حينما يحتفي مهرجان الجونة السينمائى في دورته الثامنة باليوبيل الذهبي للمسيرة الفنية الطويلة لأيقونة السينما والتليفزيون فى الوطن العربي، ثم تقوم الفنانة بعفوية فى أحد الندوات التنظيمية على هامش فعاليات المهرجان وأمام عدسات الكاميرات وفي حضور كوكبة من النجوم والإعلاميين وصناع السينما وتسرد ذكري موقف اقتحام مخرج مصرى عالمي لغرفة نومها فى منزل خالتها، التى أعربت من جانبها عن استيائها واستنكارها لهذا الموقف، فتقوم الفنانة بالرد عليها بثقة قائلة: “الأستاذ مسموح له يعمل اللى هو عايزه”!!! .. فيقاطعها أحد أهم منتجي أفلامه آنذاك، ممازحا: “وهل فعل ما يريد؟”، لتجيبه: “أه طبعاً ..100% فعل كل ما يريد”!!!
هذا الفكر والسلوك الصادم صدرمن فنانة مخضرمة تُعد “واجهة لمصر” أمام العالم بصفتها الفنية الشهيرة أولاً ، والانسانية ثانياً ، باعتبارها سفيرة للنوايا الحسنة، ويستوجب منا دق ناقوس الخطر، فنحن نتفهم منظورها الحر لحياتها الشخصية لكن لا نتفهم إطلاقا التهاون في حق المجتمع عليها الذى يضم ملايين الفتيات والشباب الذين يتخذون المشاهير قدوة ومصدر إلهام لهم ويحذون حذوهم لكسب الشهرة والمال دون بذل جهد أو تحصيل علم يذكر .. والأكثر خطورة من ذلك هو رد فعل الحاضرين الذين استقبلوا سقطة الذكريات بالضحك والتصفيق الحاد!!!
من الملاحظ أن مثل تلك الأفكار والسلوكيات الغير مقبولة تعدت النطاق الفردى وباتت شيم غالبه على الوسط الفني، تتداولها الصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي وتسرى كالنار في الهشيم بهدف خدش حياء المجتمع وتدنيس أخلاقياته ونسف هويتة وتشويه تاريخه العريق.. بخلاف أن كل ذلك لهو أسوأ صورة ذهنية يمكن أن يشاهدها العالم عن مصر.
لذا عليهم أن يصححوا مظهرهم العام ،وينتبهوا لأفكارهم وسلوكياتهم ليكونوا رموزا مصرية مشرفة تعمل كأدوات ناجزة بالفعل لرفع درجة الوعي العام بين أبناء المجتمع ، لتعود القيم والمبادىء والكرامة والأصالة والعراقة لوجدان الشخصية المصرية هى الأصل السائد.
فمثل تلك الأحداث المخزية لا يجب أن تصدر عن رمز من رموز القوي الناعمة والجهر بها هكذا، خاصة أن مصر الأن تحتفل بإحياء ذكرى انتصار حرب أكتوبر المجيدة، وتزهو عالمياً بانتصارها السياسي في إحياء مسار السلام فى غزة بعد أكثر من عامين من الإبادة الجماعية الإسرائيلية ، وانتصارها في إعادة ملف القضية الفلسطينية للأجندة الدولية من جديد ، وتعلو شرفاً ومنزلة ومكانة بعزمها حشد الجهود والأموال لإعادة إعمار غزة وإنقاذ أهلها رغم قسوة الوضع الاقتصادى الحالى ، كل ذلك يبرز ريادتها الإقليمية ، ويؤكد أنها طوق نجاة المنطقة بأسرها، ويثبت كم هى مدعومة بعون ومدد إلهي لاينقطع ،ويجعلها أمن وآمان ورفعة البشرية إلى يوم الدين.
هذا بالإضافة إلى إستعداد مصر الجارى على قدم وساق لارتداء ثوباً حضارياً جديداً به تستقبل ملوك وأمراء وقادة وزعماء وكوكبة من كبار الضيوف من مختلف دول العالم، لحضور مراسم افتتاح أحد أجمل سبعة متاحف فى العالم، وأكبر وأهم أيقونة معمارية عالمية تدعي “المتحف المصري الكبير”.
ذلك المتحف الذى يرسخ عبقرية الزمان والمكان لمصر و يروي للعالم “قصة المصري القديم” ، ويكشف عن موهبته وبراعته في العلوم والفنون، وحقيقة دوره فى تقدم الأمم فى كل مناحي الحياة، كما يستعرض روائع الكنوز الأثرية من خلال تدشين قاعة كبرى تضم أكثر من 5500 قطعة ذهبية من آثار الملك “توت عنخ آمون” مجتمعةً لأول مرة في التاريخ منذ اكتشاف مقبرته.
باختصار يا سادة .. مصر العظيمة على موعد مع ملحمة سلام جديدة، فاليتحمل الجميع مسؤولياته بجدية تجاه نفسه والآخرين والوطن، واحذروا فالجهر بالمعاصي بمثابة إعلان حرب على شريعة الله وقيم المجتمع، ولازالت المهمة لم تنته بعد.



