
كتب الدكتور عبد الرحيم ريحان
أطلقت حملة الدفاع عن الحضارة المصرية صرخة استغاثة عاجلة لإنقاذ بيت المساجيرى التاريخي بحي السويس، أحد أهم الشواهد على تاريخ قناة السويس والذاكرة البحرية والتجارية لمصر، والذي يواجه خطر الهدم وسط محاولات لتغيير معالمه وإقامة أبراج سكنية مكانه.
بيت يحمل ذاكرة البحر والتجارة
بُني المنزل عام 1863 على الكورنيش القديم بمدينة السويس بواسطة الشركة الفرنسية Les Messageries Maritimes ليكون مركزًا لنقل الرسائل والبضائع والأفراد من الشرق الأقصى إلى أوروبا قبل افتتاح قناة السويس عام 1869.
كما ارتبط البيت بتاريخ طريق الحرير، حيث كانت المراكب القادمة من الهند والصين وجنوب شرق آسيا تُفرغ حمولتها من التوابل والزيوت والحبوب بمخازنه، ومنها إلى القطارات المتجهة للقاهرة عبر ثاني أقدم خط سكة حديد في مصر وثالث أقدم خط في العالم.
معلم معماري وأثري مميز
يتكون البيت من طابقين، الأول مخزن للبضائع والثاني مخصص لإقامة المسافرين، فيما يعلوه أبراج خشبية وصوارٍ تحمل تلسكوبًا ضخمًا لرصد السفن العابرة. وكان يُرفع على الصواري علم الدولة التابع لها كل مركب يدخل قناة السويس، ما جعل المنزل شاهدًا على حركة الملاحة العالمية.
البيت مسجل ضمن المباني التراثية طبقًا للقانون 144 لسنة 2006 ويستوفي شروط التسجيل كأثر وفقًا لقانون حماية الآثار 117 لسنة 1983
بيت المساجيرى على وشك الاندثار: دعوة عاجلة لإنقاذ ذاكرة السويس والسينما المصرية
ذاكرة السينما والفن
ارتبط بيت المساجيرى بالذاكرة الشعبية والثقافية؛ فقد شهد تصوير مشهد شهير من فيلم “ابن حميدو” للفنان إسماعيل ياسين، وكذلك فيلم “حكايات الغريب” المأخوذ عن قصة جمال الغيطاني، حيث غنى محمد منير من نوافذه أغاني فرقة أولاد الأرض السويسية، لتبقى جدرانه حاملة لروح المدينة وتراثها الشعبي.
تهديدات الإهمال والجشع
رغم قيمته التاريخية والمعمارية، يعاني البيت من إهمال واضح، حيث أزيل سوره الأصلي وأُنشئ سور بديل، كما تتردد أنباء عن تزوير أوراق رسمية لتسهيل هدمه وإقامة أبراج سكنية بدلاً منه، وهو ما يهدد بفقدان أحد أهم معالم التراث البحري والتجاري بمصر.
مطلب وطني
تطالب حملة الدفاع عن الحضارة المصرية بوقف أي محاولات للهدم، والشروع فورًا في ترميم البيت وإعادة توظيفه كمركز ثقافي للتراث البحري والتجاري والفني المرتبط بقناة السويس، بما يضمن الحفاظ على ذاكرة السويس وارتباطها بطريق الحرير، وتحويله إلى مزار سياحي وثقافي عالمي يليق بتاريخه.



