لم تعد التكنولوجيا في عصرنا الحديث مجرد أدوات جامدة أو شاشات صامتة، بل أصبحت كيانًا حيًّا ينبض بالتفاعل والفهم والمساعدة. وفي مصر، حيث تتقاطع الحضارة العريقة مع روح الابتكار، جاءت مبادرة «اسأل مريم» لتمنح الذكاء الاصطناعي ملامح مصرية خالصة، فصارت التكنولوجيا تتحدث بلهجة مصرية ودودة في صالات السفر بمطاري القاهرة وسفنكس.
مريم.. الوجه الإنساني للتحول الرقمي
«مريم» ليست مجرد جهاز تفاعلي، بل فكرة جديدة تمزج بين الذكاء الاصطناعي والهوية الوطنية، وتُترجم رؤية الدولة المصرية في التحول الرقمي إلى تجربة واقعية يلمسها المسافر في أولى خطواته داخل المطار.
فعبر شاشات ذكية موزعة في الصالات، يمكن للمسافر أن يسأل صوتيًا أو كتابيًا، فتجيبه «مريم» فورًا بلغة واضحة وابتسامة رقمية. تقدم له معلومات دقيقة عن الرحلات والمرافق والخدمات، وتساعده في الوصول إلى وجهته دون عناء أو انتظار.
من القاهرة إلى سفنكس.. بداية لعصر جديد
المهندس أيمن فوزي عرب، رئيس الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية، أعلن أن إطلاق الخدمة في مطاري القاهرة وسفنكس يمثل الخطوة الأولى في خطة متكاملة لرقمنة خدمات الطيران المدني، مشيرًا إلى أن المشروع سيُعمم لاحقًا على باقي المطارات المصرية.
ويأتي التزامن بين إطلاق «اسأل مريم» والافتتاح المرتقب للمتحف المصري الكبير ليحمل رمزية خاصة؛ إذ يجتمع الماضي المجيد بالحاضر الذكي في مشهد يختصر فلسفة الدولة في تقديم مصر القديمة بروح عصرية حديثة.
اسم مصري الطابع.. عالمي الروح
اختيار اسم «مريم» لم يكن مصادفة، بل اختيارًا بعناية ليعبر عن البساطة، والألفة، والقبول العالمي. فهو اسم عربي مصري أصيل، وفي الوقت ذاته مألوف في لغات وثقافات عدة.
وقد أرادت الشركة من خلال هذا الاسم أن تمنح التكنولوجيا ملمسًا إنسانيًا؛ فالمسافر حين يسمع «مريم» يشعر أنه يخاطب شخصية حقيقية ودودة وليست آلة جامدة.
شريك ذكي للمسافر.. لا مجرد جهاز
يمتد دور «اسأل مريم» ليشمل ما وراء المطار، إذ توفر معلومات عن المناطق السياحية والمواقع الأثرية والمراكز التجارية القريبة، إضافة إلى بيانات وسائل النقل وخدمات الليموزين وسيارات الأجرة.
بهذا تتحول «مريم» إلى رفيقة سفر حقيقية ترافق الزائر في رحلته، وتمنحه صورة إيجابية عن كفاءة الخدمة ودفء الضيافة المصرية.

حين تلتقي الحضارة بالتقنية
ما يميز هذه التجربة أنها لا تقدم فقط خدمة ذكية، بل تطرح رؤية إنسانية جديدة للتكنولوجيا، تجعلها أقرب إلى روح المكان والإنسان معًا.
ففي الوقت الذي تتسابق فيه مطارات العالم لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، تأتي مصر لتضيف لمستها الخاصة — اللمسة المصرية — التي تمزج الحداثة بالأصالة، والتقدم بالدفء الإنساني.
نحو مطارات أكثر ذكاءً وإنسانية
تؤكد «مريم» أن التحول الرقمي في المطارات المصرية ليس مجرد تحديث للبنية التحتية، بل تحول في فلسفة الخدمة ذاتها، حيث يصبح المسافر في قلب التجربة، ويحظى باهتمام فردي دقيق عبر حلول رقمية مرنة وسهلة.
ومع استمرار هذا التوجه، تمضي مصر بثبات نحو عصر السفر الذكي، لتكون مطاراتها واجهة تعكس التقدم والضيافة في آن واحد.
كلمة أخيرة
ما بين “المسافر الذكي” و“المطار الذكي” مساحة من الإبداع تسعى مصر لملئها بخطوات واثقة.
فمشروعات مثل «اسأل مريم» ليست مجرد حلول تكنولوجية، بل رؤى تنموية متكاملة تضع الإنسان في قلب التطور، وتؤكد أن الرقمنة ليست نقيضًا للروح، بل وسيلة لتكريسها.
وحين تمتد هذه التجربة لتشمل باقي مطارات الجمهورية، ستتحول مصر إلى منصة سفر رقمية متكاملة تُنافس بها كبرى العواصم العالمية، وتُبرز وجهها العصري المتحضر أمام العالم.
فالتكنولوجيا حين تتحدث بلهجة مصرية، فإنها لا تنقل المعلومة فقط، بل تحكي قصة وطن يعرف كيف يجمع بين الأصالة والتحديث… بين الحضارة والابتكار.



