أخباربأقلامهم

الدكتور حسنى أحمد مصطفى” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” التصارع والمنافسة فى ظل تحديات المناخ والموارد

في يوم 21 يوليو، 2025 | بتوقيت 1:00 مساءً

تنوعت التوجهات والأفكار التي تتناول الصراع في الفلسفات الإنسانية، متناولة مفهوم الصراع على أنه فعل دائم الوجود، وحيث إن لوجود مبدأ الصراع ضرورات منطقية توجهه تنطلق من العديد من التصورات والالتزامات والأسباب، في تجريدها منطق على درجة عالية من القبول، وعليه يكون الصراع موجود في الواقع بسبب ظروف الواقع نفسه، غير أنه – دائمًا – ما يأتي بصورة مباشرة ممزوجًا بالكثير من التبريرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعديد من التبريرات الأخرى.

وتفترض العديد من الأفكار أن المجتمع يعيش في حالة صراع دائم بسبب التنافس على الموارد المحدودة، وترتكز هذه التوجهات الفكرية على ثلاثة مذاهب: عدم المساواة الاجتماعية، والموارد المحدودة، والصراعات الموجودة بين الطبقات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.

فهل تتحقق فرضيات نظرية الصراع واقعًا معاشًا ما بين الثورات والحروب والتنافس في ظل عدم المساواة على جميع الأنساق الإنسانية المتشكلة ،القبيلة، الطبقات، الاقاليم، الدول، الامم؟، وطبقًا لهذه الرؤية يعد الصراع دافعًا لدى الإنسان لمحاولة البقاء في ظل الأزمات والظروف الصعبة؛ فحينها يصبح محركًا للبقاء الإنساني.

فالصراع من المنظور النفسي يشير إلى موقف يكون لدى الفرد فيه دافع للتورط أو الدخول في نشاطين أو أكثر لهما طبيعة مضادة تمامًا، أما ما يعنيه مفهوم الصراع من المنظور السياسي يشير إلى موقف تنافسي خاص يكون طرفاه أو أطرافه على دراية بعدم التوافق في المواقف المستقبلية المحتملة، والتي يكون كل منهما أو منهم مضطرًا فيها إلى تبني أو اتخاذ موقف لا يتوافق مع المصالح المحتملة للطرف الثاني أو الأطراف الأخرى، وعليه يكون الصراع في بعده الاجتماعي قد يستهدف ليس النضال بل أيضًا تحييد موقف أو إلحاق ضرر أو إزالة المنافسين أو التخلص منهم.

ومن الأهمية بمكان التفريق بين الصراع والتنافس، فالتنافس لا يتضمن رغبات متعارضة ذات أهمية عالية جدًا في إدراك صانع القرار السياسي، في حين يعكس الصراع حالة التصادم والتعارض في القيم، ويعكس الصراع حالة التعارض بين إرادات طرفين أو أكثر وفقًا لأنماط سلوكية ناتجة عن معارضة واعية ومتجذرة للتناقض القائم بينهما حول قيم ومصالح أو أهداف يصعب التوفيق بينها في الغالب.

وفي هذا السياق، لا أتناول نقدًا أو تحليلاً للصراع بكونه أطروحة فكرية أو نظرية سياسية واجتماعية؛ ولكن المرجو هنا ربط الدوافع والأسباب المؤدية للصراع في ظل المتغيرات المناخية بداية من الصراعات القبلية والطبقية رغبة في الحصول على أماكن للرعي ومياه للشرب والزراعة وصولاً إلى نطاق أوسع يستشرف تداعيات الصراعات الدولية محتملة الحدوث على موارد الطاقة وروافد المياه والمضايق والموانئ، والتي في الواقع نعيش أحداثها وتعاني العديد من الأنساق جراء نتائجها، هذه الصراعات التي تتدحرج مثل كرة الجليد قد تؤدي في النهاية إلى تصادم بين الحضارات الإنسانية، وقد يفضي هذا التصادم إلى إعادة تشكيل وبناء النظام العالمي في مستقبل وشيك الاقتراب.

هنا؛ ثمة تساؤل قد فرض وجوده في أذهان عديد من المهتمين؛ المتخصصين في الشأن السياسي والأمني والبيئي والاقتصادي والاجتماعي وكل ما يرتبط بشؤون الإنسان من قريب أو بعيد؛

هل بالفعل التغيُّر المناخي يدفع النسق الاجتماعي إلى التصارع والصدام، بدءًا من النسق الاجتماعي المحدود المتمثل في العائلية أو القبلية إلى التصارع والاقتتال من أجل موارد الغذاء والماء ومناطق الرعي؟،

هل يدفع التغيُّر المناخي الدول والأقاليم إلى النزاع المسلح من أجل مصادر المياه والطاقة وبسط النفوذ على المضايق والممرات المائية؟،

هل يدفع التغيُّر المناخي الأمم والحضارات بتنوع معتقداتها وثقافاتها وباختلاف أقاليمها المناخية إلى الصراع من أجل البقاء واستحواذ النفوذ؟،

هل سيتمكن التضامن الإنساني أن يفرض واقعًا تتجلى فيه قيم الإنسان العليا في تحدي فريد من نوعه؟،

هل يختبر التغيُّر المناخي وكوارثه الفوارق القيمية بين حضارات العالم ومعتقداته؟،

هل يضع التغيُّر المناخي التكتلات الدولية في مفاضلة بين مصالحها المحلية ومصالح شركاء الكوكب؟،

هل يفرض الواقع المستجد طبقًا للتغيرات المناخية ظواهر اجتماعية جديدة تدفع إلى مزيد من التحكم والتوجيه النخبوي القسري للمجتمع الإنساني؟،

هل ستتشكل التحالفات والولاءات بناءً على الجوع والتبعية؟!

تساؤلات تتشعب منها استفهامات؛ وكأننا أمام تصور فكري إنساني جديد ومغاير لهذا الذي ألفته البشرية ورسخته المصالح والقوى اشتراكية المذهب وليبرالية المعتقد على مدار السنين،

هذا التصور رغم مفارقاته المتنوعة جغرافيًا وأيديولوجيًا بتشعباته غير المتناهية؛ فإنه يحتم البحث والتنقيب عن التلاقي الإنساني المتأصل في جذور وجوده السرمدي، والذي لا يستطيع التوجه الفردي والوظيفي الإجابة عن تساؤلاته،

فالمستقبل هو الفيصل في التحقق من جميع الافتراضات المطروحة، هذا التحدي الذي يستوجب التلاقي الإنساني بكل ما يشتمل من مكونات لتقديم رؤية واقعية تنفيذية تتلاقى فيها المتناقضات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتتجلى بين ثناياها مراجعات صادقة لمواقف متشابكة على مدار عقود مضت في محاولة تُتجاوز فيها النزعات الأيديولوجية، فالقضية لا تخص دولة بعينها أو إقليم بخصائصه؛ إنما تحدٍّ يواجه بني الإنسان أجمع.

كاتب المقال 

الدكتور حسني أحمد مصطفى

” الدكتور حسنى أحمد مصطفى ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : الإصابات النفسية الإجتماعية ما بين السادية والمازوخية

” الدكتور حسنى أحمد مصطفى ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : الإصابات النفسية الإجتماعية ما بين السادية والمازوخية

” الدكتور حسنى أحمد مصطفى ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : الإصابات النفسية الإجتماعية ما بين السادية والمازوخية

” الدكتور حسنى أحمد مصطفى ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : الإصابات النفسية الإجتماعية ما بين السادية والمازوخية

” الدكتور حسنى أحمد مصطفى ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : الإصابات النفسية الإجتماعية ما بين السادية والمازوخية