل القومى.وامام تلك الفرحة والتهليل المبالغ فيه نسى الجميع وعلى راسهم رئيس الدولة نفسه بان هذا المبلغ او هذه النسبة ضئيلة جدا جدا وان الذي استفاد بها هي الشركات الأجنبية وارباح تراوحت ما بين 85 الى 90%، فهل تصدق ذلك؟؟ ومعنى ذلك بان كل الشركات المصرية بل والاقتصاد القومى نفسه لم يحقق أرباح ما بين 10 الى 15 % ايعقل هذا يا اصحب العقول؟؟.هذا من داخل الوعاء الاقتصادي المصرى الداخلى فما بالك بربحية هذه الشركات في بلدانها من الأصل والتي كانت تحقق أرباح من قيمة مبيعة الرحلة الى مصر ما بين 30 و35%.
حتى في الرحلات الداخلية في داخل الأراضي المصرية (الرحلات الاختيارية من سفاري وأبو سمبل وغيرها) نجد ان الشركة الأجنبية تدخل في أرباح هذه الرحلات،وهكذا أصبحت الشركات المصرية عبارة عن رخصة فقط امام القانون وليس حتى ناقلة للأفراد لان هناك شركات اجنبية كثيرة انزلت اتوبيسات خاصة لها في مصر مع وضع علامة او لوجو لا يكاد يظهر أصلا الخاص بالشركة المصرية.
وهذا كله ما أدى الى اضعاف الشركات المصرية بل بعضها اغلق تماما او تم بيعه وأصبحت كلمة المنافسة لا محل لها من الاعراب ومما زاد الطين بلة وهذا أيضا من غرائب وعجائب السياحة في مصر.فنجد بان الشركات الأجنبية تحتكر الطيران وتدير شركات لإدارة الفنادق وتوحشت وأصبحت المهيمنة والمسيطرة على السوق المصري وفى داخل مصر نفسها.وهكذا أصبحت مصر وشركات مصر السياحية ترضى بالقليل والقليل مما تركه لها الأجنبي.
ثانيا: من ناحية العمالة. وهي نقطة هامة للغاية وخاصة ان اية مشاريع في اية دولة تحت مسمى الاستثمار من المفروض بان من نتائج هذا الاستثمار هو زيادة العمالة في الوطن،وتنمية الاقتصاد الوطنى ولكننا في الحالة المصرية هذه نجد العكس من ذلك تماما.
فنجد بانه في مصر ظهرت حالة غريبة من نوعها ولم تحدث في اية دولة أخرى على الاطلاق وظهور ما يعرف باسم (العمالة الأجنبية في المجال السياحى)
فكانت البداية عندما كانت تأتى هذه العمالة من عده دول مختلفة وبلغات مختلفة وتدخل بتأشيرة سياحة ثم تعمل في التسويق السياحى وتتقاضى مرتبات كبيرة بالدولار حتى في مجال الارشاد نفسه.ثم يقومون هم أيضا بمقابلة سائحيهم وعرض عليهم الرحلات الاختيارية وبجانبهم مندوب مصري لا بيهش ولا ينش على الاطلاق.وهذا الامر من الناحية الأمنية في غاية الخطورة وليس فقط من ناحية البطالة ولكن في أمور أخرى كثيرة قد لا تكون في فكر الكثير من الناس مثل:
1-عدم المعرفه بمصر علي أكمل وجه ويسئ لسمعه مصر اسائه غير مقبوله.
2-تسويق رحله اسرائيل في المقام الأول وخاصة لجميع نزلاء شرم الشيخ ودهب وطابا،وهذا يضر بمصر كل الضرر ويؤثر على الرحالات الداخلية بشكل مباشر وعلي دخل مصر يوثر تأثيرا كبير.حيث لا رحلات اختيارية الى القاهرة او الأقصر او اسوان مما يزيد من فجوة تأثر دخول مبيعات التذاكر الى تلك المناطق السياحية.
3-القضاء على فرص العمل للمصرين داخل مصر لتمتعه بالعمل بدل المصرين.فالاداره الاجنبيه في اغلب الشركات ادي الي احلال و تبديل المصرين بأجانب ساعدهم على القضاء علي العمالة المصرية بشكل كبير.
4-عدم دفع الأجنبي لأية ضرائب وهذا لانه ليس لديهم ترخيص او تاشيرت عمل فهذا يضر بدخل الدولة.
وهكذا أصبح المصريون هم الغرباء داخل ارضهم ويتمتع بخيرات مصر الاجنبى وليس المصري صاحب الأرض، ويعمل هكذا الأجنبي ويجلس المصريون بدون عمل تحت مسمى الاستثمار السياحى وإدارة الشركات الأجنبية.
5-هناك شركات بعينها تبجحت وبكل قسوة ووقاحة ولم تسمح بان يعمل بها مصريين على الاطلاق ولا حتى في الارشاد،وكم من شكوى قدمت الى وزارة السياحة ولم تبت في الامر نهائيا،وكان اغلبهم من الروس والاوكرانيين والمان وواندونسيين.
ثالثا: تدعيم رحلات الشارتر.ومن العجايب والتي لاتحدث الا في مصر فقط هو تدعيم الرحلات الشارتر، وحتى يومنا هذا لا افهم من
العبقري صاحب هذه الفكرة او حتى الموافقة على الامر لو كان مشروطا من الشركات الأجنبية.فكيف وانا ادعى واهلل بالاستثمار
السياحى لتنمية اقتصاد الوطن ان يقوم بناحية أخرى بدفع أموال لاضعاف اقتصاد هذا الوطن؟؟انها معادلة غير مفهومة على الاطلاق
وأتحدى عظماء العالم في الاقتصاد بأنهم يستطيعوا ان يحلوا هذه المسالة او هذا اللغز المحير فعلا.
وهكذا أصبحت أيضا تلك الشركات الأجنبية هي المستفيد الأوحد من السياحة الى مصر سواء من ناحية تسويق الرحلات في اوطانها
او السياحة الداخلية في مصر،او من دعم وزارة السياحة لها في دعم الطيران العارض (الشارتر) وهذا كله ادى بالإخطار الكبرى في مصر والمصريين وخاصة العاملين في المجال السياحي وعلى راسهم المرشد السياحي والمندوب السياحي وما الى اخره.
وهكذا نجد الناتج من كل هذا متمثلا في أموال كثيرة ضائعة بيد المصريين أنفسهم وكذلك في سمعة مصر وهذا امر يتناساه الغافلين
فنجد باختصار شديد نزيف لثروات مصر بجانب البطالة بين أبناء مصر وتكون المحصلة مما نشعر به ونعيشه في تلك الأيام.
وفى ظل كل تلك الأوضاع والبرغم من الضعف السياحي الوافد الى مصر مازالت وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة يفكرون بنفس الاسلوب القديم ولا يريدون طرح أفكار جديدة خارج الصندوق ومازالوا يصرون بعدم الاستماع الى أفكار جديدة،وهكذا لا سياحة رجعت ولا سمعة مصر اتحسنت،بل زادت البطالة في المجال السياحي،وهنا نقول امام كل تلك العوائق والاستسلام الكامل ماهى فائدة وزارة السياحة أصلا او هيئة تنشيط السياحة.
وأخيرا ننهى المقال بالسؤال الصادم فعلا،هل أن الأوان لنقول فعلا وداعا للسياحة المصرية !!!.