
في أجواء علمية راقية غلبت عليها مشاعر الفخر والاعتزاز، شهد مقر جامعة أسيوط بالدقي – القاهرة مناقشة رسالة دكتوراه متميزة للباحثة أسماء إبراهيم أحمد، تحت عنوان: “وادي الملوك (وادي القرود).. دراسة تحليلية للفخار المكتشف من ناتج حفائر البعثة المصرية”
الرسالة جاءت ثمرة جهدٍ بحثي امتد لسنوات، تناولت فيه الباحثة بالدراسة والتحليل الفخار المكتشف في وادي القرود، أحد أهم المواقع الأثرية في البر الغربي بالأقصر، حيث قامت بتصنيف القطع الفخارية وفقًا لمواد الصناعة والتشكيل والزخارف والاستخدامات، مع مقارنتها بنماذج مشابهة من مواقع أخرى، لتخلص إلى أن الموقع يرجع إلى عصر الملك أمنحتب الثالث من الأسرة الثامنة عشرة، وهو ما يعيد تسليط الضوء على الأنشطة الحرفية في تلك الحقبة الملكية المزدهرة.
مناقشة علمية ثرية وحضور رفيع المستوى
تألّفت لجنة الإشراف والمناقشة من نخبة من كبار أساتذة وعلماء الآثار المصريين:
-
الدكتور علاء الدين شاهين – أستاذ التاريخ والشرق الأدنى القديم وعميد كلية الآثار الأسبق.
-
الدكتور أسامة إبراهيم سلام – أستاذ الآثار والحضارة المصرية القديمة وعميد المعهد العالي للسياحة والفنادق بالإسكندرية الأسبق.
-
الدكتور أحمد مصطفى – وكيل كلية الآثار والإرشاد السياحي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا.
-
الدكتور أشرف السنوسي – خبير علم الفخار المصري القديم.
وشهدت الجلسة حضورًا خاصًا للدكتور زاهي حواس، عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق، الذي أشاد بمستوى الرسالة وعمق منهجها التحليلي، مؤكدًا أن «الفخار هو مرآة الحضارة، ومن خلاله يمكننا أن نفهم تفاصيل الحياة اليومية والفكر الإنساني للمصري القديم أكثر من أي نصوص مكتوبة».

مرتبة الشرف الأولى وتكريم علمي رفيع
وعقب مناقشة امتدت لأكثر من ساعتين، قررت اللجنة بالإجماع منح الباحثة أسماء إبراهيم أحمد درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى، تقديرًا لتميزها العلمي ودقتها في الربط بين التحليل الأثري والمقارنات الميدانية.
وعلى هامش الاحتفالية، قام الدكتور أسامة إبراهيم سلام – الذي سبق أن منحه الأستاذ الدكتور رئيس جامعة أسيوط درع الجامعة تقديرًا لعطائه الأكاديمي والعلمي – بإنابةٍ من رئيس الجامعة بتكريم كل من الدكتور زاهي حواس والدكتور علاء الدين شاهين، حيث أهداهما درعي جامعة أسيوط تعبيرًا عن التقدير والعرفان لمكانتهما العلمية ودورهما في دعم البحث الأثري والأكاديمي.
كما تم تكريم الباحثة أسماء إبراهيم أحمد بدرع جامعة أسيوط، اعترافًا بتميزها واستمرارها في دراسة علم الفخار المصري القديم منذ مراحلها الجامعية وحتى نيلها درجة الدكتوراه، وهو ما وصفه الحضور بأنه “قصة وفاء علمي بين أستاذة وتلميذته”.
علم الفخار.. مدخل لفهم الإنسان المصري القديم
واختتمت الباحثة حديثها بتأكيدها أن دراستها تسعى لإبراز أهمية علم الفخار كأداة رئيسية لفهم الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية للمصري القديم، مشيرةً إلى أن نتائج البحث يمكن أن تُسهم في تطوير طرق حفظ وتصنيف القطع الأثرية داخل المتاحف المصرية والعالمية.
وادي القرود.. الموقع الغامض في البر الغربي
يُعد وادي القرود، أو كما يُعرف أحيانًا بـ”الوادي الغربي”، أحد المواقع الأثرية البارزة المتفرعة من وادي الملوك بالبر الغربي في الأقصر. اشتهر الموقع باكتشافاته الحديثة التي قادتها بعثة الدكتور زاهي حواس عام 2019، والتي كشفت عن ورش ملكية لصناعة وتخزين الأواني الفخارية والمقتنيات الجنائزية الخاصة بالفراعنة.
ويُعتقد أن الوادي كان مخصصًا لأبناء وأسر ملوك الأسرة الثامنة عشرة، وعلى رأسهم الملك أمنحتب الثالث والملك أخناتون، وقد سُمي “وادي القرود” بسبب نقوش وأشكال لقرود مقدسة كانت تُعبد في طقوس مرتبطة بالشمس والإله رع.
ويمثل هذا الموقع اليوم أحد المفاتيح المهمة لفهم الجانب الصناعي والمعماري للحياة الجنائزية في مصر القديمة، وهو ما أضاءته دراسة الباحثة أسماء إبراهيم أحمد برؤية تحليلية جديدة اعتمدت على الفخار كمصدر معرفي فريد.



