لم تعد صناعة السياحة اليوم مجرد منشآت فندقية فاخرة، أو حملات دعائية ضخمة، أو مزارات تاريخية خلابة. فجوهر هذه الصناعة العالمية يقوم على الإنسان: سلوكه، مهاراته، ودرجة وعيه المهني.
ومن هنا يبرز الدور المحوري للمنصات التدريبية المتخصصة، وعلى رأسها المنصة التي أطلقتها أكاديمية IHG للتدريب بالشراكة مع كليات ومعاهد السياحة والفنادق في مصر، كأحد أهم المبادرات الجادة لإعداد جيل جديد قادر على النهوض بالقطاع السياحي.
جيل جديد.. سوق عمل مختلف
لقد تغيرت طبيعة الطلب السياحي، وأصبح السائح يقارن بين الوجهات ليس فقط على أساس المنتج السياحي، بل بدرجة أكبر على أساس جودة الخدمات المقدمة له.
وهنا تكمن أهمية أن يخرج الطالب من مقاعد الدراسة وهو مزود بمهارات عملية حقيقية، وليس مجرد معرفة نظرية. فالمنصة التدريبية لـ IHG توفر 250 ساعة مجانية من المواد المتخصصة والفيديوهات التفاعلية وفق المعايير الدولية، وهو ما يمنح طلاب السياحة والضيافة فرصة ذهبية لاكتساب الخبرة قبل التخرج.
جودة التعليم السياحي.. شرط للتميز
الحديث عن تطوير السياحة في مصر لا يمكن أن ينفصل عن إصلاح منظومة التعليم السياحى.
فالمناهج الحالية، رغم قيمتها، بحاجة إلى تحديث يتماشى مع التطورات العالمية في إدارة الضيافة، التسويق الرقمي، إدارة الفعاليات، والذكاء الاصطناعي في السياحة.
إن وجود منصة تدريبية بهذا الحجم يفتح الباب أمام تكامل حقيقي بين المناهج الأكاديمية والمحتوى العملي المحدث، بما يضمن أن تكون المادة العلمية مطابقة لاحتياجات السوق.
معيار النجاح: الخدمة أولًا
أحد أهم أسرار المنافسة في السياحة العالمية اليوم هو أن التجربة السياحية لم تعد تُقاس بعدد المواقع الأثرية أو جمال الشواطئ فقط، بل بمستوى الخدمة وجودتها.
إن السائح الذي يزور مصر للمرة الأولى سيعود مجددًا فقط إذا وجد في التعامل البشري ما يعكس احترافية ومهنية تضاهي أو تفوق ما وجده في وجهات أخرى.
وبالتالي، فإن الاستثمار في تدريب الطلاب والعمالة المدربة هو شرط أساسي للسبق السياحي.
مسئولية جماعية.. وتكاتف مطلوب
المنصة التدريبية مبادرة مهمة، لكنها تظل خطوة ضمن مسار طويل يتطلب تكاتف كافة الجهات:
الجامعات والمعاهد: لتطوير مناهجها وفق احتياجات السوق.
الفنادق والشركات السياحية: لفتح أبواب التدريب العملي.
الوزارات والهيئات: لوضع سياسات داعمة تضمن استدامة هذا التعاون.
الإعلام: لنشر ثقافة التميز وإبراز النماذج المضيئة.
رؤية نحو المستقبل
إن ما يحتاجه سوق العمل السياحي اليوم هو العمالة المدربة ذات الكفاءة العالية، القادرة على مواكبة معايير الجودة العالمية. والمنصة التي أطلقتها مجموعة إنتركونتيننتال تمثل نموذجًا يحتذى به، لأنها تراهن على الطالب منذ البداية، وتمنحه أدوات تؤهله ليس فقط للحصول على وظيفة، بل لصناعة مستقبل مهني ناجح.
في النهاية، تظل السياحة في مصر ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، ولن يتحقق هدف الوصول إلى 30 مليون سائح و30 مليار دولار إيرادات بحلول 2030 إلا عبر الاستثمار في الإنسان. فالمنشآت تُبنى بالأموال، لكن الخدمة تُصنع بالعقول والقلوب، وهذا هو الرهان الحقيقي.
إن أريد الإصلاح ما استطعت .. وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، وعلى الله العلى القدير قصد السبيل



