مصريات عمود يتناول أسبوعيا أحد مظاهر الحضارة المصرية، ويعرض لأحد جوانب التميز عند المصري القديم، ثم يعرج على عرض الأوائل من المصريين في كافة المجالات، ويكمن الغرض الرئيس من المقالات إلى تأصيل مفهوم الهوية، والاعتزاز بالوطن لدى الشباب، فالتاريخ هو أقوى دعائم الهوية، ومن لا يقرأ تاريخه يظل هائمًا بلا هوية وبلا وطن راسخ تحت أقدامه.
المرأة في مصر القديمة (ملكة حاكمة)
رأى المصري القديم “مصر”؛ كفردوس مزدهر بكل الخيرات، والرب الخالق أبدع هذا الكون وسخر كل ما به من أجل المصري الذي أبدع خلقه على شاكلة الرب ذاته، ومن هنا كانت فكرة المساواة في مصر القديمة قائمة على أساس من عدل الرب المطلق الذي لم يفرق بين الذكر أو الأنثى. فنجد ان المرأة في مصر القديمة حظيت بمكانة راقية لم تصل إليها أيِ من نساء العالم القديم؛ حتى نجد هيرودوت والذي زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد يقول: “أن بمصر من العجائب الكثير وأتى على ذكر أن النساء يعملن ويخرجن للأسواق بحرية”.
شغلت المرأة في مصر القديمة كافة الوظائف ونجد أن أقدم وظيفة شغلتها المرأة في مصر كتنت” “ملكة”، حيث نجد أن الملكة “مريت نيت” (محبوبة نيت)، أول ملكة تحكم في الأسرة الأولى نحو عام 2950 قبل الميلاد، بينما كان غالبية العالم حولنا لازال يعيش في الكهوف أو ربما يخطو أولى خطواته نحو تعلم الزراعة والكتابة، كانت مصر قد أسست أول دولة بمعناها لامفهوم وأول تسلسل إداري، ووظيفي محكم، بل وجعل قمة الهرم الإداري امرأة حاكمة.
بدأت الملكة مريت نيت – في الأغلب- وصية على حكم ابنها الذي أصبح الملك “دن” خامس ملوك الأسرة الأولى، وقد شيدت لنفسها مقبرتين واحدة في الجنوب بأبيدوس التي تعتبر مسقط رأس ملوك تلك الأسرة، وشيدت الثانية في سقارة التي تعد جبانة العاصمة السياسية التي اتخذها الملوك.
تركت مجموعة من الآثار مع ذكر لألقابها مثل أم الملك في مقبرة ابنها.
ومن أشعر آثارها اللوحة التي تحمل اسمها، والتي كانت تتصدر مقبرتها في أبيدوس والتي تعرض حاليا بالمتحف المصري بالتحرير .
وبذلك قد تكون الملكة مريت نيت أول ملكة تعرفها مصر – حتى الآن- قبل عهد الملكة حتشبسوت بنحو 1400 عام.
بقلم
الدكتورة عائشة محمود عبد العال
أستاذ حضارة وآثار مصر القديمة كلية البنات جامعة عين شمس
