أخباربأقلامهم

“الدكتور محمد عبد المنعم صالح” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : العناصر الثقيلة وتأثيراتها على الصحة العامة والبيئة (1 – 2)

في يوم 22 أكتوبر، 2025 | بتوقيت 7:42 صباحًا

سبق وأن أشرت في مقالة سابقة إلى نتائج البحث الذي تناول توزيع العناصر الثقيلة (Heavy Metals) على طول مجرى نهر النيل في مصر، مرورًا بفرعي رشيد ودمياط حتى المصب في البحر المتوسط، وما تم رصده من درجات الترسيب لهذه العناصر.

واستكمالًا لهذا الموضوع الحيوي، أرى أنه من الضروري أن نتعرف – كمواطنين ومسؤولين وقيادات – على المخاطر الصحية والبيئية التي قد يتعرض لها المجتمع بمختلف فئاته العمرية، نتيجة التلوث البيئي وما يسببه من تراكم للسموم، سواء من المبيدات الحشرية أو المعادن الثقيلة أو الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات.

فخلافًا لمعظم الملوثات العضوية، لا يمكن للآليات الطبيعية التخلص من المعادن الثقيلة داخل النظم البيئية، مما يؤدي إلى تراكمها بكميات خطيرة في البيئات الحيوية وغير الحيوية.

تعريف العناصر الثقيلة

العنصر الثقيل هو العنصر الذي يزيد عدده الذري عن 20 وتزيد كثافته عن 5 جرامات/سم³.

وتنقسم العناصر الثقيلة إلى قسمين رئيسيين:

  • عناصر أساسية يحتاجها الكائن الحي للقيام بوظائفه الحيوية، مثل النحاس، الحديد، المنجنيز، الكوبالت، الزنك، والنيكل.
  • عناصر غير أساسية لا يحتاجها الكائن الحي وغالبًا ما تكون سامة.

تسهم العناصر الأساسية في النمو والتمثيل الغذائي وتكوين الأعضاء، كما تحتاجها النباتات لإنتاج العوامل المساعدة للإنزيمات والبروتينات الضرورية للسلامة الهيكلية والوظيفية لها.

مداخل العناصر الثقيلة وأثرها على البيئة

أولاً: التربة

يتسبب تلوث التربة في تراكم المعادن الثقيلة نتيجة المصادر الطبيعية كالتآكل والإنفجارات البركانية وحرائق الغابات، أو الأنشطة البشرية مثل التعدين، والتصنيع، واستخدام الأسمدة، والتخلص من النفايات الحضرية والصناعية.

تؤثر الرياح والمياه والجاذبية على حركة هذه المعادن في التربة، كما يتحكم الرقم الهيدروجيني وتركيب التربة في توزيعها بين الحالات الصلبة والمذابة.

وقد يؤدي التسمم بالمعادن الثقيلة إلى انخفاض أعداد الكائنات الحية الدقيقة في التربة، مما ينعكس سلبًا على خصوبة الأرض.

ثانيًا: الهواء

توجد المعادن الثقيلة في الغلاف الجوي في صورة جسيمات صلبة أو سائلة، وتنتج عن كل من الأنشطة الطبيعية (كالانفجارات البركانية والعواصف الرملية) والأنشطة البشرية (كالانبعاثات الصناعية والزراعية وعوادم المركبات).

وتُعد أكاسيد المعادن من أكثر المركبات انتشارًا في الهواء، إذ تنتج عن احتراق الوقود.

وتشير الدراسات إلى أن تركيز المعادن الثقيلة في الجو يزداد في فصل الشتاء نتيجة انخفاض درجات الحرارة وضعف معدلات الانتشار، بينما تكون معدلات الترسيب أعلى في الصيف بسبب الأمطار وحركة الرياح.

ثالثًا: الماء

أظهرت الكوارث البيئية في اليابان مثل مرض “ميناماتا” و**”إيتاي إيتاي” (مرض أوتش)** في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، حجم الخطر الناتج عن تلوث المياه بالمعادن الثقيلة.

فقد نتج الأول عن تناول الأسماك والمحار الملوث بـ ميثيل الزئبق، بينما نتج الثاني عن تناول الأرز الملوث بالكادميوم.

تدخل المعادن الثقيلة إلى البيئة المائية عبر الصرف الصناعي والزراعي أو الترسيب الجوي، وتتوزع في أربع حجرات هي: الماء، المواد العالقة، الرواسب، والكائنات الحية.

ويؤدي بطء عملية الإخراج من أجسام الكائنات إلى تراكمها بيولوجيًا وانتقالها عبر السلسلة الغذائية المائية، ما يمثل خطرًا على صحة الإنسان.

تأثيرات بعض العناصر الثقيلة على صحة الإنسان

الرصاص (Pb)

كان يُستخدم في الماضي في المبيدات وأصباغ الشعر وطلاءات السيراميك.

ويحدث التعرض له من خلال الغذاء والماء والغبار، أو طلاءات المنازل القديمة.

يتراكم الرصاص في العظام والأنسجة، ويؤدي إلى:

  • اضطرابات عصبية وضعف إدراكي
  • الولادة المبكرة وإصابة الدماغ
  • تلف الكلى والكبد
  • ارتفاع ضغط الدم والشلل
  • الكادميوم (Cd)

يدخل جسم الإنسان أساسًا عبر الطعام ودخان السجائر، حيث تمتص الرئتان الكادميوم بسرعة تفوق الجهاز الهضمي.

ومن آثاره السامة:

  • ارتفاع ضغط الدم وتأخر نمو الأجنة
  • ضعف العظام والكلية
  • اضطرابات عصبية وتنفسية
  • زيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة
  • الزئبق (Hg)

يُعد تناول المأكولات البحرية أو استنشاق بخار الزئبق من أبرز طرق التعرض له.

ويمتاز بقدرته على الذوبان في الدهون ودخوله بسهولة إلى الأنسجة العصبية.

يسبب الزئبق:

  • الأرق وفقدان الوزن والتعب
  • رعشة اليدين والتهابات اللثة
  • اضطرابات عصبية وحركية
  • تشوهات خلقية وتلف الكلى والشلل

إن مواجهة مخاطر العناصر الثقيلة تستوجب رفع الوعي المجتمعي وتطبيق الرقابة الصارمة على مصادر التلوث في المياه والهواء والتربة، حمايةً لصحة الإنسان والبيئة.

غداً الخميس الجزء الثانى من البحث 

نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل، وهو سبحانه الموفق والمستعان.

✍️  كاتب المقال

الدكتور محمد عبد المنعم صالح 

Email :[email protected]

 رئيس مجلس إدارة المنتدى العالمى لخبراء السياحة

دكتوراه العلوم الطبية البيئية – جامعة عين شمس

خريج الكلية الحربية المصرية –الدفعة 25 اطباء –1974

ماجستير الميكروبيولوجيا الطبية والوبائيات –الأكاديمية الطبية العسكرية

استشاري صحة البيئة والميكروبيولوجيا الطبية

إستشارى تدريب صحة وسلامة الغذاء بغرفة المنشات الفندقية

إستشارى برنامج التوعية الصحية ضد كوفيد -19

إستشارى تدريب الإدارة البيئية للفنادق ( الفنادق الخضراء )

إستشارى التدريب علي التنافسية في القطاع السياحي ، تابع لمنظمة العمل الدولية

إستشارى التدريب في منظمة الفنادق والنزل الأمريكية ، سابقاً

إستشارى التدريب في كلية أدنبره “اسكتلندا” سابقاً

عضو جمعية الباجواش المصرية

عضو لجنة جودة التعليم وأخلاقيات البحث العلمي ، كلية السياحة والفنادق، جامعة المنصورة

عضو لجنة جودة التعليم في الرقابة علي الأغذية-كلية الطب البيطري،  جامعة بنها سابقاَ

لمزيد من المقالات للكاتب  إدخل على الرابط التالى 

https://elmahrousanews.com/?s=%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D8%B9%D8%A8%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B9%D9%85+%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD