لم يكن أحد يتوقع أن تخرج تصريحات مسيئة ومتهورة من مسئول مصرفي كبير يشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي لأكبر مؤسسة مالية وطنية في مصر – البنك الأهلي المصري – لتثير موجة غضب عارمة، ليس لأنها تمس ناديًا رياضيًا بعينه، ولكن لأنها تكشف غياب أبسط قواعد الاحتراف واحترام المتعاملين.
السيد يحيى أبو الفتوح – الذي يفترض أن يكون نموذجًا في الانضباط واتزان الخطاب – ظهر في مقطع مصوّر يتحدث بسخرية عن جماهير النادي الأهلي، واصفًا إياهم بشكل غير مباشر بأن «التعليم البايظ أنتج أهلاوية كتير»، وهي عبارة لا تصدر من مدير قطاع صغير، فكيف بمن يشغل منصبًا على هذا المستوى الرفيع؟!

من المسئول الذي يهين عملاءه؟
البنك الأهلي ليس مجرد مؤسسة مصرفية؛ إنه البنك الوطني الأول، الذي يعتمد عليه ملايين المصريين في ادخار أموالهم وإدارة معاملاتهم المالية. ومن ثم فإن احترام عملائه – مهما اختلفت ميولهم أو انتماءاتهم – ليس خيارًا، بل واجبًا مهنيًا وأخلاقيًا.
ومعنى ذلك أن أي تصريح يخرج من مسئول بهذا الحجم لا يعبر عن رأي شخصي فحسب، بل يمكن اعتباره إساءة مؤسسية تمس سمعة البنك أمام الرأي العام.
رد فعل جماهيري غير مسبوق
لم تستغرق جماهير الأهلي سوى ساعات قليلة لتطلق حملة واسعة تطالب أحد أمرين:
-
اعتذار رسمي وواضح من نائب الرئيس التنفيذي.
-
أو سحب المدخرات والحسابات من البنك الأهلي والتحويل لبنوك أخرى.
هذه ليست مجرد «حملة انفعالية»، بل رسالة قوية مفادها أن احترام العميل خط أحمر، وأن جماهير الكرة لم تعد مجرد متابع رياضي، بل قوة اقتصادية مؤثرة قادرة على تحريك السوق والمشهد المالي والإعلامي معًا.
أبو الفتوح أخطأ في العنوان… وفي التوقيت
الأسوأ في هذه الأزمة ليس التصريح فحسب، بل أنه جاء:
-
في زمن أصبحت فيه منصات التواصل الاجتماعي قادرة على صناعة رأي عام خلال دقائق.
-
وفي وقت تتنافس فيه البنوك على كسب ثقة العملاء بأي ثمن.
-
ومن شخص ينبغي أن يدرك أثر كلمة واحدة على سمعة مؤسسة مالية بحجم البنك الأهلي.
فهل يدرك السيد أبو الفتوح حجم الضرر الذي سببه؟
وهل يحق لمسئول بهذا المستوى أن يسمح لنفسه باستخدام السخرية والاستهزاء بالجماهير التي تشكل جزءًا كبيرًا من قاعدة عملاء البنك؟
المؤسسات تدار بالاحتراف… لا بالعنجهيّة
المسئول المصرفي المحترف:
-
يختار كلماته قبل أن ينطق،
-
يدرك تأثير تصريحاته،
-
ويحترم عقول وأموال العملاء قبل كل شيء.
أما أن تتحوّل منصة رسمية إلى مكان للتندر على ملايين المواطنين، فهذا لا يُفهم إلا على أنه غياب لرؤية احترافية كان يجب أن تميز رجلاً في موقعه.
درساً قاسياً
هذه الأزمة لم تكن مجرد «زوبعة رياضية»، بل درس مهم قياسًا على قاعدة بسيطة:
احترام الجماهير = احترام العملاء = احترام المؤسسة.
ويبقى السؤال:
هل يعترف نائب رئيس البنك الأهلي بخطئه ويعتذر؟
أم يخسر البنك ثقة قطاع واسع من عملائه بسبب كلمة غير محسوبة خرجت من شخص كان يفترض أن يكون الأكثر قدرة على ضبطها؟
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وعلى الله العلى القدير قصد السبيل



