
من نقابة الصحفيين بالقاهرة انطلقت نداءات بيئية حاسمة، حين أعلنت الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، بالتعاون مع الجمعية المصرية لكتاب البيئة والتنمية، عن إطلاق الحملة القومية بعنوان “حتى تعود الطيور.. نحو استمرار وقف الصيد في بحيرة ناصر”، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من الطيور المهاجرة التي جعلت من سماء مصر ممرًا موسميًا منذ آلاف السنين، لكنها تواجه اليوم شبح الانقراض.
جاء إطلاق المبادرة خلال مؤتمر موسع شارك فيه نخبة من المتخصصين والخبراء ، أبرزهم الكاتب الصحفى خالد البلشى ، نقيب الصحفيين ، و الكاتب الصحفى الدكتور محمود بكر رئيس جمعية كتاب البيئة والتنمية، والدكتور خالد النوبي المدير التنفيذي لجمعية حماية الطبيعة، والدكتور إكرامي الأباصيري مدير عام محميات المنطقة الجنوبية، إلى جانب النائبة جيهان زكى عضو لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، وعدد من الصحفيين والإعلاميين والمهتمين بقضايا البيئة.
جريمة صيد وليست رياضة
تشير تقارير الجمعية إلى أن موسم 2022 – 2023 شهد ذروة الانتهاكات البيئية في بحيرة ناصر، أحد أهم المسطحات المائية في طريق الهجرة العالمية للطيور، حيث تم توثيق ما لا يقل عن 15 رحلة صيد غير قانونية استغرقت الواحدة منها نحو أسبوعين، بمشاركة 78 صيادًا أجنبيًا أغلبهم من مالطا، بينهم مطلوبون للعدالة في بلدانهم.
الممارسات لم تميز بين الأنواع، فاستهدفت طيورًا مهددة بالانقراض ومحميات وفقًا لاتفاقيات دولية، في انتهاك صريح لاتفاقيات التنوع البيولوجي التي وقعت عليها مصر.
ولم تقتصر الانتهاكات على بحيرة ناصر، بل امتدت إلى مناطق أخرى في الدلتا والسواحل، باستخدام أدوات محظورة مثل الفخاخ اللاصقة (النزيق)، والشباك المخالفة، وأجهزة تقليد أصوات الطيور التي تجتذبها جماعيًا إلى كمائن الموت.
صيد جائر يصل إلى 5.7 مليون طائر
تقرير صادر عن منظمة BirdLife International صنّف مصر ضمن أكثر 9 دول بحاجة إلى إجراءات صارمة لوقف قتل الطيور غير القانوني، إذ يُقدّر عدد الطيور المقتولة سنويًا في البلاد بـ5.7 مليون طائر، غالبيتها من الأنواع النادرة.
والأخطر أن بعض هذه الممارسات تُغلف في حُلة سياحية، عبر شركات أجنبية تروج لرحلات صيد تحت غطاء “سياحة الصيادين”، ما يحول مصر دون قصد إلى ملاذ للمخالفين الدوليين وقِبلة لصيد محظور.

قرار تاريخي… وإرادة لحمايته
بفضل الضغط البيئي والمجتمعي، أصدرت الحكومة المصرية في عام 2023 قرارًا جريئًا بحظر الصيد في بحيرة ناصر، وحقق هذا القرار نتائج لافتة، تمثلت في عودة العديد من أنواع الطيور المهاجرة والمقيمة، وبدء تسجيل مؤشرات علمية على تعافي النظام البيئي في المنطقة.
ومن هنا، تطالب حملة “حتى تعود الطيور” بتمديد القرار لعام ثالث (2025-2026)، وترسيخ هذا التحول نحو حماية الحياة البرية، وتعويض المجتمعات المحلية عبر بدائل اقتصادية مثل السياحة البيئية ومراقبة الطيور.
أهداف الحملة
1. تجديد قرار حظر الصيد في بحيرة ناصر لعام إضافي.
2. تطبيق القوانين البيئية بصرامة وملاحقة شبكات الصيد الجائر.
3. فضح التواطؤ السياحي مع الصيد غير القانوني.
4. تمكين المجتمعات المحلية لتصبح شريكًا في الحماية
5. دعم السياحة البيئية كبديل اقتصادي مستدام.
استجابة الطبيعة… ودروس مستفادة
خلال العامين الماضيين، ظهرت بوادر مشجعة في بحيرة ناصر، منها تسجيل أول حالة تكاثر لطائر “النتاج القروي” في مصر، وتحول بعض الصيادين إلى مرشدين بيئيين. وأثبتت التجربة أن الحماية ليست خيارًا بيئيًا فقط، بل رؤية تنموية قادرة على توفير فرص عمل مستدامة.
لكن الحملة تُحذر: “رفع الحظر الآن يعني العودة إلى الفوضى البيئية، وتبديد ما تحقق من إنجازات بيئية ومجتمعية.”
دعوة للتحرك قبل فوات الأوان
توجه الحملة نداءً إلى كل مواطن ومؤسسة:
أبلغ عن أي حالات صيد جائر تراها.
شارك في حملات التوعية والمراقبة.
ادعم السياحة البيئية واختر مشاهدة الطيور بدلاً من قتلها.
انضم إلى أصواتنا… فصوتك قد يكون الأمل الأخير لإنقاذ ما تبقى من الطيور.
من أجل مصر… من أجل الطبيعة
“حتى تعود الطيور” ليست مجرد حملة بيئية، بل صرخة ضمير ورسالة أمل، تؤكد أن مصر قادرة على استعادة مكانتها كأرض للسلام البيئي ومسار آمن لملايين الطيور، وأن الحماية الحقيقية تبدأ من المجتمع، وتنتهي بقرار سياسي واعٍ يضع الحياة فوق بندقية الصيد.





