بأقلامهم

” سعيد جمال الدين ” يكتب : كله إلا مصر !!!

في يوم 14 أغسطس، 2025 | بتوقيت 2:00 مساءً

ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها مصر لضغوط سياسية واقتصادية غير مسبوقة، ولن تكون الأخيرة، لكنها قد تكون الأعنف والأكثر خبثًا، لأنها تستهدف جوهر وجود الدولة المصرية، وموقفها التاريخي الثابت من القضية الفلسطينية، ورفضها القاطع لأي مشاريع تهجير للفلسطينيين من أرضهم، خاصة من قطاع غزة، إلى داخل سيناء أو أي بقعة من أرض الوطن.

إن ما يُحاك ضد مصر ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج خطط ممنهجة وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية بالتنسيق مع اللوبي الصهيوني العالمي، ومع شبكة من العملاء الإقليميين في المنطقة العربية والشرق الأوسط. الهدف واضح: تركيع مصر ودفعها إلى القبول بتنفيذ أجندة شيطانية، تتضمن تصفية القضية الفلسطينية لصالح أمن واستقرار ما يسمونه بـ”الدولة المدللة” إسرائيل.

لقد رفضت مصر، بوضوح وبلا مواربة، أن تكون طرفًا في مؤامرة تهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وإهدار حقهم في إقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.

هذا الموقف المبدئي أغضب واشنطن وتل أبيب ومن يسير في فلكهما، فبدأت الضغوط تتنوع ما بين حملات دعائية مسمومة، وأزمات اقتصادية مفتعلة، وتضييق على مصر في ملفات إقليمية ودولية.

إن ما تريده الولايات المتحدة وإسرائيل هو فرض واقع جديد، يقوم على إخراج الفلسطينيين من غزة، ودفن فكرة “حق العودة” إلى الأبد، ثم رسم خريطة شرق أوسط جديد، حيث تُحاصَر الدول الرافضة ويُكافَأ المطبّعون والمنصاعون.

وإذا كانت واشنطن حريصة إلى هذه الدرجة على “أمن إسرائيل”، فلديها من الأراضي الشاسعة ما يكفي لتوطين الفلسطينيين على أرضها، ومنحهم الجنسية الأمريكية، إذا كانت النوايا فعلًا إنسانية، وليست خاضعة لحسابات القوة والهيمنة.

التاريخ شاهد على أن مصر لم تتخلَّ عن ثوابتها. منذ ما قبل الرابع من يونيو 1967، كان الأمن الإقليمي مستقرًا نسبيًا، وكانت إسرائيل “الدلوعة” تعيش في حماية الغرب، لكن الأطماع لم تتوقف.

واليوم يريدون إعادة رسم الخريطة بأقلامهم، لكنهم تناسوا أن مصر ليست ورقة في جيب أحد، وأن أمنها القومي خط أحمر لا يقبل المساومة.

وليعلم الجميع أن مصر التي أفشلت مخططات العدوان الثلاثي عام 1956، وحطمت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر في حرب أكتوبر 1973، وواجهت إرهاب الإخوان ومن يقف خلفهم، لن ترضخ اليوم لضغوط اقتصادية أو ابتزاز سياسي.

هذه الأرض التي دفعت دماء غالية دفاعًا عن العروبة وفلسطين، لن تكون يومًا جسرًا لعبور المؤامرات.

رسالتنا واضحة: من أراد أن يحمي إسرائيل فليفعل، لكن بعيدًا عن أرض مصر.

ومن أراد أن يصفّي القضية الفلسطينية، فليجرّب ذلك بعيدًا عن حدودنا وتاريخنا ودماء شهدائنا.

أما نحن، فسنظل على موقفنا : كله إلا مصر.

كاتب المقال

سعيد جمال الدين سرحان

عضو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير لبوابة المحروسة الإخبارية المحروسة نيوز

عضو جمعية الكتاب السياحيين المصريين

عضو جمعية كتاب البيئة والتنمية