هل تعلم أن مجرد تعديل مادتين فقط في قانون حماية الآثار يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في حماية أملاك الدولة الأثرية ويحول التعديات من عبء إلى فرصة؟
هذا ما يؤكده الدكتور خالد النبراوي، مدير عام المساحة والأملاك بالمجلس الأعلى للآثار، مشيرًا إلى أن تعديل المادتين (36 و36 مكرر) من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 (والمعدل بقانون 91 لسنة 2018) من شأنه:
-
تحقيق الردع الفوري للمعتدين،
-
توفير موارد مالية بالملايين،
-
وتعزيز سيادة الدولة على أراضيها الأثرية.

المادة (36): من التنسيق إلى التنفيذ الإلزامي
ينص النص الحالي على أن “السلطة المختصة تقوم بإزالة التعديات بالتنسيق مع الجهات المعنية”، لكن النبراوي يشير إلى أن هذه الصياغة العامة تُفرغ القرار من إلزاميته، وتفتح الباب أمام التأجيل والتقاعس الإداري.
النص المقترح:
“يلتزم المحافظ المختص والوحدة المحلية التابع لها العقار أو الأرض الأثرية، بتنفيذ قرارات الإزالة الصادرة من المجلس الأعلى للآثار خلال مدة لا تتجاوز 15 يومًا من تاريخ الإخطار الرسمي…”
ويضيف: “في حال عدم التنفيذ خلال المهلة، يحق للمجلس تنفيذ القرار على نفقته مع الرجوع على المتعدي بكافة التكاليف والغرامات”، كما تُلزم المادة الشرطة بتوفير الحماية الفورية دون انتظار إجراءات إضافية.
لماذا التعديل ضروري؟
“التعديات على أراضي الآثار تتزايد بشكل خطير، والتنفيذ يتعثر بسبب البيروقراطية وضعف التنسيق”، بحسب النبراوي، مؤكدًا أن التعديل يعزز من فاعلية المجلس الأعلى للآثار ويمنح أدوات تنفيذية أكثر حسمًا وسرعة.
المادة (36 مكرر): من تقنين بلا عائد إلى مورد مالي مستدام
النص الحالي للمادة 36 مكرر لا يمنح المجلس سلطة تحصيل مقابل مالي من واضعي اليد أو المنتفعين على الأراضي الأثرية التي يتعذر إزالة التعدي عنها. المادة تكتفي بذكر “تقنين الأوضاع” دون أي إشارة إلى “تحصيل نظير انتفاع”.
النص المقترح:
“يجوز للمجلس الأعلى للآثار، بعد التنسيق مع الجهات المختصة، تقنين الأوضاع للمنتفعين مع تحصيل نظير انتفاع سنوي أو دوري وفقًا لطبيعة النشاط (سكني – زراعي – تجاري – صناعي – تشوين)…”
آلية التطبيق المالي
-
تحدد فئات الانتفاع بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
-
لا تترتب أي حقوق قانونية للمنتفعين.
-
يحتفظ المجلس بحق الاسترداد أو الإزالة في أي وقت.
-
يتم تحصيل الإيرادات وفق آلية منظمة تضمن الشفافية والمراجعة الدورية.






فرصة لا تُعوّض لحماية التراث وتعظيم العائد
يرى الدكتور خالد النبراوي أن هذا التعديل:
-
يعالج واقعًا قانونيًا غير فعال،
-
يوفر أدوات قانونية سريعة وفعالة،
-
ويوفر موارد مالية مستدامة قد تصل إلى ملايين الجنيهات سنويًا.
كما يدعو النبراوي إلى أن يعقب إقرار التعديل إصدار قرار تنظيمي من رئيس مجلس الوزراء لتحديد:
-
نسب نظير الانتفاع،
-
الضوابط والشروط (المدة، التجديد، الفسخ، الضمانات)،
-
وآلية التحصيل.
هل تتحرك الحكومة؟
يبقى السؤال: هل تلتقط الحكومة ومجلس النواب هذه الفرصة التشريعية الذهبية؟
فما بين حماية آثارنا وردع المعتدين، وما بين تعظيم موارد الدولة ووقف النزيف الإداري، يبدو تعديل المادتين 36 و36 مكرر خطوة ضرورية لحماية تاريخنا وصيانة حقوقنا.



