يؤدي حرق الإطارات المطاطية إلى انبعاث غازات شديدة الخطورة، من بينها الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات والديوكسين، إضافة إلى أول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والكبريت. وتنعكس هذه الانبعاثات سلبًا على مكوّنات البيئة كافة: الماء والتربة والهواء، وتتسبب مباشرة في الإصابة بالربو والحساسية والسرطان والتهابات الجهاز التنفسي وضيق التنفس.
كما يُنتج التحلل الحراري للإطارات مركبات سائلة شديدة السمية تتسرب إلى المياه الجوفية، أبرزها الكادميوم والرصاص والكروم والسلينيوم والزنك، مما يؤدي إلى تلوثها بمواد حمضية تضر بالنظم البيئية والكائنات النباتية والحيوانية.

الدفن ليس حلاً.. ومطاط لا يتحلل قبل ألف عام
لا يُعد دفن الإطارات المستعملة حلاً بيئيًا؛ إذ يحتاج المطاط إلى ما يقرب من 1000 عام ليتحلل بالكامل نظرًا لاحتوائه على الكبريت الذي يزيد من تماسكه. ولذلك حظر الاتحاد الأوروبي دفن الإطارات غير المعالجة منذ يوليو 2003، ثم حظر دفن جميع أنواع الإطارات في يونيو 2006.

وتكشف الإحصاءات حجم الأزمة عالميًا: ففي عام 2007 بلغ عدد الإطارات التي انتهى عمرها في أمريكا الشمالية 301 مليون إطار، أُعيد تدوير 76% منها. أما بريطانيا فيتخلص سكانها من 55 مليون طن سنويًا، يوجَّه جزء منها للتمزيق أو إعادة الاستخدام أو إنتاج الطاقة أو رصف الطرق.
الإطارات التالفة.. ثروة بيئية واقتصادية
تُعد الإطارات المستعملة موردًا اقتصاديًا مهمًا إذا ما تمت معالجتها بأساليب علمية، حيث يمكن إصلاحها وإعادة تلبيسها لتستعيد من 60 إلى 90% من عمرها الأصلي. كما تُستخدم في حماية ضفاف الأنهار والسواحل من النحر والتعرية، وتدخل في تصميم الحدائق والزراعة العمودية والمنشآت الخاصة بألعاب الأطفال.
تدوير الإطارات.. من النفايات إلى منتجات صناعية مهمة
يحتاج إنتاج كل كيلوغرام جديد من المطاط إلى نحو 55 كيلووات/ساعة من الطاقة، بينما يعطي حرق الكيلوغرام من الإطارات المستعملة 9 كيلووات/ساعة عند استخدامه كوقود. وتنتج عملية التدوير خامات مثل حبيبات وبودرة المطاط التي تُستخدم في:
-
صناعة الأحذية وخراطيم المياه والوصلات المرنة.
-
تصنيع قباقيب الفرامل الخاصة بالقطارات وإطالة عمر العجلات.
-
إنتاج ماسحات الزجاج وأغطية الأرضيات وأسقف المنازل.
-
فرش النوادي الرياضية وساحات لعب الأطفال.
-
سفلتة الطرق وتحسين مرونتها.
-
العزل الصوتي والحراري.
-
الوقود البديل عبر التدوير الحراري.
وتُعد بودرة المطاط أحد أهم مخرجات التدوير؛ إذ تدخل بنسبة 40% في صناعة تيل الفرامل بعد استبعاد الأسبستوس الضار.
ابتكارات عالمية في رصف الطرق بالمطاط
بدأت عدة دول تطبيق طرق هندسية جديدة لرصف الشوارع باستخدام الإطارات التالفة بعد معالجتها، عبر إزالة الأسلاك، وتقطيع المطاط، وإضافة مواد كيميائية وشمعية ولاصقة، ثم خلطها واستخدامها في الرصف. وقد حققت التجارب نتائج أولية مبشرة، وإن كانت لا تزال قيد التقييم النهائي.

الصين.. التجربة الأكبر عالميًا
تعد الصين أكبر مستهلك لإطارات السيارات في العالم وأكبر دولة في تدويرها؛ إذ ارتفع إنتاجها من المطاط المسترجع من 1.1 مليون طن عام 2002 إلى 2.5 مليون طن عام 2009، بما يمثل 81% من إنتاج العالم. وتضم الصين نحو 600 شركة مختصة بإنتاج مسحوق المطاط بطاقة 5 ملايين طن سنويًا.
دروس مستفادة.. وأولوية للدراسات البيئية
تؤكد هذه التجارب العالمية أهمية دمج دراسات الأثر البيئي في جميع الأنشطة، لتجنب ما قد ينشأ عنها من أضرار، ولتحويل المخلفات إلى فرص اقتصادية تدعم التنمية المستدامة.


